طلاق ما بعد الستينات.. يدق ناقوس الخطر على العالم العربي الإسلامي

الفجر الطبي

أرشيفية
أرشيفية


يشهد مجتمعنا العربي الإسلامي تنامي ظاهرة خطيرة من شأنها تفكيك كل أواصر المحبة بين أفراده وزعزعة تماسك بنيانه، فمن الطلاق بعد زواج يوم واحد أو أيام معدودات إلى الخلع الذي ارتفعت نسبته مؤخرًا بشكل فاق حدود التصورات إلى انهيار عشرة سنوات في آخر اللحظات أو ما يعرف بطلاق ما بعد الستينات، وهو موضوع ملفنا الذي حاولنا من خلاله تتبع خطوات الأزواج المسنين لمعرفة الأسباب الموصلة لاتخاذ وتنفيذ هذا القرار اللامتوقع والنتائج المترتبة عنه بعد مسيرة حياة مشتركة مليئة بالتضحيات.


الأسباب كثيرة والسبب الجنسي هو الرئيسي:

إن جئنا نبحث عن أسباب حدوث الطلاق بعد عشرة تفوق الثلاثين سنة، فسنجد بأنها كثيرة ومتنوعة، لكن يأتي في مقدمتها السبب الجنسي الذي يعتبر الهادم الأول للبيوت، حيث يؤكد الأخصائيون الاجتماعيون ورجال القانون وحتى الناس العاديون بأن مكمن الخلل في الزوجة المتقدمة في السن والتي تصبح حريصة بدخولها مرحلة منتصف العمر على حرمان زوجها من حقه المشروع في المعاشرة رغم مطالبه الملحة باعتبار أن الرجل ليس كالمرأة، ففي الوقت الذي تثور شهوته وتزيد رغبته، تصاب هي بالبرود التام أو في أغلب الأحيان.. هذا و تزيغ عيون رجال كثر في أواخر العمر، وتصيبهم حمى التجديد فلا يعودوا يشعرون بمتعة العيش في أحضان عجوز مترهلة، فقدت خصوبة جسدها وأصبحت كالسم القاتل توهن القوى وتسد شهية النفس، أما باقي الأسباب فهي مجرد مبررات واهية أو زلات لحالات استثنائية وقليلة، تقول المحامية "ع. شهرزاد" : " يحصل الطلاق غير المتوقع بين شيخ وعجوز لأسباب جنسية محضة، لأن معظم هؤلاء الشيوخ يعيدون الزواج فور انتهاء الرابطة الزوجية أو قبل ذلك اعتمادا على عقد عرفي مؤجل التوثيق في انتظار التخلص من الزوجة التي لم تعد صالحة للمعاشرة، أيضا قد يحصل دون تخطيط في حالة الغضب مثلا ونظرا لتراكمات كثيرة لمشاكل بعمر العشرة".

من جهتها تضيف المحامية "ج، فريدة" سببا آخر تقول بأنه في غاية الأهمية وهو مرض الزوجة وتقدمها في السن وعدم قدرتها على خدمة زوجها الذي قد يكون عاطلا عن الحركة فيبحث عمن تقوم بشؤونه ويرمي رفيقة دربه خارجا بعد انتهاء مدة صلاحيتها مع أنه بالمثل على وشك توديع الحياة، أما المختصة النفسانية "أ، فريدة" فترى بأن انحياز الزوجة لأبنائها عند كبرهم واعتمادها عليهم في كل شيء يجعل الزوج يشعر بالإهمال وضياع القوامة بحيث يلجأ عن كامل قناعة وثقة إلى البحث عن شريكة جديدة لحياته المتبقية وكله أسف على حاله كونه أحيل على الهامش، بالإضافة إلى الخيانة التي تلعب دورا مهما في خراب البيوت بغض النظر عن عمر العشرة.. ومهما أحصينا الأسباب وعددنا الدوافع تظل العينات التي يزخر بها الواقع، هي ترجمان كل الحالات وعليه اخترنا لكم بعضا منها لتكون الصورة أوضح وأشمل.


حياتنا انتهت في رمشة عين!

من بين السيدات اللواتي انهارت أمام أعينهن عشرة سنوات ولم يجدن بدا من الرجوع إلى بيوت آبائهن وأهاليهن محمّلات بالخيبة ليكن عالة على إخوانهن وزوجاتهم، تقف خالتي "الزهرة" ذات السادسة والخمسين ربيعا على أطلال ذكرياتها السعيدة مع زوج شاركته الحلو والمر طيلة 40 سنة لتطرأ على ذهنه فجأة فكرة الطلاق دون سابق إنذار ويقرر رميها هي وأولادها إلى الشارع ليذهبوا أين يحلو لهم والمهم أن لا يعودوا إليه لأنه لم يعد بحاجة إليهم، وعن ذلك تقول: "تزوجت به وأنا ابنة السادسة عشرة سنة، أما هو فكان في التاسعة والعشرين.. رباني على يديه وغمرني بمشاعر صادقة حولته إلى أهم شخص في حياتي.. كنت أعتبره الأب، الأخ، الزوج والحبيب، ولم أكن أجرؤ على مخالفة أوامره أو حتى رفع صوتي عند الكلام في وجهه.. عشنا معا سنوات طويلة أنجبنا خلالها 5 أولاد ذكور، أكبرهم في 35 من عمره وهو مهندس في الإعلام الآلي، فرّ من المنزل مع بداية المشاكل بيني وبين والده إلى المجهول والمرجح أنه ذهب مع "الحرّاقة" إلى إسبانيا ـ حسب شهادات كثيرة ـ أما باقي إخوته فوقفوا إلى جانبي وكانوا يدفعون الظلم عني حتى قرّر الزوج الوفي والوالد المثالي طردنا إلى الشارع وتملص من كل مسؤولياته نحونا وتركنا بلا مأوى".

وبخصوص سؤالنا عن مصير الأسرة بعد كل هذه المشاكل، تتهند خالتي "الزهرة" تنهيدة عميقة، تعكس حجم الكارثة التي ألمت بها في أواخر عمرها على حدّ تعبيرها وتضيف: "أنا في منزل أخي الأصغر من يوم طلاقي، أنام في المطبخ بسبب ضيق المكان، وبصراحة أشعر بأني حمل ثقيل عليه وعلى زوجته حتى وإن أظهرا العكس، وهذا طبعا بعدما طردني أخي الأكبر بطريقة غير مباشرة، أما أولادي فهائمون على وجوههم في الشوارع، كل في مكان.. واحد ينام عند صديقه وآخر ينام في المحل الذي يعمل فيه، واثنان كانا يدرسان في الجامعة تركا كل شيء وهما الآن ينامان في شاحنة خالهما ليلا، أما نهارا فيجوبان الشوارع بحثا عن عمل، أما ابني الأكبر فيعلم الله إن كان حيا أم ميتا؟.. حياتنا الأسرية انتهت في رمشة عين وكل ذلك الحب والعطاء المتبادل طيلة 40 سنة تهدم على عتبة الغموض أو بالأحرى الخيانة لأنني علمت بعد ذلك أنه كان متزوجا بطريقة عرفية من أرملة لديها النقود، أغرته وجذبته إليها وربما تكون هي من طلبت منه التخلص منا ليخلو لها الجو.


فجّر قنبلة في وجوهنا!

بنفس المرارة، تروي لنا السيدة "فاطمة" حكاية مأساتها بعد سنوات من الصبر والتضحية عاشتها في كنف رجل شهواني كان يرهقها بكثرة المعاشرة ويحطم على رأسها البيت بما فيه إن هي صدته يوما أو تظاهرت بالتعب والمرض، ولما قررت أن تحصل على التقاعد الجنسي لفترة من الزمن، حصلت معه على الطلاق وهي في ال52 أما هو ففي ال61 من عمره، وعنه تقول: "طيلة 34 سنة، وأنا محتملة له ولرغبته المحمومة في إتياني عدة مرات في اليوم، لكن في الأربع سنوات الأخيرة أصبحت أنفر منه ومن ذلك الأمر ككل لأنني فعلا تعبت وسئمت ما فتح عليّ باب جهنم لأنه لم يهضم فكرة ابتعادي عنه ونومي في غرفة بناتي.. كان يدخل بالصراخ وحين أضع أمامه مائدة الأكل يقلبها رأسا على عقب، وبالمثل قلب علينا حياتنا.. سايرته في البداية واستجبت له مرات عديدة لكن ذلك لم يرضه وفي مرة من المرات اشتد غضبه بعدما عاندته فرمى عليّ الطلاق بالثلاث وحرّمني على نفسه ورغم أنه شعر لاحقا بالندم، إلا أنه طلب مني مغادرة بيته لأنه لم يعد لي حق فيه، وعلى جناح السرعة أعاد الزواج بامرأة تصغره ب 18 سنة ولما أنكر عليه الناس فعلته راح يشوّه صورتي في نظرهم دون مراعاة للعشرة، حيث أخبرهم بأنني لا أهتم بنفسي ولا أستحم بالأسبوع وبأن رائحة العرق تفوح مني ومع ذلك أتكبّر عليه وأمنعه من حقه، فساندوه وأعطوه الحق رغم أنهم يجهلون التفاصيل، لكن حسبي الله ونعم الوكيل فيه، لأنه فجّر قنبلة في وجوهنا وأخرجنا من بيتنا وزاد تحريك القيل والقال علينا في أواخر عمرنا".


الوضع الجديد يتطلب امرأة جديدة!

وعلى خلاف خالتي "الزهرة" والسيدة "فاطمة" لم تكن تشتكي السيدة "ذهبية" من وجود مشاكل من هذا النوع مع زوجها، لأنه قليل الرغبة في ممارسة الجنس، لكن ما جعل عشرة سنوات تذهب إلى سلل المهملات هو فارق المستوى التعليمي بينهما، فهو طبيب مختص في الجراحة، أما هي فلم تضع قدمها في الثانوية، لأنها لم تحصل على شهادة التعليم الأساسي، وعن بداية المشاكل بينهما تقول: "أعماه جمالي فخطبني، رغم أنني لا أناسبه من حيث المستوى.. حين تزوجنا كان مجرد موظف بسيط في قطاع عمومي وبفضل مساعدة أهلي له تمكن من فتح عيادة خاصة، أدرّت عليه بالربح الوفير وحوّلته إلى رجل غني وطبيب شهير يقصده الناس بالمئات في اليوم.. أمام هذا الوضع، كان لزاما عليه أن يجد من يساعده، فاختار طبيبة مثله وحصل نوع من التقارب بينهما، نتيجة طبيعة عملهما ونشأت بينه وبينها عاطفة قوية لم يستطع أن يصمد أمامها، فبدأ يتهجم عليّ ويشعرني بأنني أقل مستوى منه رغم أنني عشت معه 35 سنة في راحة وهدوء.. أصبح يجرحني بالكلام القاسي ونحن في ذلك العمر المتقدم، هو في الثانية والستين، وأنا في الخامسة والخمسين، أما الحبيبة اللبيبة والتي نصبت شباكها جيدا كي توقع بطبيب لامع، صنعت نجاحه بيدي وبنقود والدي، فهي شابة عمرها 31 سنة فقط !.. لم أستطع أن أفهم شيئا وطلبت منه أن يفهمني فقال بكل برودة: "الوضع الجديد يتطلب امرأة جديدة في المستوى".. حطمني بهذه الجملة وزاد من ألمي حين أخرجني من المنزل بالقوة.. ذهبت عند ابنتي ولما لاحظت استياء زوجها من الأمر، اتجهت إلى منزل ابني، فقابلتني زوجته بالمعاني السامة، والآن أنا عند أخي في انتظار قرار المحكمة بعد حصول الطلاق ويا عالم ما سيكون مصيري، فأنا جدّ خائفة لأنه لا حق لي في المسكن بحسب ما قال المحامي".


بنيت معه المنزل حجرة بحجرة:

في مكان آخر من هذا المجتمع العليل الذي يحوي في كنفه آلاف الحكايات المؤلمة، تجلس الحاجة "خيرة" على ركام من الهموم وأطلال من الآلام التي حذفتها إليها الحياة في لحظة زمنية خاطفة حطمت كل أسوار الثقة بداخلها اتجاه الرجال وزلزلت من تحت أقدامها أرض المشاعر الطيبة لتجعل أربعين سنة من العشرة تنهار فوق رأسها، وتوقظها من حلم جميل تحوّل فجأة إلى كابوس مرعب بطله زوج ناكر للجميل أحبته بكل جوارحها وساعدته وساعدته في بناء عش الزوجية حجرة بحجرة، فكان جزاؤها أن رماها خارجه بأمر من المحكمة بعد طلاقها وأحضر أخرى لتستمتع بتعب وشقاء عمرها، وعن خيبتها الكبيرة تقول: "من يصدّق أن يطالني "التبهديل" وأنا في أواخر عمري؟.. منحته الحب، النقود، الذرية الصالحة، وكل شيء ومع ذلك طعنني بقسوة.. كنت وفية له في حضوره وفي غيابه، أما هو فكان ممثلا بارعا.. لم يتكن يتوانى لحظة عن تذكيري بضرورة التعاون في الحياة بين الزوجين لتنجح علاقتهما وكنت أنا مؤمنة بذلك ولذلك كنت أعطيه مرتبي كاملا ليضمّه إلى مرتبه وهكذا نرفع من مستوانا المعيشي.. بنينا معا بيتا جميلا لم نكن حتى نحلم به واشترينا سيارة وزرنا البقاع المقدسة سويا وعلمنا أبناءنا واطمأنينا على مستقبلهم وحين زوجنا الإبنة الصغرى ولم يبق لنا ما نخاف عليه، أشهر في وجهي سلاح الطلاق وكاد يقتلني لأني رفضت الخروج من منزلي.. قاومت وقاومت لكني استسلمت أخيرا وخرجت مكرهة بعدما تسبب في كسر ساقي وذراعي.. غيّر أقفال الأبواب وبدا له أن يعيد الزواج والمحكمة ساندته ولم تنصفن، فهل عدل أن يكون الشارع هو جزائي بعد كل هذه السنوات من التضحية؟.. حقا القانون الجزائري جائر جدا ولو كان فيه القليل القليل من الرحمة لحفظ كرامة المرأة التي أصبحت تهان على "شيبها".


واقع يلفه الغموض:

بعد هذا الطرح المبسط لمشكلة حقيقية تكاد تعصف بالأسرة الجزائرية، خلصنا إلى نتيجة هامة مفادها أن واقع الأزواج المسنين والسائرين في طريق الشيخوخة بالفعل بات محاطا بكثير من الغموض وإلا ما الداعي للتضحية "بعشرة العمر"؟.. أهو التسرع أم الأنانية أم قلة الوفاء، أم أن كل هذه الأمور مجتمعة هي سبب المحنة؟.


الجانب القانوني يؤكد:

هناك ثغرة كبيرة والمرأة هي الضحية

ترجع المحامية "س. نصيرة" كل المشاكل التي تحصل بعد الطلاق في عمر الستينات والسبعينات إلى وجود ثغرة فادحة في قانون الأسرة، الذي لا يقدم الحماية اللازمة للمرأة ويجعلها تخرج من معترك الحياة الزوجية صفر اليدين، حيث تنص المادة 65 منه على ما يلي: "تنقضي مدة حضانة الذكر ببلوغه 10 سنوات والأنثى ببلوغها سن الزواج وللقاضي أن يمدد سن الحضانة للذكر إلى 16 سنة إذا كانت الحاضنة أمّا لم تتزوج ثانية" ولذلك فهي تقول: "مستحيل أن يكون هذا القانون في صالح المرأة، لأنه يحوي ثغرة كبيرة والرجال يستغلونها لصالحهم، لأنهم باتوا على علم بكل التفاصيل، لذلك فهم يؤجلون مشروع إعادة الزواج إلى حين يكبر الأبناء ويكون بوسعهم الاعتماد على أنفسهم وعندئذ يصبح المنزل من حق الزوج وحده فيهدم عشرة سنوات في لحظات دون أسف".

هذا وتؤكد المحامية "ب. نوال" أنه تأتيها حالات كثيرة جدا لأزواج فاقت العشرة بينهم الثلاثين والأربعين سنة، ومع ذلك يقررون وضع حد للعلاقة الزوجية من أجل تنفيذ مشاريعهم المعلقة التي لا تحلو إلا في أواخر العمر، وهنا تقول: "في الغالب تجد المرأة نفسها في الشارع أو تعود لبيت أهلها بعدما يصدر قرار بأحقية امتلاك الزوج لمنزل وهذا ظلم كبير، لأنها قد تكون شاركته في عملية البناء "حجرة بحجرة" ودينارا بدينار كما حصل لسيدة زارتنا مؤخرا وهي تبكي بحرقة لأنها بدأت مشوار حياتها من الصفر مع زوجها وساعدته ماديا وشاركته الحلو والمر من أجل تحسين مستواهم المعيشي ولما قضت معه ما يفوق نصف عمرها رماها خارجا هي وأولادها وزوجاتهم وتزوج بأخرى وهو في مرحلة متقدمة جدا من العمر !".

من جهة أخرى يرى المحامي "ب. محمد" أن ظاهرة الطلاق بعد الستينات أصبحت أمرا شائعا في مجتمعنا نتيجة الانفتاح على ثقافات الغير وسيطرة النزعة المادية على العلاقات الأسرية وانتشار الفتن وتيسّر سبل المتعة في الحرام، وعليه فقد تراجعت كل معاني المودة والرحمة والسكن لتحلّ محلها الحسابات والمصالح وتتحطم كل الأسرة بتحطم العشرة وعن هذه النقطة بالذات يقول: "المرأة هي الضحية الوحيدة في النهاية، لأنها تخرج كسيرة ذليلة من بيت تكون ربما قد ساهمت في بنائه، ومن المفروض أن يتم العمل على إيجاد حل لأولئك النسوة اللواتي تضيع كل حقوقهن بعد الطلاق في عمر متقدم، لأنهن يذهبن للشارع أو لدار العجزة أو يعدن لبيت أهاليهن ذليلات".

عن الحلول المقترحة لتفادي المشاكل المترتبة عن هذا الطلاق غير المتوقع، ترى المحامية "س. نصيرة" أنه يتوجب أولا على الجانب القضائي تكثيف جلسات الصلح بين الزوجين المتقدمين في العمر لعل وعسى يتم العدول عن الفكرة مراعاة للعشرة ولما تنفذ كل الوسائل وتفشل جميع المحاولات نتجه إلى المطالبة بتعديل قانون الأسرة حتى يتسنى للزوجة الاستفادة هي أيضا، إذ من غير المعقول أن تخرج من "المولد بلا حمص" كما يقول المثل، ونفس الأمر تؤيده المحامية "ب. نوال" التي تقول: " من المفروض أن يعرض بيت الزوجية للبيع وعند الحصول على الثمن يتم اقتسامه مناصفة حتى لا يتأذى أي طرف"، أما المحامي "ب. محمد" فيقول: "لا بد من منح مبلغ مالي معتبر للزوجة المتقدمة في العمر تعويضا لها على سنوات التضحية الطويلة التي جعلتها تنسى نفسها من أجل أبنائها، وهذا المبلغ يقدمه الزوج الذي يحتفظ بالسكن كما ويجب إلزامه بالسداد في أجل مسمى حتى لا يتهرب".

من كل ما سبق يتضح بأن المشكلة المطروحة مشكلة تعويضات مادية، أما الحقيقة التي لا يمكن مداراتها أن العشرة وسنوات التضحية والمشاركة تظلّ بالنسبة لكل امرأة أغلى وأثمن من كل شيء، خاصة إن كانت تحمل بين طياتها ذكريات سعيدة لا تنسى، لكن جاءت الطعنة من الخلف، ولم تكشف تلك السنوات المتتابعة إلا عن وجود كذبة كبيرة اسمها "الحب".. ومع أننا لا ندين هذا الشعور، لأنه مجرد شعور، إلا أننا نكاد نجزم أن الحياة بمرارتها وقساوتها علمت الكثيرين كيف يضعون عاطفتهم جانبا كي يفكروا في مصلحتهم وكل هذا لم يزد الطين إلا بلاّ، لأنه خلف لنا شريحة أخرى من المطلقين تسمى شريحة "المسنين".