"قصر موسى" وقصة بنائه

منوعات

بوابة الفجر


كان موسى المعماري يعيش في أسرة بسيطة وفقيرة جدًا، يسكنون غرفة من الطين، فكان يحلم بأن يعيش في قصرٍ رسمه في خياله، وجسّد رسمةً له على ورق دفترٍ قد ابتاعته له والدته من دكان القرية مقابل أربع بيضات. 

لم يكن موسى المعماري مُنصتاً لما يمليه المدرّس من معلومات في حصّة تعليميّة في المدرسة؛ بل كان جلّ اهتمامه وانهماكه أن يرسم صورةً لقصره الذي يحلم به؛ حيث يُلوّن كلّ حجرٍ بلون مختلف، ويرسم لهذا القصر تصميماً يتمنى لو يصبح حقيقةً، إلاَّ أنّ المدرّس كان يمتعض من قلّة اهتمام هذا الطالب بالدرس ليقف بجانبه ويراقبه، فيرى تلك الرسمة التي يخطّها على ورق دفتره

فما كان من المدرّس إلاَّ أن طلب من موسى النهوض، وضربه على رأسه ضربةً موجعةً بعصا الرمّان التي يحملها بيديه، وانتزع الورقة من يديه، وقام بطيّها ومن ثمّ تمزيقها، ورماها أرضاً وأخذ يدوسها برجله، وقام بطرد موسى من المدرسة، آمراً إيّاه أن يعود لوالده ويبني له قصراً كالذي يرسمه على الورق. 

كان بكاء موسى موجعاً، وشهقاته المؤلمة يُسمع دويها، فما كان منه إلاَّ أن قام بالتقاط حلمه الممزّق المرمي على الأرض، ووضع الورقة في جيبه، وعاد إلى بيته جاراً معه ألمه وما تركه المدرّس في نفسه من سحقٍ لآماله. 

قام موسى بإعادة لصق الورقة مع بعضها البعض، ووضع الرسمة في علبة، بقيت مخبّأةً قرابة خمسة وعشرين عاماً، إلى أن استطاع -عندما قسى عوده- بناء هذا الحلم والذي تجسّد حقيقةً بما يُشبه القصر، ليصبح أحد المعالم التراثيّة في لبنان، وتصدّرت هذه الرسمة الممزّقة والتي أعيد تجميعها أحد جدران القصر.