عالم المهربين "السري" بصحراء مصر الغربية

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


يكشف عنه الباحث البريطانى توماس هوسكين


نشر المعهد الملكى البريطانى للشئون الدولية، تشاتام هاوس، ورقة بحثية تحت عنوان «ممارسة وثقافة التهريب على الحدود بين مصر وليبيا»، للباحث توماس هوسكين، تناولت عالم  التهريب فى صحراء مصر الغربية.


1- عمليات وأشكال التهريب

يتعرض الباحث للجانب التاريخى  والسكانى للمنطقة الحدودية بين مصر وليبيا، ثم يتطرق للحديث عن عمليات وأشكال التهريب فى تلك المنطقة.

فى عهد القذافى كان الجيش الليبى مسيطرا على الحدود، ومع ذلك فإن السيطرة العسكرية على الأراضى الحدودية كانت  ضعيفة، بسبب سوء المعدات وعدم تدريب القوات، وبالإضافة إلى ذلك فإن الجنود الليبيين أنفسهم ينتمون إلى  القبائل والجماعات فى المنطقة، مما يساعد التجار والمهربين على الاستفادة من هذه الروابط الاجتماعية فى الجيش وجهاز الشرطة.  

من ناحية أخرى، شهد نظام الحدود الرسمى بين ليبيا ومصر، فى السنوات العشر الماضية، تطبيقات مختلفة إلى حد التناقض، مثل قوانين التأشيرات الصارمة والعبور المقيد، وإغلاق الحدود، إلى أوقات الممارسات المتساهلة، ويختلف نوع السياسة المطبقة تبعا للعلاقات السياسية بين البلدين، أو حسب  تدابير مكافحة التهريب، والمحاولات الليبية لتنظيم الهجرة العمالية، وفى الآونة الأخيرة ظهرت المبادرات ضد الجماعات الجهادية.

أول شكل من أشكال التهريب يسمى تجارة الشنطة، وهو الأكثر شيوعا فى أشكال التهريب عبر حركة المرور اليومية على الحاجز الساحلى الرسمى بين سلوم (مصر) وأمصاد (ليبيبا)، وهو شكل من أشكال التجارة الصغيرة والتهريب، يمارسها أفراد من الذكور من (أولاد علي) الذين يسافرون إلى ليبيا لبضعة أيام، والعودة إلى مصر مع حقيبة مليئة بالشاى، والملابس، والسجائر، والهواتف المحمولة الصينية، وغيرها من السلع.

يعرف ضباط  الجمارك هؤلاء التجار بشكل جيد، ويتراوح  سعر البضائع المهربة بين 10 و20 ٪‏ من قيمتها السوقية، وتعد تجارة الشنطة من الوسائل الجيدة من أجل الحصول على دخل نقدى، وتمارس فى الغالب من قبل أفراد الأسرة الواحدة الكبيرة.

الشكل الثانى من التهريب، هو تهريب الليل، أو ليلة تهريب، أو ليلة تجارة، فى هذه العمليات الليلية يتجنب المهربون نقطة التفتيش الحدودية فى سلوم وأمصاد، ويتم التحايل عليها باستخدام ممرات مشاة صغيرة فى الصحراء، ويقوم بعمليات تهريب الليل مجموعات من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و25 سنة، وعادة ما يحصلون على الحقائب من شاحنات فى ليبيا، ويقومون بتسليمها إلى ناقل آخر على الجانب المصرى من الحدود.

فى الحالات التى رصدتها الورقة البحثية البريطانية، كان الشباب ينتمون إلى عائلات تعيش بالقرب من المناطق الحدودية المباشرة، وإذا كان هناك حاجة إلى حمالين إضافيين، يتم التعاقد مع الأقارب والأصدقاء، لكن التهريب ليلا خطير جدا، ويرجع ذلك جزئيا إلى الحدود العسكرية والدوريات، لكن  الخطورة الأكبر بسبب الألغام الأرضية  التى تعود إلى الحرب العالمية الثانية.

الشكل الثالث من التهريب هو تهريب بحرى (التهريب عن طريق البحر)، ويعتمد هذا الشكل على قوارب الصيد، وهو عملية أوسع نطاقا، حيث يستطيع كل قارب صيد مصرى أو ليبى أن يحمل ما يعادل ثلاثة أضعاف ما يحمله المهرب الواحد، ويعد التهريب بالقارب خطرا للغاية، حيث يتعين على المهربين الاختباء من خفر السواحل، أو التعامل معهم.

أما الشكل الرابع فهو تهريب الصحارى (تهريب الصحراء)، حيث يتم نقل البضائع عبر الصحراء العميقة عن طريق الشاحنات الصغيرة.


2- الدعم اللوجيستى

تحدث جميع أشكال التهريب من خلال التواصل عبر الهواتف المحمولة، وهى تكنولوجيا الاتصالات التى لا غنى عنها على ما يبدو فى كل مكان فى الحدود.

التسويق فى القاهرة والإسكندرية يقوم به تجار أولاد على أو شركاؤهم، وحسب الباحث البريطانى هناك متجر صغير ليس بعيدا عن ميدان العتبة فى القاهرة، يمكن للعملاء طلب منتجات معينة، وعلى سبيل المثال الكاميرات الرقمية، ويتم إرسال أوامر إلى المهربين فى مرسى مطروح عن طريق الهاتف المحمول، وتتوفر المنتجات عادة  خلال شهر واحد.

يباع الحشيش أيضا فى القاهرة والإسكندرية من قبل مختلف التجار (القبليين وغير القبليين)، ويتم تهريبه مباشرة إلى إسرائيل من قبل بعض قبائل سيناء.


3- الشباب والخوف

تحت عنوان شباب من غير خوف تعرضت الورقة البحثية لدور الشباب فى عمليات التهريب، وتجرى أنشطة التهريب عادة من قبل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و40 عاما، فى حين يحرص الشيوخ على البقاء فى الخلفية، وتتعرض

الورقة البحثية فى هذا الجزء لممارسات الشباب من المهربين، والتى تتضمن الكثير من الاستعراض، سواء فى الحرص على امتلاك الأسلحة والتباهى بها، أو امتلاك أكثر من هاتف، وكذلك ارتداء الملابس المهربة غالية الثمن.

وترصد الورقة انتشار ظاهرة فيديوهات التهريب بين هؤلاء الشباب، حيث يتم تصوير مقاطع من عمليات التهريب، وإضافة موسيقى بدوية عليها، ويتم تبادل مقاطع الفيديو عبر بلوتوث، وتعميمها بين المهربين، ومن أشهر هذه الفيديوهات فيديو يحمل عنوان (سفينة العار) يتضمن عملية تهريب عبر الْبحر.