عملية سحق كرامة إسرائيل بتدمير "الحفار"

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


■ آثار 4 دول فى العملية لتشتيت الموساد.. وبطاريات مصرية الصنع لتعلم تل أبيب قدرة القاهرة


وضع جهاز المخابرات المصرية، على مكتب الرئيس الراحل «جمال عبد الناصر» ملفا كاملا بعد استطلاع مخابراتى، تم على أعلى مستوى، يكشف عزم إسرائيل على استخدام حفار لاستخراج البترول من إحدى آبار سيناء التى احتلتها تل أبيب بعد نكسة 1967.

وتعاقدت إسرائيل مع شركة بترول متعددة الجنسيات «أمريكية وبريطانية وإسرائيلية» والتى تعاقدت بدورها مع شركة «إينى» الإيطالية لتشغيل الحفار، وإدارته فور قدومه لخليج السويس، ما يعنى أن استهدافا للحفار سيكون عملا عدائيا موجها الدول الثلاث المشتركة فى نفس الشركة، إلى جانب دول أخرى مثل كندا وهى الدولة المصنعة للحفار.

كانت الأوامر الرئاسية فى ذلك الوقت، تدمير الحفار قبل وصوله إلى خليج السويس بأى ثمن، دون معرفة الفاعل، حتى لا تدخل مصر فى صراعات مع دول أخرى، ووضع جهاز الاستخبارات، خطتين أساسية وأخرى احتياطية فى حال فشل الأولى، وكان الاعتماد على قوات الضفادع البشرية لتنفيذ العملية الأساسية لتدمير الحفار الإسرائيلى قبل وصوله لخليج السويس، أما الخطة البديلة فكانت تقوم على توجيه ضربة جوية للحفار قبل دخوله الخليج، فى حال فشل الضفادع البشرية فى تنفيذ العملية.

تولى قيادة العملية محمد نسيم، ضابط المخابرات، والذى اختار الرائد خليفة جودت، قائداً لمجموعة الضفادع، والملازم أول حسنى الشراكى، كضابط عمليات، والملازم أول، محمود سعد، ضابط عمليات، ضابط صف، أحمد المصرى، كمساعد عمليات.

علمت المخابرات أن الحفار سيصل إلى ميناء مدينة داكار فى السنغال عصر الاثنين 12 فبراير 1970، فأرسل قوات الضفادع البشرية التى ستنفذ العملية إلى هناك، ولكن تم إلغاء العملية ليلة التنفيذ، بعد وصول معلومات بأن قاطرة الحفار بداخل حوض بحرى كان قريباً للغاية من القاعدة البحرية العسكرية الفرنسية وهى قاعدة شديدة الحراسة والمراقبة.

المفاجأة أن الحفار اختفى بعد يومين فى عرض المحيط الأطلنطى، ترافقه عناصر من مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة بجهاز الموساد، حتى كسر الجمود معلومة قدمها بحار إفريقى متعاون، أكد وجود عطل فى جسد القاطرة الهولندية، ثم ظهر الحفار فى داكار بالسنغال، وكان خط سير الحفار، يجبره حتماً على التوقف للإصلاح وللتزود بالوقود والمؤن فى حوض بميناء أبيدجان، بساحل العاج، محطته التالية على المحيط الأطلنطى، لأن قطع الغيار المستوردة التى لم تكُن متوافرة فى السنغال موجودة بكثرة بساحل العاج، وبالفعل ظهر الحفار عصر الاثنين 2 مارس 1970.

انطلقت فوراً قوات الضفادع البشرية إلى ساحل العاج، كمجموعة تصوير محترفة متخصصة فى توثيق الحياة البرية وأفلام الأدغال وذلك للتمويه، وتحدد موعد التنفيذ فى منتصف ليلة الأحد 8 مارس 1970 وبالفعل تم نقل فريق الضفادع فى سيارة فان صغيرة وبداخلها 4 ألغام بحرية مع أدوات الغطس اللازمة.

كانت نساء ساحل العاج، يحتفلن مُنذ الصباح الباكر بـ«يوم المرأة العالمى»، وبدأت الصواريخ النارية تنطلق بكثافة، فغادر ضباط الموساد الإسرائيلى الحفار الذى رسا على مسافة 400 متر من الشاطئ فى قارب سريع فى اتجاه مصدر إطلاق الألعاب النارية لاستبيان التهديد وفى نفس اللحظة كانت الضفادع البشرية المصرية تخرج من الغابة تحت جُنح الظلام باتجاه الماء حيث مرساة قاطرة الحفار الهولندية وعلى عمق متر واحد أسفل قاطرة الحفار ثبتوا الألغام الأربعة وخرجوا مسرعين من الموقع قبيل ظهور رجال الموساد ثانية فى قاربهم السريع الذى مسح المكان.

وفى الساعة 6 صباحاً ومع أول ضوء للنهار على سطح المُحيط هزت الانفجارات المتتالية مدينة أبيدجان النائمة بقوة عنيفة. تم تدمير الحفار الذى مال على جانبيه، وأصيب بعطبٍ جسيم استحال معه استكمال رحلته. أما البصمة المصرية، فكانت البطاريات الداخلية للكشافات اليدوية، وهى الوحيدة المصرية الصنع ومنها علم العالم جنسية المنفذين، وبواسطتها وصلت الرسالة أن مصر العظيمة قادرة على تنفيذ عمليات مركبة التى لا يقدر عليها سوى أعتى أجهزة المخابرات على مستوى العالم.