طالبان تتحول إلى صناعة المخدرات لتمويل عملياتها

عربي ودولي

طالبان - أرشيفية
طالبان - أرشيفية

باتت حركة طالبان، التي منعت زراعة الخشخاش عندما حكمت أفغانستان، تسيطر الآن بشكل واسع على إنتاج الهيروين في البلد الذي تمزقه الحرب، ما يوفر للمتمردين مليارات الدولارات، بحسب مسؤولين.

 

وفي 2016، صنعت أفغانستان، التي تنتج 80% من أفيون العالم، نحو 4800 طن من المخدر محققة بذلك عوائد تقدر بثلاثة مليارات دولار، بحسب الأمم المتحدة.

 

ولطالما فرضت طالبان ضرائب على المزارعين الذين يزرعون الخشخاش لتمويل تمردها المستمر منذ سنوات، إلا أن المسؤولين الغربيين باتوا قلقين من أن الحركة المتطرفة تدير حالياً مصانع خاصة بها، حيث تحول المحصول المربح إلى مورفين وهيرويين ليتم تصديره.

 

وقال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون المخدرات وإنفاذ القانون، وليام براونفيلد، للصحافيين في العاصمة الأفغانية كابول مؤخرا "لدي شعور قوي بأنهم يقومون بمعالجة كل المحصول".

 

وأضاف "جميع المحاصيل التي يحصدونها تعالج في حينها، يحصلون على عائدات أكبر إذا صنَّعوها قبل إرسالها إلى الخارج".

 

وتابع "من الواضح أننا نتعامل مع أرقام فضفاضة للغاية، ولكن عوائد تهريب المخدرات تقدر بمليارات الدولارات كل عام، تأخذ طالبان نسبة كبيرة منها".

 

وتشكل نبتة الخشخاش زهيدة الثمن وسهلة الزراعة، نصف إجمالي الناتج الزراعي في أفغانستان.

 

ويُدفَع للمزارعين حوالى 163 دولاراً للكيلوغرام من العصارة السوداء، وهي الأفيون الخام الذي يخرج من غلاف بذور الخشخاش عند قطعها بالسكين.

 

مصنع كبير

وعند تحويلها إلى هيروين، تبيعها طالبان في أسواق المنطقة بثمن يتراوح بين 2300 و3500 دولار للكيلوغرام الواحد.

وإلى حين وصولها إلى أوروبا، تباع بالجملة بـ45 ألف دولار، بحسب خبير غربي يقدم الاستشارة لقوات مكافحة المخدرات الأفغانية، والذي طلب عدم الكشف عن هويته.

 

وأفاد الخبير أن زيادة عثور السلطات على المواد الكيميائية التي يتطلبها تحويل الأفيون إلى مورفين، وهي الخطوة الأولى فبل تحويله إلى هيروين، مثل مركب "أنهيدريد حمض"، يشير إلى تصاعد نشاط طالبان في مجال المخدرات.

 

وخلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، تمت مصادرة 50 طناً من هذه المواد الكيميائية، مقارنة بـ66 طناً صودرت العام الماضي بأكمله، بحسب الخبير.

 

وصادرت السلطات في مطلع يوليو 15 طناً في غرب أفغانستان قرب الحدود مع إيران، نقطة انطلاق طريق المخدرات الرائج إلى أوروبا عبر تركيا، وفقاً للمصدر ذاته.

 

وازدادت كذلك مصادرة المورفين حيث تم العثور في النصف الأول من العام على 57 طناً، مقارنة بـ43 طناً عثر عليهم خلال 2016 بأكمله، وفقاً للخبير الذي أضاف أن ما يتم ضبطه لا يساوي إلا نحو 10% من مجموع ما يتم إنتاجه.

 

وقال المصدر "من السهل بناء مختبر بدائي يتم إخلاؤه فور انتهاء العملية".

 

وأعلنت وزارة الداخلية الأفغانية أن السلطات أغلقت 46 مصنعاً سرياً للمخدرات بين يناير (كانون الثاني) و يونيو، مقارنة بـ16 أقفلوا خلال النصف الأول من العام الماضي.

 

وتقدر إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، أن الحملة الأمنية حرمت المهربين من دخل بقيمة 300 مليون دولار منذ بداية العام.

 

وأكد مسؤول غربي رفيع طلب عدم الكشف عن هويته، أن لدى حركة طالبان مختبراتها الخاصة بها، واصفاً ولاية هلمند الجنوبية، حيث تتم زراعة حوالي 80 % من الخشخاش الأفغاني، بـ"معمل كبير للمخدرات".

 

وقال إن "هلمند عبارة عن مخدرات وخشخاش طالبان، معظم تمويلهم يأتي من الخشخاش ومختبرات المورفين والهيرويين، بالطبع لديهم مختبرات خاصة بهم".

 

وبحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وفر إنتاج الأفيون نحو نصف عائدات طالبان للعام 2016.

 

وأشار متحدث باسم المكتب الأممي، ديفيد دادج، إلى وجود "أدلة مروية" تفيد أن قادة طالبان منخرطون بصناعة المواد الأفيونية، ولكنه أضاف أن ذلك لا يعد إثباتاً على أن لدى طالبان كمنظمة برنامجاً ممنهجاً لإدارة المعامل.

 

ولكن بالنسبة لوزارة الداخلية الأفغانية فهناك قليل من الشك حيال هذه المسألة.

 

فبالنسبة للمتحدث باسم دائرة مكافحة المخدرات التابعة للوزارة، "طالبان تحتاج إلى المزيد من الأموال لإدارة آلتها الحربية وشراء الأسلحة النارية، ولهذا سيطرت على مصانع المخدرات".

 

ومنذ 2002، أنفقت الولايات المتحدة 8,6 مليار دولار في الحرب على المخدرات في أفغانستان، ولكن الهيرويين الأفغاني لا يزال يصل إلى أمريكا الشمالية.

 

ويؤكد براونفيلد أن "أكثر من 90% من إجمالي الهيرويين المستهلك في الولايات المتحدة مصدره المكسيك، ولكن في كندا، أكثر من 90% من الهيرويين المستهلك مصدره أفغاني".