ماجى جبران.. أسست 92 مركزًا لخدمة 65 ألف طفل و30 ألف أسرة فقيرة وعالجت 40 ألف مريض

العدد الأسبوعي

ماجى جبران
ماجى جبران


زيادة الوعى والنهوض بمستوى التعليم والصحة للأطفال أهم أهدافها


فى قلب حى الزبالين الموجود بمنطقة منشأة ناصر، تجتمع البسمة والألم، فمن وسط أكوام القمامة خرج مركز خيرى.. ليحتضن الأطفال، يتعلمون ويلعبون ويعالجون، بدلاً من عملهم المستمر فى جمع القمامة، هذا المركز هو «أطفال ستيفن» لصاحبته ماجى جبران، التى يعتبرها الجميع هناك تجسيدًا حيًا للأم تريزا من جديد، لخدمة آلاف الأسر من المحتاجين.

المركز يخدم أطفال المنطقة المعدمين ويقدم جميع الخدمات لهم، سمى «ستيفن» تخليدًا لذكرى أول مذبحة مسيحية، بمجرد دخوله ستجد ماما ماجى أو «الأم تريزا المصرية» جالسة كما اعتادت، تغسل أقدام الأطفال المتسخة بالماء والصابون، تلبسهم أحذية جديدة بدلاً من تلك الممزقة التى كانوا يرتدونها، فى طقس حافظت على ممارسته؛ لرسم البسمة على وجوه الأطفال.

«الفجر» اصطحبت ماما ماجى فى جولة داخل مركز منشأة ناصر، وهو أكبر المراكز التى أسستها من بين 92 مركزاً فى مختلف المحافظات خاصة الصعيد، الذى يعانى  بشكل أكبر من الفقر عن باقى المراكز الموجودة فى العاصمة، مركز «ستيفن» المتواجد بمنطقة منشأة ناصر يخدم مئات الأسر المعدمة، ويساعد ما يقرب من 30 ألف أسرة مصرية من محدودى الدخل، ولا تقتصر الخدمات المقدمة على الأسر المسيحية فقط، بل تشمل الأسر المسلمة أيضاً، فهى تساعد كل محتاج دون النظر إلى ديانته، حتى المتطوعين.. بينهم عدد كبير من المسلمين، تطوعوا لمساعدة الأطفال وتأهيلهم علمياً ومادياً.

تقدم هذه المراكز برامج وخدمات تعليمية لـ18 طفلا وتعالج 40 ألف حالة مرضية، ليس ذلك فحسب.. بل تقوم بعمل زيارات تفقدية بالمنازل لـ13 ألف أسرة، ومن بين هذه المراكز ثلاثة مهنية لتعليم الأطفال، ويستفيد من هذه الخدمات ما يزيد على 65 ألف طفل، ويبلغ عدد المتطوعين بها نحو 2000 متطوع، وبالإضافة إلى هذه المراكز توجد مدرستى فرح 1 و2 بمنطقة الخصوص لتعليم الأطفال، تم تجهيزهما على أعلى مستوى للتغلب على ضعف المستوى التعليمى بالمدارس الحكومية.

تمويل هذه المراكز بدأ من خلال زيارات فردية كانت تقوم بها ماما ماجى، ثم زادت أعداد المتطوعين والتبرعات وبالتالى زادت أعداد الأسر المستفيدة منها أيضاً، وعلى الرغم مما تقدمه هذه المراكز من خدمات للعديد من الأسر والأطفال المحتاجة بالعشوائيات، إلا أنها تعمل فى صمت ولم تحظ بالاهتمام الإعلامى الكافى، وكان هدفها منذ البداية هو تقديم الخير فقط دون الالتفات لبريق الشهرة، وما لفت الأنظار مؤخرًا لمراكز ماما ماجى التى ظلت تقدم الخير طوال 30 عاماً، هو ترشحها لجائزة «صناع الأمل» فى دبى، علاوة على ترشحها أكثر من مرة للحصول على جائزة نوبل للسلام، وهو ما جعل الصحف العالمية تتحدث عنها وعن أعمالها الخيرية التى تقدمها للفقراء والمحتاجين.

لا يوجد أحد بحى الزبالين لا يعرف ماما ماجى أو المركز الخاص بها، ويعتبر هذا المركز ملجأ وملاذا لكل محتاج أو فقير بالمنطقة، حتى إن الأطفال والكبار - على حد سواء - يعتبرون ماجى جبران أمًا لهم جميعاً، وما يدعم ذلك تعاملها معهم بروح الأم أيضاً، المراكز الخيرية طاقة نور وأمل فى نفوس أهالى حى الزبالين، ففى ساحة المركز المكون من أربعة طوابق توجد «المراجيح» ولعب الأطفال، وفى الطابق الأول دور للحضانة، يجلس به الأطفال للتعلم مقابل مبلغ مالى رمزى قدره عشرون جنيهاً، يتعلمون القراءة والكتابة وعلوم الحاسب الآلى، كما يصرف لهم وجبات مجانية؛ نظراً لأن ظروف الأهالى المادية بالمنطقة لا تمكنهم من شراء وجبات لأطفالهم كل يوم.

الطابق الثانى مخصص لاستقبال المرضى وإجراء الفحص الطبى اللازم لكل مريض، حيث يتم من خلاله عمل جميع التحاليل والإشاعات الطبية للمرضى والالتزام بكل ما تحتاجه.. بداية من إجراء الفحص الطبى مروراً بشراء الأدوية وإجراء العمليات الجراحية إذا تطلب الأمر ذلك، حتى المواصلات التى يحتاجها المريض فى التنقل  خلال رحلة علاجه يتكفل بها المركز الذى يضم أيضًا ورشًا لتعليم الفتيات والأولاد المتسربين من التعليم حرفة تكون حائلاً بينهم وبين الشارع والضياع، فخصصت للفتيات ورشا لتعليم الحياكة  وللأولاد ورشا لتصنيع الأحذية.

انعدام الوعى وانتشار الجهل هما السائدان فى حى الزبالين كنموذج على سبيل المثال وغيرهما من الأحياء التى تتواجد بها هذه المراكز، ما يجعل مهمتها لا تنحصر فقط فى الأعمال الخيرية ومساعدة الأطفال والأسر التى تقدم لها المساعدات، ولكن تحتل مشكلة رفع الوعى للأهالى بهذه المناطق الصدارة، خاصة فى ظل انعدام الثقافة، ما يستلزم تقديم هذه المراكز دورات توعية للأسر؛ لتسهيل مهمتها مع الأطفال، فمن خلال رفع مستوى الوعى وتغيير المفاهيم لدى الأسر تكون مهمة تعليم الأطفال أسهل.

تقول المهندسة إيناس، إحدى المتطوعات بالمركز، إن مشكلة انخفاض الوعى تم اكتشافها من خلال الجولات التفقدية للمنازل فى هذه المناطق، ففى حى الزبالين على سبيل المثال يتعرض الأطفال للعديد من المخاطر خلال عمل أسرهم فى القمامة، كالأمراض، ويصل الأمر فى بعض الأحيان إلى إصابة الأطفال بجروح خطيرة فى أقدامهم وأيديهم وتحدث مضاعفات تتطور إلى «غرغرينة» يتم على إثرها بتر ساق أو يد الأطفال، وهذا تفسير وجود العديد من مبتورى الأعضاء فى المنطقة.

وتابعت: تعاطى الأب مشكلة كبيرة أيضاً منتشرة بالمنطقة وفى كثير من المناطق العشوائية، وهذا ما يجعل الأب العائل الوحيد للأسرة فى مهب الريح، وهذه مشكلة أكبر تحتاج للاهتمام ليمكننا التغلب عليها، تنظم هذه المراكز معسكرات صيفية وتقدم من خلالها الألعاب الترفيهية كوسيلة لملئ فراغ الأطفال ومنحهم شعورا بالاهتمام،  حتى لا تكون هناك فرصة للجوء الأطفال إلى سلوكيات خاطئة، بالإضافة إلى تقديم العديد من الأنشطة، مثل الرسم وعمل اجتماعات دورية للأمهات لتقديم التوعية الصحية، فضلاً عن تقديم العلاج والتوعية الصحية فى العيادات الموجودة داخل كل مركز من خلال المتطوعين.

وأضافت المهندسة: شقيق ماما ماجى يعمل طبيب قلب، وهو أحد المتطوعين للعمل فى هذه المراكز الخيرية، ويقوم بعلاج  العديد من الحالات التى تعانى من أمراض قلب مزمنة، وإن كانت الحالة تستدعى الذهاب للدكتور مجدى يعقوب لإجراء عمليات جراحية للأطفال بالمجان يتم ذلك بعد التنسيق التام، وينسق المركز أيضاً مع مركز الوطن للعيون، حيث هناك العديد من الحالات التى قد تفقد بصرها دون علم الأهل نظراً لانخفاض الوعى، ويتم اكتشاف هذه الحالات من خلال جولات تفقدية بالمناطق العشوائية والمناطق الأشد فقراً، لتكون هذه المراكز سلسلة خيرية متكاملة، لا تقدم فقط الدعم المادى كباقى الجمعيات الخيرية ولكنها تعمل على النهوض علمياً وثقافياً ورفع الوعى للأسر الفقيرة فى العشوائيات، لتخرج هذه المراكز عن الصورة النمطية للمؤسسات الخيرية وتصبح منارة نور فى عتمة الجهل والفقر والمرض.