المتحف المصري يغير اسم "لوحة مرنبتاح" إلى "لوحة إسرائيل".. وخبراء يعترضون (صور)

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


الملك رمسيس الثاني وهو أحد ملوك الأسرة الـ 19، أنجب الكثير من الأبناء، والابن رقم 13 لرمسيس الثاني آثار جدل ونقاش كبير بين علماء المصريات، واختلفوا حوله، هل هو فرعون موسى عليه السلام أم لا؟ وهل لوحة انتصاراته الموجودة بالمتحف المصري مذكور فيها اسم "إسرائيل" أم لا.

وبالرغم من هذا الخلاف والجدل الدائر إلا أن إدارة المتحف المصري، أقدمت على تصرف غريب، وذلك حسب ما فجره "بسام الشماع" خبير المصريات المعروف، في محاضرته بالمتحف المصري حلو لوحة مرنبتاح، وهو أن إدارة المتحف قامت بتغيير اسم لوحة "انتصارات مرنبتاح" إلي "لوحة إسرائيل"، وقد قام بتحليل رموزها وأثبت خطأ التسمية، وكان للخبراء ردود وآراء حول هذا التصرف نعرفه عبر الأسطر التالية:

لماذا غير المتحف المصري تسمية اللوحة إلى لوحة إسرائيل

وعن النص الموجود على اللوحة يقول "الشماع" أنه لا يحوي لفظ "يسيرآر سوي مرة واحدة فالنص يقول: "أنه في العام الخامس من سنوات الحكم في الشهر الثالث في فصل النسيم، حورس الثور القوي، الذي يسعد مع "ماعت" -اي العدالة- ملك الوجهين القبلي والبحري، كبش رع، محبوب إيمن، الذي يضرب الأقواس التسعة، -والأقواس التسعة رمز للتسع أعداء التقليديين الذين يحاربهم الملك- هو الذي يذبح أعداؤه، الجميل في حلبة الجسارة، عندما يهاجم، وهو الثور الذي يطرد السحاب من فوق مصر، وهو الذي يزيح التل النحاسي من علي رقاب الشعاب كي يتنفس نسمات الحياة، وهو الذي ينظف منف -عاصمة مصر القديمة- ، ...... ويتوالي النص حتي يأتي إلي ذكر الجيش الليبي فيقول ... تم تحطيم بلاد التمحيو -أي الليبيين- في فترة حياتي، ويبقي الرعب علي الدوام في صدور المشواش -من قبائل الليبيين- ، ويرد الليبيين والذين تجرأوا ونظروا الي مصر، يردهم علي أعقابهم، فمنذ الآن هم يخافون من البلد المحبوب، فسيقانهم لم تتحمل الوقوف، إلا بغية الهروب، ورماة السهام تركوا لنا أقواسهم، وقلوب أولائك الذين يسرعون تعبت من المشي، فينزعون قرب المياه، وهرب الزعيم الحقير، مهزوم ليبيا، في قلب الليل، وحيدًا، ومن غير ريشة علي رأسه، وساقاه خائرتان، ونُقلت النساء بعيدًا عن مكان وجوده، وتم الإستيلاء علي طحين وجباته، ولم يعد عنده ماء في القربة، وضباطه يقاتلون بعضهم البعض، وخيامهم أحرقت، وجميع ممتلكاته صارت طعامًا للجنود المصريين، وعندما وصل إلي ليبيا، استغرق في النواح، هو صاحب الريشة الحقيرة، .... ثم يكمل النص قائلًأ ... وفي مدنهم يقولون انه صار ذليلاً لآلهة منف، مرياي –وهو اسم ملك ليبيا-، ملعون في مدينة الجدار الابيض -منف- ، وهي لعنه له ولأبنائه وأحفاده، ولقد أصبح أسطورة يضرب بها المثل، ولم يحدث أن ألم بنا ذلك منذ زمن رع، ويقول الكهل لإبنه الويل لليبيا، وتوقف الليبيون عن الحياة، وتوقفت نزهاتهم، وبأمره دمرت قراهم، ..... وفي النهاية  ... يقول لقد هزمت بلاد "التحنو" و"الخاتي" وطهرت "كنعان" من كل شئ بها واقتيدت إلي عسقلان وتم الاستيلاء علي "الجزر" وصارت "نيو" كأن لم توجد قط ودمرت "يسيرآر" بل لم يعد هناك وجود لبذرتها، وصارت "سوريا" تابعة لمصر وتوحد كل ذلك في سلام".

وأوضح الشماع في بداية تحليلاته أن النص الموجود على اللوحة يقول: "أنه في العام الخامس من سنوات الحكم" أي أن الملك مرنبتح حارب هؤلاء وانتصر عليهم في العام الخامس من العمر، ونحن نعرف أن الملك الذي طارد بني إسرائيل ما ت غرقًا، والنص يقول أن "مرنبتح" عاش 10 سنوات فكيف أكمل حياته بعد أن طارد بني إسرائيل، إن كانوا هم بالفعل بني إسرائيل.

ويعقب "الشماع" علي النص قائلًا: "أننا نجد هنا أن النص متضمن الليبيين والمشواش والجزر والكنعانيين وسوريا وكل هؤلاء انتصر عليهم مرنبتاح فلماذا يتم تسمية اللوحة بلوحة إسرائيل ولا يتم تسميتها بلوحة الليبيين مثلًا.
 
تفسير رموز الهيروغليفية:
وقد قام الشماع بتفسير الكلمة الموجودة في آخر النص بالهيروغليفية، والتي يعتقد البعض أنها "إسرائيل"، فقال عندما ننظر إلي الكلمة نجدها تبدأ برمز "ريشتين" والرشتين تنطقان بالهيرغليفية y ، ثم بعد الريشتين يوجد خط مستعرض ويرمز لحرف الـ  S وتحت الحرف الثاني خطين متوازيين قائمين وهنا يرمزان للرقم 2 أي أن حرف الـ S مثني اذا فالكلمة تنطق "يسي" أو "YSSY"  وأسفلها رمز الفم أو العين، ويرمز لحرف R إذا فالكلمة "yssyr" ونجد ريشة ثانية حرف "y" ثم أنثي العقاب وترمز لحرف "آ" ثم فم ثان وهو حرف R  ... إذًا فالكلمة هي "يسيرآر".

ويقول الشماع إنه يلي الكلمة رسم لـ "رجل وسيدة"، وأسفلهما ثلاث خطوط متوازية قائمة، وهي ترمز لجمع من الناس أي أن "يسيرآر" هي جمع من الناس وليس بلد، أي أنهم قبيلة كانت مقيمة في كنعان او عسقلان.
 
الكلمة الموجودة في اللوحة ليست بني إسرائيل

من القراءة السابقة نجد أن المقصودين هم قبيلة وأنهم ليسوا أهل مدينة، حيث يوضح الشماع أنهم لو كانوا مدينة لكان تبع الكلمة رمز "نويت" الهيروغليفي والذي يعني "مدينة".
 
وقال إن اللوحة كلها تتحدث عن الانتصارات علي ليبيا، وقبائل المشواش وغيرها، ونأتي علي كلمة "يسيرآر" وهي مشكوك في أمرها ونطلق علي اللوحة كلها إسم "لوحة إسرائيل".

ويضيف الشماع أن الصهاينة يحاولون بشتى الطرق إثبات أن مرنبتاح هو فرعون الخروج لماذا ؟ لأنه أحد أبناء الملك رمسيس الثاني، وهم  يدعون أن رمسيس الثاني هو فرعون الاضطهاد، ومات، وجاء مرنبتاح الذي طردهم علي حسب قولهم إذًا فهو فرعون الخروج الذي غرق، وبالطبع اللوحة تثبت أن مرنبتاح انتصر علي هؤلاء الـ "يسيرآر" في السنة الخامسة من حكمة ولم يغرق إذًا فهو ليس فرعون الخروج، وبالتالي فكل الكلام الذي يدعونه مخالف للصواب.

ويكمل أنهم يخرجون علينا برواية أخرى، وهي أنهم من بنو الهرم الأكبر أثناء استعباد خوفو لهم، أي أنهم كانوا يعيشون أثناء الأسرة الرابعة، والتوراة تقول أنهم عاشوا في مصر ٤٣٠ عاما، ثم يقولون أنهم عاشوا أثناء حكم مرنبتاح بالأسرة الـ ١٩ وهذا مستحيل لأن الفارق بين الأسرة الرابعة والـ ١٩ هو ألف ومائة عام، وهم استقروا في مصر حسب توراتهم 430 عام فقط .

وفي نهاية كلماته يقول الشماع أن نظريته واضحة وهي أن "يسرآر" المذكروة في اللوحة ليست "إسرائيل" من الأساس 

رأي الخبراء 

يقول فرج السيد الأمين العام المساعد للإتحاد العربي للمرشدين السياحيين، إن إسرائيل منذ زمن وهي تحاول أن تجعل لها كيانًا ووجودًا في مصر، فتارة تدعي أنها اضطهدت علي زمن خوفو بالأسرة الرابعة، وأنه قد أجبرهم علي بناء الهرم الأكبر، وتارة تدعي اضطهادها بزمن رمسيس الثاني، ثم تدعي أن الملك مرنبتاح هو الذي طردهم من مصر، وأنه هو فرعون الخروج، أو فرعون موسي عليه السلام.

ويضيف أن هذه إدعاءات لا يجب أن تؤثر علينا، أو أن نستجيب لها بأي شكل، وقال إنه أصيب بالدهشة لما علم أن المتحف المصري قام بإضافة لوحة استرشادية علي "لوحة انتصارات مرنبتاح" وجعل عنوانها لوحة إسرائيل.

وأوضح "فرج" أنه يوجد اسم باللوحة من ضمن 10 أسماء أخري يظن البعض أنه "إسرائيل"، وهناك خلاف شديد بين خبراء الهيروغليفية، هل الاسم لإسرائيل التي هي بني إسرائيل أم أنه اسم لإحدى القبائل التي طردها مرنبتاح أثناء انتصاراته علي البدو، فهناك رأي قوي يقول أن هذا الاسم هو لأحد قبائل البدو التي كانت موجودة في مصر وتم طردها في عصر مرنبتاح.
 
وأضاف السيد، أن سبب الشكوك في الاسم، أن الهيروغليفية لم تكن تستخدم حرف اللام  حتى العصر اليوناني الروماني، وكان المصري إذا أراد أن يكتب اسم أجنبي يستخدم حرف مشابه لتوضيح نطق الحرف الجديد، وأقرب حرف للام هنا هو حرف الراء، معني ذلك أن "يسيرآر" الموجودة باللوحة قد تكون هي "إسرائيل".

وأكد "فرج" أنه يجب علي المتحف المصري تغيير هذا العنوان في أسرع وقت؛ لأن اللوحة ليست لبني إسرائيل بالأساس وإنما هي لوحة انتصارات الملك مرنبتاح، وأنه يجب علي قطاع المتاحف ألا يأخذ إحدى النظريات المشكوك فيها وجعلها يقينية، لدرجة تغيير اسم اللوحة، وأضاف أن اليهود يستخدموا مثل هذه التصرفات بشكل دعائي سياسي، ويبنون عليها إدعاءات لصالحهم.

لوحة الملك مرنبتاح

ويقول فرج السيد إن اللوحة من الجرانيت بارتفاع يقرب من 2.50 م وعرض 2 م, وقد اكتشفها "فلندرز بتري" عام ١٨٩٦م، في بلدة تدعي طرخان على بعد ٥٠ كيلو متر جنوب القاهرة، ويظهر عليها الملك مرنبتاح وتسميته بالهيروغليفية "مرنبتاح" ويظهر عليها وهو واقفًا أمام الأرباب ويأخذ منهم سيف النصر.

ويضيف أن اللوحة من اللوحات المعاد استخدامها حيث أنها في الأصل للملك "امنحتب الثالث"، والذي حكم مصر ٣٨ عام، زوج الملكة "تي"، وأخذ مرنبتاح اللوحة من معبد أمنحتب، وكانت تحمل نص لأمنحتب كيف أنه بني معبد الأقصر، وكيف أضاف لمعبد الكرنك، وأعاد مرنبتاح استخدام اللوحة وسجل علي ظهرها نصًا بانتصاراته، أي أن لوحة مرنبتاح من اللوحات التي المعاد استخدامها وموجود عليها نصين أحدهما علي الظهر لمرنبتاح والآخر على الوجه لأمنحتب.

وعلي اللوحة يحكي مرنبتاح كيف هزم الإعداء، وأنه هو الابن الثالث عشر للملك رمسيس الثاني، وقد تولي الحكم في أواخر الخمسين أو الستين من عمره.

هل مرنبتاح فرعون موسى عليه السلام

ويقول الدكتور أحمد دسوقي أن مرنبتاح حكم مصر عشر سنوات تقريبًا فقد تولي الحكم وهو في الخمسين من عمره، وكانت وفاته في السبعين من العمر، ويحكي مرنبتاح علي لوحته عن أعدائه الذين هزمهم، ومنهم "الليبيين"، وكذلك "شعوب البحر". 

ويضيف أنه من المعروف أن فرعون موسي عليه السلام مات غريقًا، وأول جملة في النص الموجود علي لوحة مرنبتاح يقول أنه في السنة الخامسة من حكمه انتصر علي أعدائه وفي نهاية النص يقول أنه طرد من أسماهم "يسيرار" من مصر، فلو كانت "يسيرار" هي إسرائيل كما يقول البعض، فكيف لم يغرق مرنبتاح أثناء طردهم وأكمل سنوات حكمه العشر.

وأضاف البعض الآخر أن مرنبتاح هو فرعون الخروج؛ لأن المومياء الخاصة به، والمحفوظة بالمتحف المصري، موجود عليها آثار ملح، ولكن الرد علي ذلك بسيط، إذ أنه من المعروف أن المصري القديم استخدم ملح النطرون في التحنيط، ومن الطبيعي أن يكون هناك أثار ملح بالمومياوات جميعها وليس بمومياء مرنبتاح فقط.

الرد الرسمي

ويقول د. أيمن عشماوي رئيس الإدارة المركزية لآثار الوجه البحري، معلقًا على عنوان لوحة مرنبتاح وتغييرها إلي لوحة إسرائيل، أن هذا شأن قطاع المتاحف، وطريقة وأسلوب العرض ترجع لهم.
 
وأضاف أن هذه هي اللوحة الوحيدة التي يظن علماء الآثار أنه قد ذكر فيها اسم إسرائيل، وقد عرفت بين بعض الأوساط الأكاديمية بـ "لوحة إسرائيل"، وإن كان هذا خطأ علي حسب قوله، لأن اللوحة هي لوحة "انتصار مرنبتاح"، وهي في الأصل كانت لأمنحتب الثالث، وقد أعيد استخدامها مرة أخري من قبل الملك مرنبتاح، وليس لها أية علاقة بإسرائيل.
 
وأضاف أنه بالفعل "بني إسرائيل" وجدوا في مصر ولكن الموجود باللوحة لا يوحي بأنهم المقصودين، وهناك اختلاف بين علماء الهيروغليفية حول الاسم الموجود هل هم "بني إسرائيل"، أم إنهم مجموعة قبائل سورية، والفترة التي مكثوها في مصر لم يؤثروا في التاريخ المصري بأي شكل وبالطبع هذا يخالف إدعاءاتهم علي حسب قوله.

رد المتحف المصري

وفي تصريح من محمد علي أحد المديرين بالمتحف المصري، قال إن اللوحة الإرشادية الموجودة علي لوحة انتصار مرنبتاح منذ عدة سنوات، وقبل الإدارة الحالية، وأنه أبلغ الأستاذة "صباح" مدير عام المتحف المصري، والتي قالت أنه سيتم بحث الأمر، وبالفعل إدارة المتحف تري أن هناك خطأ في التسمية، وسيتم تكوين لجنة من المتحف لدراسة الأمر وسيتم إبلاغ قطاع المتاحف في حالة رؤية ضرورة تغيير الاسم .
 
وبعد هذا العرض السابق، طالب الشماع، واتحد معه في المطالبات الخبراء والرسميين بعد عرضه، بضرورة إعادة اللوحة إلي اسمها الأصلي وهي لوحة "انتصارات مرنبتاح"، ولقد وجدت الفجر تجاوبًا من إدارة المتحف المصري، والتي وعدت بدراسة الأمر، وسوف تتابع الفجر أية تغييرات تطرأ على عنوان اللوحة في الفترة المقبلة.