بعد واقعة الكويت وطهران.. تاريخ إيراني "أسود" في التجسس.. وخبراء: البؤر الشيعية خطر داهم على الأمن القومي العربي

عربي ودولي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


تستمر دول الخليج في معركتها الخالدة مع إيران، حيث تشهد العلاقات الإيرانية الخليجية مرحلة جديدة تماما، فتدخلات إيران التي لا تتوقف، تعقد الأمور كثيرا، وتؤججها لمراحل أكثر خطورة، يبدو أنها بدأت برحيل السفير الإيراني من الكويت، بعد اتهامات خطيرة تتعلق بالخلايا التجسسية التي تدعمها إيران دائما بهدف التخريب والتدمير.

طرد السفير الإيراني

وأعلنت الكويت طرد السفير الإيراني و14 دبلوماسيا من أراضيها على خلفية أعمال التجسس والإرهاب التي تتزعمها إيران من خلال مليشياتها التجسسية في الكويت، كما أصدرت الكويت تعليمات بتجميد نشاط البعثتين الثقافية والعسكرية لإيران بعد القضية.

ترحيب سعودي

ولاقت عملية طرد السفير من الكويت قبولا وترحيبا واسعا من المملكة العربية السعودية، حسبما أكدت وكالة الأنباء السعودية عن بيان لوزارة الخارجية شددت فيه على أن المملكة العربية السعودية تؤيد بشكل كامل الإجراءات التي اتخذتها دولة الكويت الشقيقة تجاه البعثة الدبلوماسية الإيرانية.

خلية العبدلي التجسسية

وتأتي تلك الأحداث على خلفية إدانات الكويت التي شهدها العام الماضي، 22 كويتيا وإيرانيا واحدا بالتجسس لصالح إيران، وحزب الله اللبناني الشيعي، بعد اكتشاف مخبأ أسلحة ومتفجرات في مداهمة على تلك الخلية، وفي الشهر الماضي ألغت محكمة التمييز في الكويت حكما بإعدام رجل مرتبط بقضية العبدلي، فيما خففت المحكمة أيضا حكما بالسجن المؤبد على رجل آخر إلى 15 عاما وحكمت على عشرة آخرين بالسجن عشرة أعوام.

تاريخ إيران في التجسس على الكويت

وليس لأول مرة أن تتمكن الكويت من اكتشاف خلايا تجسس إيرانية، وإنما سبق أن اكتشفت خلايا تجسس إيرانية كثيرة، كان أولها في شهر مايو 2010، حيث نجحت الأجهزة الأمنية الكويتية في تفكيك شبكة تخابر وتجسس لمصلحة الحرس الثوري الإيراني، تعمل على رصد المنشآت الحيوية والعسكرية الكويتية، ومواقع القوات الأمريكية في البلاد، وأن 7 أشخاص على الأقل اعتقلوا في حين نجح ستة أو سبعة آخرون في الهرب.

تكرر ذات الأمر أيضا في سبتمبر 2012، حيث تمكنت أجهزة الأمن الكويتية من تفكيك خلية تجسس إيرانية أخرى، في إحدى الحسينيات في منطقة بنيدالقار، وتم إلقاء القبض على أكبر تشكيل جاسوسي عرفته الكويت، وعدد أعضائه 39 من ضباط الحرس الثوري الإيراني، و58 آخرون من رتب مختلفة، إضافة إلى ضبط أجهزة تنصت وتجسس عالية الجودة، مع أجهزة كمبيوتر محمولة (لاب توب) للتواصل مع الاستخبارات الإيرانية، وعدد كبير من الأسلحة والقنابل العنقودية في السرداب.

وفي عام 2013 أعلنت حكومة الكويت أن شبكات التجسس الإيرانية، قامت بتصوير المنشآت العسكرية الكويتية والأميركية، وسلمتها إلى الأجهزة العسكرية والأمنية الإيرانية، واستدعت الحكومة سفيرها من طهران، وكشفت أن شبكة التجسس زرعت أعضاءها في المؤسسة العسكرية وتحديدا الجيش، حيث وصلوا إلى معلومات دقيقة في الحاسب الآلي.

السعودية وشبكات التجسس الإيرانية

لم تكن السعودية بالطبع بمنأى عن تلك الشبكات التي تنتشر في الخليج بصورة خاصة، ففي19 مارس 2013، أعلنت السعودية إلقاء القبض على شبكة تجسس مكونة من 18 شخصا، من بينهم 16 سعوديا شيعيا وإيراني ولبناني، كانوا على علاقة مباشرة بأجهزة الاستخبارات الإيرانية، بهدف جمع معلومات عن منشآت حيوية.
وأوضحت حينها الأجهزة السعودية أن تلك الخلية احتوت على شخصيات شغلت مناصب مرموقة في المجال الاقتصادي والمالي والأكاديمي، وانتهت تلك القضية بأحكام حكم فيها على 15 متهما بالسجن مُددًا تتراوح بين ستة أشهر و25 عاما.

البحرين وتجسس إيران

وفي 12 أبريل 2011، أعلنت البحرين عن محاكمة إيرانييْن وبحريني، كانا يعملان مع الحرس الثوري الإيراني، بقصد الإضرار بمركز الدولة الحربي والسياسي والاقتصادي وبالمصالح القومية، فيما تكرر الأمر في 27 مايو 2012، حيث أصدرت محكمة بحرينية حكما بالسجن 15 عاما على ستة أشخاص لإدانتهم بالتخابر لصالح إيران، وكانوا على اتصال مع الحرس الثوري الإيراني ومليشيات الباسيج.

الإمارات وخلايا إيران

وفي منتصف يناير 2012 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات، حكما بالسجن سبع سنوات على المتهم سالم موسى فيروز خميس، إماراتي الجنسية اعترف بتجسسه لصالح دولة أجنبية.

وأكدت دولة الإمارات حينها أن المتهم تخابر مع ضباط استخبارات في قنصلية لإحدى الدول الأجنبية، يعملون تحت اسم وظائف قنصلية مختلفة.


أحد أدوات الحرس الثوري الإيراني لمد نفوذ إيران إقليميا

ويؤكد أحمد قبال المترجم والباحث في الشأن الإيراني‏ لدى ‏مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، أن خلايا التجسس الإيرانية في الخليج على وجه الخصوص، بتمثل أحد أدوات الحرس الثوري الإيراني لمد نفوذ إيران إقليميا، مشيرا إلى أن الحرس الثوري يركز غالبا على الدول ذات الأقلية الشيعية خاصة البحرين والكويت بعد فشله على مدار عقود في تصدير الثورة الإيرانية.

وأضاف "قبال" في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن قوة تلك الخلايا والمهام المسندة إليها، تركز على أهمية التوغل في المجتمعات والأوساط الشيعية وتشكيل جبهات معارضة لها صبغة مذهبية شيعية، فضلا عن النفوذ لمناصب سياسية واقتصادية لها تأثير على دوائر اتخاذ القرار.

وأكد الباحث لدى ‏مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، أن تلك الخلايا من الصعب اكتشافها، كونها تعمل بشكل غير مركزي، حيث تنفذ مهام على المدى الطويل.

استغلال أزمة قطر

وبسؤاله عن رؤيته لتلك الخلايا مستقبلا، أوضح "قبال" أن التوجس الخليجي والإقليمي من إيران يتزايد بشكل مستمر، مبينا أن الاتفاق النووي يواجه صعوبات ولازالت الولايات المتحدة تفرض مزيد من العقوبات بسبب برامج إيران الصاروخية، مضيفا "دول الخليج في أزمة حقيقية خصوصا بعد فرض حصار على قطر، حيث تستغل إيران هذا الانشغال الخليجي لمصلحتها وبالتالي تنشط خلايا التجسس".

ووصف المتخصص في الشأن الإيراني خطوة طرد السفير على الصعيد الدبلوماسي بالقوية جدا من جانب الكويت، إلا أنه يجب أن تتبعها خطوات في إطار العمل الخليجي المشترك، لإجبار إيران على تعديل سلوكها في المنطقة.
وشدد بقوله "الإجماع الخليجي مطلوب في الفترة القادمة، خصوصا أن علاقات دول الخليج لازال لكل منها طبيعة خاصة مع إيران"، حسب تعبيره.

البؤر الشيعية خطر داهم

من جانبه يرى اللواء جمال مظلوم، الخبير العسكري والإستراتيجي، أن إيران لديها تاريخ كبير في التجسس على الدول الخليجية فلا عجب على الإطلاق أن يحدث هذا، مشيرا إلى أن الترابط المجتمعي وأساليب التوعية في دول الخليج لابد أن تقف سدا منيعا أمام تلك الخلايا، بجانب التشديدات الأمنية والقوانين الرادعة، وإلا ستكون العواقب وخيمة.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن البؤر الشيعية في الدول الخليجية هي السبب الأول والأخير في انتشار مثل هذه الجماعات التجسسية، مؤكدا مواجهتها بكل قوة، كونها مناطق تستغل ضد أمن دولها، فتصبح مليشيات تخريبية في وجه أمن بلادها.

وأوضح أنه خطوة طرد السفير، ربما تكون حلا ناجعا لبعض الوقت، إلا أن الأمر يحتاج إلى تكاتف قوي من جميع دول الخليج للقضاء على تلك التهديدات الإيرانية المحدقة بالمنطقة، خاصة دول الخليج.

خطورتها جسيمة ويجب التصدي بكل قوة

الدكتور محمد حسين أستاذ العلوم السياسية، أكد أن هدف إيران في تصدير ثورتها، يجعلها تستخدم جميع الطرق المشروعة والغير مشروعة في تنفيذ ما تصبو إليه، مشيرا إلى أن تلك الخلايا التجسسية من أكثر الوسائل التي تستخدمها إيران في تخريب الدول لا سيما العربية.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن تلك الخلايا تمثل خطورة كبيرة على الأمن القومي الخليجي، حيث تنتقل مع الزمن إلى مراحل خطيرة، من بينها التسلح والعسكرة، بحيث تصبح مليشيات تخريبية على غرار حزب الله في لبنان.

وشدد على ضرورة مواجهتها بكل قوة بتكاتف من جميع الدول العربية، حيث لا تمثل خطورة على فقط على الدول الخليجية وإنما على الأمن القومي العربي بكافة دوله.