عزة هيكل تكتب: فوضى إعلانات الزكاة والصدقات‎

ركن القراء

عزة هيكل
عزة هيكل



هل يوجد فى العالم أجمع هذا النموذج المبكر من الإعلانات التى تدفع الناس دفعاً إلى التبرع باسم الدين وباسم الفريضة وباسم ركن من أركان الإسلام ألا وهى الزكاة والصدقة حتى يكتمل الايمان وحتى يؤدي المسلم ما له وما عليه من فرائض حتى زكاة عيد الفطر أصبح لها إعلان.. هذه الأموال التي يجبرون المشاهدين على دفعها تحولت إلى سبوبة إعلانية ومهنة جديدة يدخل فى دائرتها المؤسسات الخيرية الخاصة بالصحة وأخرى بالبناء وأخرى بالطعام والجديد والملابس والورق وتقوم شركات إعلانات بدراسة جدوى للمشروع والإعلان وتضع فريق عمل كامل متكامل من منتجين ومصورين وممثلين ومغنيين وملحنين وتسويق وتهريج وتهليب وكله باسم الدين وباسم الفريقين والدين واللعب على مشاعر البشر ونقاط ضعفهم وهذه الهوجة الإعلانية منتشرة على القنوات الخاصة وعلى شبكات التواصل الاجتماعى والموبايل واقتحم عرينها كل المطربين والمطربات الذين يجدون فيها فرصة للظهور وبصورة أهل الخير والتقوى والرحمة وكله من جيب الغلابة وباسم الغلابة وعلشان الغلابة لكن فى النهاية ملايين الجنيهات تذهب للإعلانات والشركات وللمؤسسات التى أصبحت حكومة موازية لوزارة الصحة والتموين والإسكان.
ما هو دور المجلس الأعلى للإعلام فيما حدث ويجرى وهل هناك أى جهة رقابية على تلك الشركات الإعلانية وما مدى المساحة المسموح بها والوقت المفترض لأى منتج على القنوات الخاصة والتى طغت على تليفزيون الدولة مثل الوحش الكاسر المفترس تلتهم الحصيلة الإعلانية وتلتهم الأموال ونسب المشاهدة وتدمر الواقع والسلوك والأخلاق التى لا يعرف لها رقيباً ولا حسيباً.. أين وزارة الصحة مما يحدث وكل تلك المؤسسات الصحية تابعة بالإشراف الفعلى للوزارة؟ أم أن هذه المؤسسات هى البديل الجديد لدور الحكومة والتأمين الصحى والمستشفيات الحكومية والجامعية؟ تلك مشكلة كبرى تفتح أبواب الاستغلال والجشع والتربح وتقلل من هيبة ومكانة الدولة وتجعل المواطن يسأل لماذا الضرائب.. ولماذا أصلا هناك وزارة للصحة ولماذا تأمين صحى يستنزف موارد خزينة الدولة من مرتبات للموظفين لا تكفى قوت يومهم ومرتبات أطباء تهين من مكانتهم العلمية وتدفعهم إلي سبل أخرى لكسب العيش وقد تكون باباً خلفياً لتجارة بيع الأعضاء كل هذا لأنه ليست هناك سياسة واضحة للتأمين الصحى تطبق على جميع المصريين المواطنين لا فرق بين مسلم عليه زكاة أو صدقة أو مسيحي ليس عليه تلك الفريضة.
إن تلك الإعلانات المسيئة للمصريين والتى تصور المجتمع بأنه مجتمع فقير عاجز وأن حكومته غير قادرة على تلبية احتياجات مواطنيها وأن هناك انفصالاً تاماً بين المواطنين والحكومة والمجتمع المدنى والذى هو الوحيد القادر على إنقاذ المصريين من السرطان والحروق والأمراض وبناء المنازل وإطعام الفقراء وكسوتهم بالملابس وإمدادهم بالأوراق !.. ما يحدث على شاشة الإعلام المصري يسيء إلى الإعلام وإلى الحكومة وإلى المواطن ولا يساعد على بناء وطن سليم على أسس اجتماعية محددة الملامح وإنما يقدم المجتمع بصورة مشوهة ومتدينة مليئة بالفوضى فيفقد المواطن بوصلة التوجه إلى الخير وإلى المشاركة المجتمعية الجادة والبناءة التنموية ولهذا فإن تلك الإعلانات وهذه المؤسسات صارت منفرة وطاردة حتى ولو كان الغناء جميلاً والموسيقى عظيمة والممثلين نجوماً ونجمات ...رمضان ليس شهر الخير والزكاة والصدقة والملابس القطنية