محمد صلاح.. 3 مشاهد فى حياة "المحارب"

العدد الأسبوعي

محمد صلاح - نجم منتخب
محمد صلاح - نجم منتخب مصر


لم يكن محمد صلاح أكثر من لاعب واعد فى صفوف نادى المقاولون العرب، وكان الاستمرار بين صفوفه ناشئا أبرز أحلامه، ومن أجله كان يقطع المسافة الطويلة من قريته نجريج التابعة لمحافظة الغربية إلى القاهرة ليحضر التمرين بمفرده، عاش الغربة صبيا صغيرا مشتتا بين قرية فقيرة ومدينة صاخبة، صمد وحارب فى جميع المجالات.. قبل أن يكون الشخص الأوفر حظا من الشهرة بين الرياضيين المصريين على مر العصور.

ابن قرية نجريج صاحب الخمسة وعشرين عاما، لم يقد فريقا لكأس العالم بينما قاد شعبا بأكمله نحو تحقيق حلم كان عصيا على أجيال ضمت العديد من المهرة لكنهم لم يكونوا بعزم وتصميم وموهبة ومهارة المحارب المصرى ذى الأصول الريفية.


1- ثانوى صناعى

تخرج محمد صلاح فى مدرسة بسيون الصناعية، حالت رغبته فى لعب كرة القدم والتقدم والاستمرار بها دون الالتحاق بالثانوية العامة، غض بصره عن النظرة الدونية من منظور مجتمع مريض لخريجى المدارس الفنية، حارب النظرات كما حارب الفقر والمسافة.

راهن على الزمن فأنصفه، شكلت الظروف الصعبة شخصية شاب قادر على مواجهة الصعاب.. كان فى القاهرة وحيدا، ليس معه سوى ثمن المواصلات التى تعيده إلى قريته، التى لم يتخل عنها أو يتبرأ من أهلها، فعوضه الله عوض الصابرين، ليخرج من المقاولون العرب متجها إلى سويسرا.

لم تبهره أوروبا، ولم تشغله الجميلات، وقرر الزواج من حبيبته ماجى محمد ابنة قرية نجريج أيضا، رفض الزواج من خارج قريته، حفاظا على حب عمره، وعلى أصالته، لم يفعل مثل من يتحولون من الفقر إلى الثراء فينتقمون من أيام الفقر بالتخلى عن كل ما كان يربطهم به.


2- ابن وطنه

شغل محمد صلاح محبة وقلوب جماهير مصر مجتمعة، ولعل رفض ممدوح عباس رئيس نادى الزمالك ضمه بحجة أنه صغير على اسم الزمالك، جاء فى مصلحته، فجمع محبة جماهير قطبى الكرة المصرية.

كانت تصريحات ممدوح عباس الصادمة، ضربة جديدة لهذا الشاب المحارب، فحارب تصريحاته بالعمل، عمل واجتهد وأصبح أفضل لاعب فى تاريخ الكرة المصرية، وسجل حتى الآن 32 هدفا بقميص الفراعنة، قبل قيادتهم فى المنافسات الرسمية لكأس العالم بروسيا 2018. وكما كان محمد صلاح بارا بقريته بداية من عمل «حنة العروس» فيها وذبح ثلاثة عجول وتوزيعها على الفقراء، مرورا بتكفله بمصروفات فريق الكرة بالمدرسة التى تخرج فيها، إلى تبرعه بتكاليف إنشاء وحدة استقبال حالات الطوارئ بمستشفى بسيون العام وعمل غرفة عمليات مجهزة لأهالى القرية، كان صلاح بارا بوطنه، فلم يكتف بأن يكون جرارا لقطار أحلام الفراعنة فى المونديال العالمى بينما تبرع قبل ذلك لصندوق تحيا مصر، لم تستغل شهرته جماعة، ولم يتورط فى الصرف على إرهابيين مثلما تورط غيره وترك وطنه وعاش فى قطر!


3- انتفاضة الوحش

عندما سجل منتخب الكونغو هدف التعادل، انهار صلاح جزعا، وضع رأسه فى الأرض قبل أن ينتفض ويقوم، فتلك الرأس لم يكن أبدا مكانها الأرض سوى لله وليس للهزيمة، فرفع رأسه وصرخ فى زملائه وأشار للجمهور بألا يكف عن المساندة.. انهار الملايين ووقف المحارب صامدا.. راهن على المعجزة وآمن بها فتحققت، وسدد ضربة جزاء لو أضاعها لكان له ألف عذر.. لكنه حارب الظروف أيضا هذه المرة وسدد الفرحة صوب قلوبنا ليقود جيلا جديدا يصلح لوطن جديد يحارب فى جميع المجالات يسعى أيضا من أجل الانتصار.