المعمورة.. أول قرية سياحية في مصر

منوعات

المعمورة
المعمورة


زائر الإسكندرية لم يزرها إن لم يزر منطقة المعمورة، وهي أحد شياخات حي المنتزه بمدينة الاسكندرية الساحلية، حيث توجد بها مدينة المعمورة السياحية وهي من المدن السياحية السكنية القديمة بالاسكندرية و تنسب لمنطقة المعمورة العديد من العلامات المميزة، مثل شاطئ المعمورة وملاهي المعمورة وفنادق المعمورة، وتعج المعمورة صيفا بالزوار من داخل وخارج مصر.

وتعد ضاحية "المعمورة" أشهر المصايف المصرية والسكندرية بشواطئها الساحرة الخلابة ، وهي تمثل مدينة سياحية عمرانية متكاملة تقع ما بين منطقة "حدائق المنتزة " غربًا وتتصل بها عبر بوابة خاصة تقع بسور منطقة “المنتزة”، وما بين ضاحية "أبو قير" شرقاً كآخر الشواطيء السكندرية الشرقية على البحر المتوسط ، كما وأن لضاحية ومنطقة "المعمورة" ظهير خلفي يقع خارج نطاق الضاحية ذات الموقع الشاطئي المتميز ، حيث تقع منطقة "المعمورة البلد".

وهي منطقة شديدة التناقض مع واقع ضاحية “المعمورة” السياحية ، حيث تقطنها الطبقات الشعبية والبسيطة وينقصها العديد من الخدمات الرئيسية من مرافق وخدمات وغيرها ، وعلى الرغم من لا يفصلها عن منطقة “المعمورة” الشاطيء سوى خط سكك حديد “أبو قير” الذي يمثل الحد الجنوبي لضاحية "المعمورة" الساحلية حيث بوابات "المعمورة" التي لا يجتازها سوى أصحاب الوحدات ورواد المنطقة من المصطافين من المصريين والأجانب.

ومسمى "المعمورة" مسمى حديث أطلق على تلك البقعة الساحرة والتي يرجع تاريخ تعميرها إلى العهد البطلمي في مدينة الإسكندرية ، حيث كان يطلق عليها اسم "Menouthis" وكانت تقع ما بين مدينتي "أبو صير الصغري" (وهي منطقة المندرة حاليًا) و"كانوب" (مدينة أبو قير الحالية) لتندثر بعد ذلك خلال العصور المتتالية حيث تخلف عنها أطلال وخرائب لتعرف تلك المنطقة بعد ذلك بالخراب والخربة ولتشتهر بمسمى "الخرابة".

وظلت المنطقة بعد تسمى بذلك حيث ورد في كشاف الزمخشري بأنها عزبة تسمى “الخرابة” من توابع “أبو قير” ، كما وردت بمعجم البلدان حيث أوردها “ياقوت الحموي” تحت مسمى “خربتا” فيذكر حول موقعها “وهو حوالي الإسكندرية ، وهو الآن خراب لا يعرف ” وأستمرت تحمل أسم “الخراب” أو “الخرابة” حتى كانت نهضة الإسكندرية الحديثة منذ عهد والي مصر "محمد علي باشا"، والذي أهتم بالإسكندرية ونهض بها وعمل على عمرانها ، وكذلك خلفاءه من الولاة وحتى فترة حكم الخديوي "إسماعيل" (1863 – 1879 م).

والذي عمر منطقة وحي "الرمل" وانشأ به سرايته الشهيرة "سراي الرمل" (طابية سيدي بشر بعد ذلك والذي حل محلها فندق المحروسة حاليًا) ليجعلها مقراً صيفياً له ولأسرته ، كما دعى الأمراء والوجهاء لتعمير هذا الحي الناهض في شرق المدينة ، وبخاصة في أعقاب ربطه بخط حديدي للترام (خط ترام الرمل بعد ذلك).

وكذلك بخط سكك حديد آخر امتد وحتى ضاحية “أبو قير” ( خط سكك حديد أبو قير) ، وأستمر نجله وخلفه ” الخديوي توفيق” من بعده في الإقامة بالإسكندرية صيفاً في ذات المنطقة ، حتى جاء خلفه ” الخديوي عباس حلمي الثاني ” (1892 – 1914م).

والذي إستكمل تعمير المنطقة ما بين حي “الرمل” وضاحية “أبو قير” حيث أنشأ “سراي المنتزه” وسط منطقة حدائق شيدها منذ أوائل ولايته عام 1892 م في منطقة ساحلية ساحرة خلابة أكتشفها بنفسه في منطقة تجاور عزبة “الخرابة” تلك ذات التاريخ البائد ، ليشرع مع ذلك في تعمير كافة مناطق شرق المدينة.

ولاستهجان كلمة ومسمى “الخرابة” لما في معناها من التشاؤم ، وذلك كما يقول الأستاذ “محمد رمزي” حيث ذكر ذلك في مؤلفه “القاموس الجغرافي للبلاد المصرية ” ، فصدر قرار بتسمية هذه العزبة باسم “المعمورة” (نقيض الاسم الأصلي الخرابة ) حيث خصص الشاطيء الخاص بها للأسرة المالكة وأصبحت تتبع ضاحية “أبو قير” من الواجهتين الإدارية والمالية.

كما أقيمت بها في تلك الفترة ومع بدايات القرن العشرين بعض الدور والقصور والفيلات الخاصة بالأمراء والوجهاء ، وفي عام 1922 م صدر قرار بفصلها عن ضاحية “أبو قير” من الوجهة الإدارية مع أستمرارية ضمها إلها من الوجهة المالية وذلك باسم “المعمورة وأبو قير” وبذلك أصبحت “المعمورة” منفصلة عن “أبو قير” إدارياً ومشتركة معها في الزمام ، وكانت كل تلك الجهات سواء “المعمورة” أو “أبو قير” تتبع مركز “كفر الدوار” بمحافظة “البحيرة” وأستمر حالها كذلك حتى قيام الثورة عام 1952 م حيث تم فصلها في ابريل عام 1955 م لينشيء قسم إداري جديد يسمى “قسم المنتزة” وليتبع محافظة الإسكندرية ، حيث تم ضم كل هذه المناطق فصلاً من مركز “كفر الدوار” إلى ذلك القسم الجديد بالإسكندرية وحتى الآن ، كما يتم تخصيص منطقة ” حدائق المنتزة” لتكون مفتوحة ومتاحة أمام كافة المواطنين من أبناء الشعب بعد أن كانت قاصرة على أفراد الأسرة المالكة.

وكذلك منطقة شاطيء "المعمورة" حيث تم إنشاء شركة خاصة لتنمية المنطقة كما تم تقسيمها إلى أراضي ذات مساحات متفاوتة لإقامة الفيلات والعمارات ولتتوافر للمنطقة كافة المرافق والخدمات ولتصبح المعمورة بمثابة مدينة عمرانية سياحية كاملة>، وقد جذبت "المعمورة" العديد من المشاهير للإقامة الصيفية بها من الفنانين والساسة وغيرهم ، كما كان يقيم بها الزعيم الراحل "جمال عبد الناصر".

وكذلك الزعيم الراحل “محمد أنور السادات” حيث حولت رئاسة الجمهورية الأستراحة الخاصة بالملك السابق “فاروق” بمنطقة “المعمورة” بعد قيام ثورة يوليو عام 1952م ليقيم بها رؤساء مصر بصفة دائمة خلال زياراتهم المتكرر للإسكندرية ، وحيث شهدت تلك الأستراحة أتخاذ الكثير من القرارات الهامة والمؤثرة في فترة حاسمة من تاريخ مصر الحديث والمعاصر وبخاصة في عهد الرئيس “السادات” الذي كان دائم الإقامة بها وحيث كان يستقبل فيها العديد من زعماء دول العالم .