أحمد فشير يكتب: خطبة الجمعة الضائعة.. و'خطيب' مسجد شلباية

ركن القراء

أحمد فشير
أحمد فشير


انعدم اهتمام الكثيرين بخطبة الجمعة واقتناء أفضل المساجد والمشايخ والمقارنة بين هذا وذاك، وأصبح الوضع أن قلة تحضر الخطبة ربما إذا سألتها بعد الانتهاء من الصلاة، ماذا كان عنوان الخطبة أو ما المستفاد؟!،  همهم وتعلثم وتعثرت عليه الإجابة، والبعض الآخر يكتفى بالذهاب وقت الدعاء ليردد كلمة واحدة "أمين..أمين" وعلامات النوم ما زالت عابثة على وجهه، إلا من رحم ربى. 

وحتى لا أطيل الحديث ويمل القارئ قبل أن يصل إلى مغزى "رسالتى"،  فإن ما دعانى إلى الحديث، ليس الحديث عن المشكلة وهى أن "خطبة الجمعة" لم تعد الوجبة المعلوماتية التى يجد فيها المصلى ما يشحن طاقته الإيمانية وتؤثر عليه وتعيده إلى رشده وإلى دينه فيظل ولو بأضعف الايمان متصل مع الله اتصالاً حقيقيًا يومًا واحدًا فى الأسبوع، ولكن أتحدث عن أساليب اقتناء خطيب لا يجعلك تغفل أو تلهو أثناء حديثه. 

والقصة..عزمت بالأمس الجمعة، الذهاب إلى مسجد شلباية فى بلدتى (مدينة المنزلة-دقهلية)، بعد أن استمعت أكثر من مرة لإمام وخطيب هذا المسجد، وسمعت عنه مرارًا من أناس أثق فيهم، وعن ما يتمتع به من قوة فى جذب المصليين واستنهاض هممهم وإصغاء آذان قلوبهم فيجلس المصلى منتبه حتى نهاية الخطبة، بل ويتمنى البعض ألا ينتهى الخطيب من خطبته. 

كنت لا أعرف اسم خطيب المسجد، حتى بعد الانتهاء من خطبته بالأمس، وحتى من أخبرنى باسمه ليس هو، وما دفعنى لكتابة هذه السطور أننى غنمت فى خطبة الأمس على غير ما أغتنم فى مساجد أخرى يعلو منابرها أئمة أخرين، وهذا ليس ثناء ولا فضل من جانبى دفعنى لكتابة هذه السطور التى بين أيديكم.
 
والخلاصة، أننى التمست فى هذا الخطيب صفات ومميزات، لعلكم تتخذونها معايير لاختيار خطيبًا فى مسجد قريب لك، فليس من المعقول، اننى أدفعك أن تضرب السفر وتركب مركبتك أينما كنت وتأتى إلى مسجد شلباية بالدقهلية لتستمع إلى خطبته بالرغم من أن السابقين كانوا يضربون أكباد الإبل شهورًا لملازمة عالم أو شيخ،  بل عليك أن تأخذ بهذه الصفات ليس جميعها، حتى تصل إلى مسجد لا تسئم من حديث خطيبه ولا تمل، وصفاته كالتالى: 

-يتعمق فى الحديث فهو ليس خطيب سطحى كالبعض. 
-لا يبخل، فيجيد القراءة ويطيل البحث ويجعل المستمع يردد بداخله "هل من مزيد". 
-يتمتع بقوة جذب تجعل المصلى ينصت إليه فلا ينشغل باله ولا يرتد طرفه ولا يضيق صدره من الإطالة.
-خطيب لمسجد كبير، فليس لديه أغراض سياسية يروج لها، أو ينتمى لتيار، يلقنه الخطب التى تحقق أهدافه. 
-يتفاعل مع المصليين، فدائمًا ما يستخدم أسلوب المعاتبة والاستفهام، فلا يتعامل معهم على أنهم خُشب مسندة. 

ابحث عن هذا الخطيب فى بلدتك واقتنيه من بين المساجد، لتتناول وجبة إيمانية منتقاة من على أفضل الموائد تشتمل على كافة العناصر التى تغذى الروح وتنمى الفكر. 

إلى اللقاء إن قدر الله لنا البقاء واللقاء، ختم بها الخطيب حديثه ليشوق المصليين عما يتحدث به فى خطبته القادمة، وأختم بها حديثى لحين أن يمن الله عليا بحادثة أخرى