محمود الجلاد يكتب: "الإفتاء ومؤتمرها العالمي" .. خطة عبور جديدة

مقالات الرأي

محمود الجلاد
محمود الجلاد


قضية حفظ الاستقرار الإنساني والسلام المجتمعي على رأس القضايا التي تشغل الأفكار، والأقلام على السواء، وتقديم "الفتوى" للناس لا تنفصل بحال من الأحوال عن حاجاتهم وقضاياهم ومشكلاتهم.

قنابل موقوتة بين الفينة والأخرى.. فتاوي متعددة غريبة وغير مألوفة منها "نكاح الوداع"، واُخرى عن "مضاجعة البهائم"  بل الكارثة في فتوى سلفية "تحرم النشيد الوطني"، وكأننا نعيش في الجاهلية الأولى بفكر وفتاوي مدمرة، عبث بنكهة الفوضى يطل علينا،  وأفكار شاذة تتغنى بها  مواقع التواصل الاجتماعي وبعض سائل الإعلام ليلًا ونهارًا تصيب عقول الناس بالقلق والاضطراب. 

حقا.. لقد أصبح المشهد ساخنًا ساخرًا، بل ودراميًّا حزينًا، وإذا بنا ندخل المرة بعد المرة نفق الفوضى التي ليس معها إلا الاضطراب، كما أن متصدرين للإفتاء -وإن كانوا منتسبين للعلوم الشرعية- لا يضعون أمامهم حفظ الاستقرار ولا بد من مخرج، ولا مخرج إلا المنهج العلمي والإجراءات المنهجية.

في وقت لايتحمل أي تأخير أعلنت دار الإفتاء، عبر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في الفترة من 17 إلى 19 أكتوبر الجاري، مؤتمرها العالمي الثالث في القاهرة، تحت عنوان «دور الفتوى في استقرار المجتمعات»، عنوان وفكرة مهمة ومطلوبة، وقالت في بيانها الذي خرج لجميع وسائل الإعلام ، إن المؤتمر سيشارك فيه وفود من أكثر من 50 دولة من مختلف قارات العالم، للعام الثالث على التوالي، لمناقشة كيفية تحقيق السلم المجتمعي وأثر الفتاوي الشاذة على استقرار المجتمعات وإدراك الواقع عند الفتوى .

ومن خلال قرائتي لبعض الأخبار المنشورة في الصحف والمواقع ، وجدت تصريحات للدكتور ابرهيم نجم الأمين العام للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء العالمية ومستشار مفتي الجمهورية، يقول إن المؤتمر سيعمل على كيفية أن يكون الافتاء أداة لتحقيق السلم المجتمعي، وكيف يسهم الإفتاء في الاستقرار النفسي للفرد والمجتمع بالأخص عند الإجابة عن الأسئلة القلقة والمحيرة، وأنه من بين الأسئلة الرئيسة للمؤتمر" كيف أسهمت الفتاوى الشاذة سلبًا على الاسقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي"، وكيف يسهم الإفتاء في حفظ هوية الدول والأمم من الذوبان والانصهار؟ أسئلة ومحاور تجعلنا نقول إن دار الافتاء المصرية برجالها هي المؤسسة الأولى الأكثر إدراكا ومهارة وفكرًا وعملًا على أرض الواقع ، فكرت بدراية نابعة من مسئولية تقع على عاتقها.

الدور الريادي الذي تلعبه الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم،  قادر على الخروج من ظلمات الفوضى التي نعيشها لنور الاستقرار بتوصيات تريح عقولنا وأذهاننا من صخب وضجيج أرهق مسامعنا، ورصد خريطة الأفكار التي يروج لها المتطرفون، ووضع خطة متكاملة للحد من ظاهرة الفوضى الإفتائية  ، ودليل إرشادي للمفتين يشتمل على الضوابط والأصول ما يقال وما لايقال عبر وسائل الإعلام، والخروج بمبادرات رادعة للتعامل مع تلك الفوضى.