نادية صالح تكتب: فى وداع صفاء حجازي

مقالات الرأي



أشياء وصور كثيرة مرت أمامى بعدما بدأت كتابة هذه التأملات الحزينة، مازلت لا أصدق هذا الرحيل السريع للعزيزة الغالية «صفاء حجازى»، توالت الصور فى ذاكرتى وكأنى أراها فى يومها الأول فى ماسبيرو هذا الذى لم يغيره الزمان -وربما تغير- المهم مرت فى ذاكرتى «صفاء» الشابة.. المليحة.. صبوحة الوجه..، جاءت من المنصورة إلى الإذاعة.. وفى «البرنامج العام» وبمراقبة المنوعات كان تعيينها الأول.. وفى الحجرة رقم 428 بالدور الرابع قضت (صفاء) الغالية سنواتها الأولى بيننا، وأظن أنها لم تتعد ثلاث سنوات.. لكن نشاطها كان واضحا وقدمت خلال هذه الفترة برنامجا رمضانيا قصير أعده لها الكاتب الصحفى الراحل بجريدة الأخبار نبيل عصمت وكان بعنوان «كشف حساب»، وبعد هذه السنوات القصيرة نقلت إلى التليفزيون، وسطع نجمها فى برنامج حقق نجاحا ملحوظا بعنوان «بيت العرب»، ولم يخب نجم صفاء حجازى بعدها بل ظل يسطع ويسطع وأصبحت قارئة نشرة أخبار من الطراز الأول وأظن أن نجاحها فى قراءة نشرة الأخبار وضعها فى قائمة المتميزات الأوائل مثل همت مصطفى وزينب الحكيم وسميرة الكيلانى، وللحق كانت الأضواء حول صفاء حجازى تحمل نجاحا وتميزا لم يخل من احتراق صاحبته بنيران من الغيرة وغيرها ولعلها ضريبة يدفعها كثيرا «الناجح» أو الناجحة فى ماسبيرو وربما فى مصر كلها...

ولأننى واحدة ممن ساروا ومازال مشوارى مستمرا فى ماسبيرو «العتيق» والعريق أيضا أكتب اليوم عن زميلة غالية وأخت أصغر طالما اعتبرتها كذلك فنحن «بلديات» من المنصورة، وقد ذهبت إليها واقتربت منها اكثر بعدما عانت من خطأ فى نظام غذائى قامت باتباعه يوما حتى تعرضت حياتها للخطر، ولكن معجزة من السماء أنقذتها وعادت إليها حيويتها وعادت إلى نشاطها من جديد وظلت حتى ترأست قطاع الأخبار بالتليفزيون وحققت نجاحا ملحوظا أهلها لتكون على رأس اتحاد الإذاعة والتليفزيون فى فترة عصيبة من فترات هذا الاتحاد وفى تلك المرحلة من ظروفنا السياسية والإعلامية الصعبة، وللحق كانت صفاء تحمل خططا ومشروعات طموحة بعد سنوات من الخبرة ولكن الاقدار لم تمهلها فقد داهمها المرض لأكثر من ثلاث سنوات، وقاومته بإرادة حديدية حقا، وخضعت للعلاج المكثف حتى اشتد المرض واضطرت للسفر إلى فرنسا عدة أيام عادت بعدها إلى وطنها وظلت تقاوم وتتحدى الألم عدة أشهر.. لكننا جميعا على موعد مع أقدرانا وهكذا كانت صفاء على موعد مع القدر فى اليوم الأول من شهر رمضان الكريم حيث صعدت روحها إلى بارئها...

ويا أيها السادة -إذا سألنى أحدكم عن حالى طوال هذه السنوات مع زميلة عزيزة وغالية.. رأيتها منذ اليوم الأول فى حياتها العملية وظلت تربطنا زمالة طيبة ومحترمة، احترمت فيها كفاحها وإصرارها وانتصارها لمعجزة أولى على معاناتها الأولى جعلتنى اتصور أنها ستكون على موعد مع معجزة أخرى تنقذها من آلام مرضها الأخير.. ولكن خاب ظنى وهزم المرض صفاء حجازى هذه المرة ولكن بعد أن تركت حكايتها عبرة لمن يعتبر..ولنتذكر دائما أن الحياة قصيرة ولكن الأثر والعمل والتفانى فيها يجعلها حافلة وخالدة بالأعمال الجليلة.. ولذلك ومهما كان حزننا على فراقك ياغاليتى وغالية ماسبيرو سيظل فى وداع صفاء حجازى تقدير واحترام لمشوار إعلامى مشهود له وأصيل لن يمحوه الزمان.