رامي المتولي يكتب: "الخلية".. أكشن على الطريقة المصرية

مقالات الرأي



"الخلية" ليس فقط فيلم نجح فى تصدر شباك التذاكر خلال موسم عيد الأضحى الذى انتهى منذ أيام ولكنه عمل فنى جيد جدًا فى التعبير عن نوعية أفلام الحركة فى مصر، فهو ليس كنظيره الذى تصدر موسم عيد الفطر الماضى، «هروب اضطرارى» وتضمن عرض مطاردات مبهرة وتصوير احترافى لكن فى قالب هوليوودى أمريكى صرف، جعل من الشخصيات فيه أقرب للتواجد فى أى ولاية أمريكية واقعى أكثر من تواجدهم فى مصر، على عكس «الخلية» الذى يحمل شكل «مودرن» لكن دون أن يخرج من الإطار المصرى بتفاصيل متعددة غابت عن فيلم أحمد السقا، وحضرت بقوة فى فيلم أحمد عز.

حبكة متوقعة كعادة أفلام الحركة هى التى  قادت سير الأحداث فى «الخلية» فـ الاصدقاء الثلاثة سيف (أحمد عز) وعمرو (أحمد صفوت) ومحمد (محمد ممدوح) ضباط شرطة يختلفون فى شخصياتهم بشكل كبير ويتفقون فى كونهم أصدقاء ودفعة واحدة فى الكلية، سيف وعمرو ضابطا عمليات خاصة ومحمد ضابط بالأمن الوطنى، أو حبكة متوقعة هى موت عمرو والتى تقود لعصب الفيلم هو اللعب على تيمة الانتقام كما هو متوقع حسب شخصية سيف ينفعل ويقسو على نفسه ويبحث عن العدالة بذراعه على عكس محمد الذى يبحث عنها بذكائه.

هذا التوقع لا يقلل من المتعة بالفيلم ولا التفاعل معه على العكس، فنوعية الحركة التى تعتمد على الإبهار فى تنفيذ المعارك والمطاردات عادة  لا تهتم كثيرًا بالقصة وأن تخفى وراءها تفاصيل أو أحداث لتخلق حالة من الغموض أو الإثارة، إذا أضفنا حيلة المؤلف صلاح الجهينى للتغلب على النمطية التى تطال أفلام الحركة عموما سنجد أنه اعتمد على التفاصيل المعروفة والواضحة فى الكثير من البيوت المصرية والتى خلق من خلالها وبدونها أيضًا حالة من الكوميديا استطاع من خلالها أن يخفف حدة التوتر التى بدأت بعد الربع ساعة الأولى من الفيلم تقريبًا ولم تنته إلا بنهايته.

التفاصيل التى صنعها صلاح غطت معظم أبناء الطبقة المتوسطة فى شريحتها العليا سيف مطلق يهوى عمله اكثر من أى شىء، يتغلب على وحدته بتربية كلب صيد، ساخر ويهوى ممارسة سخريته على الآخرين فى مقابل عمرو ضابط الشرطة الملتزم المستقر فى زواج سعيد من زوجة من عائلة ميسورة الحال أما الضلع الثالث محمد فهو رجل تقليدى جدًا يهوى العمل المكتبى والاستقصائى أكثر من المعتمد على الحركة متزوج وكل ما فى حياته عادى، ومن هذه الاختلافات خلق صلاح الكوميديا، زوجة محمد كثيرة الشكوى والوعيد والتى تمثل نمطا فى حد ذاتها صنع منها كوميديا فى كثير من المواقف أبرزها مشهد المطاردة الذى كان البطل فيه سيارتها.

الاختلاف أيضًا بين الشخصيات الثلاث كان مصدرا للكوميديا أيضًا، كما اعتمد صلاح خطا رومانسيا فى الفيلم بين سلمى (امينة خليل) وسيف لكنه لم يحظ بفرصته الكاملة للظهور فهو مجرد عنصر مساعد إلى جانب الحركة والكوميديا لكسر النمطية.

ظهور الشخصيات على الشاشة سبب كبير فيه يرجع لصلاح بتفاصيله المتعددة والتى تدل على بحث كبير من قبله فى أسلوب معيشة ضباط الشرطة واختلاف طبائعهم باختلاف أماكن عملهم، لكن لا يمكن إغفال بصمة طارق العريان فى تجسيد هذه الشخصيات دون مبالغة فى الأداء أو العرض كما الحال مع أعمال سابقة له منها على سبيل المثال «تيتو»، هذه المرة طارق متحكم أكثر فى موقع التصوير وعناصره من تمثيل وديكور وأماكن تصوير لكن جزءا كبيرا من جودة هذه العناصر تأثر بشكل كبير والسبب شريط الصوت فى الفيلم والخدع الصوتية.

المكساج هو المشكلة الأكبر فى فيلم «الخلية» شريط الصوت والخدع الصوتية هى الأسوأ وبالتأكيد ستتسبب فى شعور أى شخص بالانفصال عن المشاهد بسبب صوت اللكمات والسقوط غير المتقن سواء فى تسجيله أو صياغته على الشريط ككل خاصة فى الثلث الأخير من الفيلم، الأمر الذى يهدر الكثير من الايجابيات والعناصر الجيدة فى الفيلم، وربما ستكون هذه الملاحظة هى الأبرز وانت تتابع مشهد المعركة الأخيرة بين سيف (أحمد عز) وغريمه مروان (سامرالمصرى)، والتى أدارها طارق باحترافية سواء فى المعركة بالأيدى أو رسم بيئة المعركة نفسها وهى مترو الأنفاق فى محطة الشهداء وما حولها والتحكم فى المجاميع لتخرج الصورة كاملة لكن الصوت غير كامل وبصمة طارق عليه منعدمة تقريبًا وكأنه لم يهتم بهذا العنصر إطلاقًا وهو ما أثر ايضًا وبشكل مباشر على الموسيقى التصويرية التى ظهرت فى الفيلم أعلى من المطلوب فى الكثير من المواضع.

تأثير مشاكل الصوت لم يمتد كثيرًا ليطغى على باقى عناصر الفيلم الجيدة فى النهاية لا يمكن اغفال جودة الفيلم والحميمية التى تتسلل للمشاهد منذ الدقائق الأولى والامتزاج مع انفعالات الشخصيات على الشاشة وهو ما يجعله فيلم شباك باقتدار وداعم لكونه يتصدر اختيارات الجمهور فى هذا الموسم وربما واحد من أفضل أفلام الحركة فى الألفية الجديدة.