عمرو زكى عبد المتعال يكتب: تعديل قرار خروج ودخول العملة الصعبة ضروة عاجلة

ركن القراء

عمرو زكى عبد المتعال
عمرو زكى عبد المتعال يكتب: تعديل قرار خروج ودخول العملة الص

إن قرار تنظيم دخول وخروج العملة الصعبة نقداً يعد قراراً صائباً فى مجمله ، إذ أن الدول المتحضرة تنظم دخول وخروج العملة نقداً لمحاربة تمويل جرائم كثيرة كغسيل الأموال ، الإرهاب وتهريب المخدرات وغير ذلك من الأعمال غير المشروعة بالإضافة إلى كونه ضرورة لتنظيم درجة السيولة النقدية الصحية اللازمة فى أى مجتمع ، كما أن ذلك التنظيم يستخدم فى بعد آخر لضبط المجتمع الضريبى ودرء التهرب الضريبى.

لا شك أن القرار التنظيمى سالف الذكر له مبرراته لكن هناك ضرورات إقتصادية وإجتماعية حالة تستوجب تعديله وذلك على التفصيل التالى:


أولاً: فى مسألة تنظيم دخول العملة الصعبة نقداً إلى البلاد

إن مصر تعانى من أزمة إقتصادية طاحنة وهى فى أمس الحاجة إلى كل ما يمكن توفيره وإدخاله إلى مصر من عملات صعبة دعماً للإقتصاد القومى ، وقد جاء القرار الخاص بتقييد إدخال العملة الصعبة نقداً قراراً مجرداً لم يراع الحقائق الواقعية والضرورات الإقتصادية وقد أدى ذلك المنع الجائر المجرد إلى تنضيب مصدر هام من مصادر الدخل بالعملة الصعبة ، ذلك أنه ليس كل من يدخل العملة الصعبة نقداً إلى البلاد مجرم فالضرورات الناتجة عن الإضطرابات السائدة فى العالم ومنها منطقة الشرق الأوسط قد لا تمكن النازحين ومعهم اموالهم المشروعة من النزوح والفرار دون تلك الأموال حيث يستحيل عليهم تحويلها عن طريق مصارف أو غير ذلك من الوسائل الإدارية وقد أباحت الكثير من الدول فى أمريكا واوروبا وأسيا وغيرها دخول الأموال الصعبة إليها نقداً رفقة المسافرين ، شريطة إثبات دخول تلك العملات فى إقرار رسمى يحرر حال الدخول يقر فيه محرر الإقرار بأن مصدر تلك الأموال مصدراً مشروعاً وتضمن الدولة الداخل إليها فى هذه الحالة للمقر الحق فى خروجه بتلك الأموال من إقليم الدولة إذا ما رغب وذلك بتقديمه صورة رسمية من ذلك الإقرار حال خروجه من إقليم الدولة التى دخل إليها بالعملة النقدية الصعبة وبذلك إستفادت دول كثيرة فى أمريكا الشمالية وأوروبا وأسيا ومنها دول خليجية من فرص إقتصادية وفرتها تلك الأموال الداخلة نقداً بمصاحبة المسافر الذى يقبل تحرير مثل هذا الإقرار.

إضافة إلى ذلك فإن الكثير من المجتمعات الشرقية مجتمعات نقدية والحجر على حرية المسافر بحظر دخوله بما يمتلكه من عملة صعبة نقداً فيه تضييق على الأفراد ويمكن حل ذلك بأسلوب يحقق الصالح الإقتصادى المصرى فلا تضيع من مصر عملات صعبة وفرص إقتصادية تستفيد منها دول أخرى ونحن فى آمس الحاجة إلى تلك العملة الصعبة ، وذلك الحل يتمثل فى إعلان الدولة بشكل واضح وصريح من خلال الوسائط الإعلامية والإعلانية والسمعية والبصرية أنه يجوز للمسافر القادم إلى جمهورية مصر العربية إدخال أية مبالغ نقدية بالعملة الصعبة بحوزته إلى إقليم جمهورية مصر العربية شريطة أن يحرر إقراراً رسمياً بذلك فى المنفذ الجمركى الذى يدخل منه مقرراً أن مصدر تلك العملة هو مصدر مشروع وأنه يتحمل بالمسئولية القانونية إذا ما ثبت أن مصدر تلك العملة غير مشروع وتضمن حكومة جمهورية مصر العربية فى تلك الحالة لذلك المسافر حرية الدخول والخروج إذا ما رغب فى ذلك بتلك العملة المثبتة بشكل قانونى وتتعهد بعدم مصادرتها أو الإستيلاء عليها أو التحفظ عليها ما لم يثبت أنها بموجب حكم قضائى أنها من مصدر غير مشروع.

وبذلك يكون للمسافر القادم الحرية فى الدخول بماله ويستفيد الإقتصاد المصرى من تلك الأموال ويحضرنى فى هذا المقام ان الكثير من الدول فى أمريكا الشمالية وأسيا وأوروبا قد أباحت للقادمين من معترك الحرب الأهليه فى سوريا الدخول بما يمتلكون من ثروات نقداً شريطة إثباتها فى إقرار رسمى حال الدخول إلى إقليم الدولة بل وفى أحيان كثيرة تغمض الدول أعينها عن الأموال الداخلة إليها نقداً ليستفيد إقتصادها.



ثانياً: فى مسألة تنظيم خروج العملة الصعبة نقداً إلى البلاد

إن تنظيم خروج العملة الصعبة من البلاد ضرورة إقتصادية ملحة فى مصر حالياً ووضع حد أقصى للمبالغ النقدية التى يتم الخروج بها يعد أمراً مفيداً للإقتصاد والحال كذلك فإن لكل قاعدة إستثناء فقد تستلزم ضرورات إدارية ، مصرفية ، تجارية ، صحية أو تعليمية خروج العملة نقداً مع المسافر إذا لم تتوافر الوسائل المأمونة لإستلامه لأمواله فى الدولة التى يتجه إليها لضرورة تجارية أو صحية أو تعليمية ومن ذلك إستشراء الجرائم فى تلك الدولة أو عدم وجود القنوات المصرفية المأمونة أو تعرض من يحول العملات إلى مصارف تلك الدولة إلى قيود بيروقراطية وفى حالات آخرى لإبتزاز صريح يؤدى إلى ضياع قسم كبير من الأموال المحولة (ويحدث ذلك فى كثير من الدول الإفريقية وبعض دول شرق أوروبا وأسيا) والرأى وفى تلك الحالات أن يباح للمسافر الخروج بالعملة الصعبة نقداً لضرورات صحية علاجية ، تعليمية أو تجارية شريطة الحصول على تصريح رسمى مسبق من الجهات الجمركية أو من البنك المركزى المصر بأسلوب إدارى ميسر مع وضع ضوابط واضحة لتلك المسألة.

إن تنظيم أية مسائل إجتماعية إقتصادية أو سياسية لابد أن يكون دون إفراط أو تفريط وفى مسألة دخول العملة الصعبة لا يجوز لمصر ونحن فى ضائقة إقتصادية ان تكون مصر ملكية أكثر من الملك فتضيع مصر مورداً هاماً للنقد الأجنبى قادم إلى البلاد وتستفيد منه غيرها من الدول أو تضيق على مواطنيها الخروج بالعملة نقداً إذا ما كانت الضرورة تبيح ذلك شريطة التنظيم .