منال لاشين تكتب: أزمة تيران وصنافير من تانى

مقالات الرأي



■ "دعم مصر" يطمئن نوابه: مفيش جلسة على الهواء وماحدش هيعرف النواب اللى وافقوا على الاتفاقية

■ مناقشة الاتفاقية فى رمضان تضفى مزيدًا من الشكوك حولها

■ وأساطين القانون يعدون فى السر ردًا على حكم الإدارية والقضاء العادى الذى أعدم الاتفاقية

■ بعض الخبراء قلقون من تأييد الاتفاقية علنا فى المجلس.. وثلاث جهات ترشح المتحدثين فى جلسات الاستماع


كل شىء فى هذا الملف يتم فجأة ودون تحضير الساحة أو المشهد لما يحدث. فى إبريل قبل الماضى ظهرت اتفاقية تيران وصنافير فجأة. ودون إعلام أو إعلان مسبق. وحدها اتفاقية تيران وصنافير جرى إبعادها عن المؤتمرات الصحفية واللجان المشتركة بين مصر والسعودية.

ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه لأننا لا نستمع إليه فى المرة الأولى، وربما أن البعض يكرر أخطاءه لأنه لم يتنبه للخطأ فى المرة الأولى.

مرة أخرى تتزايد التوقعات ببدء البرلمان مناقشة الاتفاقية الأسبوع المقبل، أى فى شهر رمضان. والناس مشغولة بالصيام والمسلسلات والنواب أنفسهم مشغولون بدوائرهم وإقامة موائد الرحمن وحفلات الإفطار. باختصار مناقشة أو مداهمة الناس باتفاقية تيران وصنافير فى رمضان سوف تعيد أخطاء الماضى القريب جدا. فى قضية شديدة الحساسية ولا تحتمل مزيدا من الأخطاء. قضية يختلط فيها السياسى بالقانونى والعاطفى بالعقلانى.


1- استعدادات برلمانية

بعد حكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان اتفاقية تيران وصنافير، أصبح الوضع الصعب وضعا بالغ الخطورة والصعوبة. فمن الناحية الجماهيرية ثمة أعداد متزايدة من المصريين باتت تؤمن بأن الجزيرتين مصريتان بحكم محكمة. ومن الناحية القانونية هناك قانونيون لديهم تحفظ قانونى ودستورى لمناقشة الاتفاقية فى البرلمان بعد حكم الإدارية العليا. هذه الفئة ترى أنه حتى لو كانت الجزيرتان سعوديتين، فإن حكم الإدارية العليا يغل يد البرلمان عن مناقشة الاتفاقية. وذلك من حيث المبدأ الدستورى والقانونى.

ثم جاء حكم محكمة استئناف القاهرة برفض الطعن فى حكم الإدارية ليضع مزيدا من الحرج على البرلمان.

فى ظل كل هذه الظروف وبالإضافة إلى رفض قطاع لا يستهان من الشباب إلى الاتفاقية. فى ظل هذه الظروف على البرلمان أن يستعد جيدا، وأن يخطط بمنتهى الدقة والذكاء وربما الخبث لتناول هذا الملف الشائك.

أول هذه الاستعدادات هو تجهيز شرح وافٍ لبنود الاتفاقية مع توزيع الاتفاقية أو بالأحرى نصوصها على كل النواب. وترك فرصة لهم لقراءة بنود الاتفاقية ثم الشرح المبسط لها.

ثانى هذه الاستعدادات وهو يجرى فى سرية تامة، اختيار خبراء من قطاعات مختلفة للمشاركة فى جلسات الاستماع التى ستعقد فى البرلمان لشرح الاتفاقية. خبراء سياسة وجغرافيا وتاريخ. ومن بين هؤلاء الخبراء بعض من الخبراء القانونيين الدوليين الذين شاركوا فى صياغة الاتفاقية.

وكان بعض الخبراء قد رفضوا المشاركة فى جلسات الاستماع بحجة البعد عن السياسة، ولكن السبب الرئيسى هو رغبتهم فى تجنب النقد الشديد لو أيدوا الاتفاقية علنا. وفى جلسات قد ينقل التليفزيون المصرى بعضا من وقائعها.

فمن المتوقع أن يحرص قيادات البرلمان على نقل جانب من لجان الاستماع فى التليفزيونات والفضائيات. وذلك لنفى اتهامات المعارضين للاتفاقية بأن البرلمان سيسلق الاتفاقية.

ولذلك فإن اختيار الخبراء هو أحد أهم القضايا شديدة الأهمية فى هذا الملف الشائك. ولذلك فإن هناك ثلاث جهات تشارك فى اختيار الخبراء الذين سيشاركون فى جلسات استماع داخل البرلمان. فهناك خبرات وقدرات خاصة يجب أن يتمتع بها هؤلاء العلماء غير العلم والكفاءة. من بين الخبرات القدرة على شرح الموضوع بطريقة واضحة ومبسطة، وبالمثل القدرة على احتمال سخافة المعارضة والرد على تساؤلاتهم أو بالأحرى اعتراضاتهم. والقدرة على الاحتفاظ بتركيز عال فى ظل تصاعد الأحداث داخل لجان الاستماع مثل الخناقات أو الصراخ. وبحسب مصادر برلمانية لم يتم الاستعانة بخبراء قانونيين أو دوليين من ترشيح نواب المعارضة. أو السماح بدخول خالد على أو عصام الإسلامبولى أو غيرهما من الشخصيات الذين يرشحهم نواب المعارضة.

وسيكون على رأس الخبراء المؤيدين للاتفاقية الدكتور مفيد شهاب لشرح الاتفاقية.

وبعيدا عن دهاليز البرلمان تم الاستعانة بعدد من كبار أو أساطين القانون الإدارى والدستورى للرد على حكم المحكمة الإدارية العليا من ناحية، وتبرير مناقشة الاتفاقية بعد الحكم ببطلانها من ناحية أخرى. ولكن معظم هؤلاء الأساطين لم يحضروا جلسات الاستماع لأسباب متنوعة.


2- مخاوف العلنية

أسوأ كابوس لدى معظم النواب فى دعم مصر والأحزاب الموافقة على الاتفاقية هو العلانية. وهو أمر لا يعانى منه المعارضون، فنواب المعارضة يطالبون بعرض الجلسة على الهواء والتصويت بالاسم حتى يعرف الشعب موقف كل نائب من التخاذل فى حماية الأرض بنص كلمات المعارضة.

وبعض النواب المشاهير يساندون طلب المعارضة فى علنية الجلسة، لأنها لحظة تاريخية يريدون حفظها، وربما استخدامها.

ولكن بحسب مصادر فى دعم مصر (طلبت عدم ذكر اسمها) فإن الائتلاف سيرفض علنية التصويت بالاسم وسيلجأ للتصويت الإلكترونى. وأضافت المصادر أنها أبلغت نواب دعم مصر بأن التصويت سيكون إلكترونيا لعدم التشكيك فيه. ولن يكون بمقدور أحد من أبناء دوائرهم معرفة موقفهم من التصويت، أو بالأحرى معرفة النواب الذين سيوافقون على الاتفاقية.

وفى إطار اعتماد التصويت الإلكترونى فيجب أن تبدأ جلسات مع النواب لحثهم على التصويت وضمان حشد النواب للموافقة على الاتفاقية. وفى ذلك الإطار تتهم المعارضة الأمن بالتدخل للضغط على النواب للموافقة على الاتفاقية. وقد كتب الدكتور محمد أبوالغار الرئيس السابق للحزب المصرى الديمقراطى على الفيس بوست بهذا المعنى. وقال بشكل مباشر أن بعض أصدقائه من النواب فى دعم مصر أخبروه بهذه القصة. قصة تدخل الأمن لإقناع النواب فى اجتماعات مصغرة لتمرير الاتفاقية.

والمشكلة ليست فى حق كل طرف فى ضمان تحقيق هدفه، ولكن أسوأ ما فى الأمر هو اختيار شهر رمضان لتمرير الاتفاقية. فهذا أمر يزيد من الشكوك حولها، والمسألة مش ناقصة. نحن أمام اتفاقية خطيرة يجب حساب كل خطوة بحكمة ودقة متناهية. فالفتنة لا تزال رغم كل شىء نائمة.