عادل حمودة يكتب: خطة التنظيم الدولى للإخوان لتجنيد موجة جديدة من الشباب تسيطر على مصر بعد خمس سنوات!

مقالات الرأي



■ وجوه جديدة من الجماعة تسعى إلى ضم الدارسين فى الجامعات بتقديم الخدمات المعيشية والأكاديمية

■ رجال أعمال إخوان يحاولون شراء أراضٍ فى شرق ألمانيا لبناء مساجد عليها رغم أن تأثير الإلحاد لا يزال يسيطر على سكانها

■ لابد من وضع دليل للمنظمات الإسلامية فى أوروبا يحفظه المبعوث قبل السفر والأفضل أن يسجل نفسه فى الملحقية الثقافية لو كان يدرس على حسابها لضمان حمايته


لم يكذب من وصف الصحافة بأنها زوجة غيورة لا تقبل أن يعطيها الرجل نصف وقته أو نصف جسده أو نصف اهتمامه وإلا رشقت أظافرها الحادة فى رقبته.

تريد الصحافة من رجلها أن يكون مستنفرا دائما.. فى حالة تأهب لا تهدأ.. ولا تقبل أن يمرض أو يسخن.. أو يستريح.

ما إن ركبت الطائرة المتجهة إلى برلين حتى قررت النوم طوال ساعات الرحلة استعدادا لجدول مشحون بمقابلات مع صناع القرار والمؤثرين فى الرأى العام يبدأ فور وصولى إلى فندق ريتز كارلتون، ولكن الرجل الأنيق الجالس بجوارى أشار إلى تقرير منشور فى صحيفة فرانكفورتر الجماينه الألمانية عن طارق رمضان تلقفته باهتمام فتبخر النوم من عينى.

طارق رمضان هو حفيد حسن البنا من أمه.. يحمل شهادات عليا فى الفكر الإسلامى.. ويحاضر فى جامعة فرايبورج الألمانية.. ويشارك فى المناقشات العالمية حول الإلهيات والأخلاقيات.. ويدير مركز دراسات التشريع الإسلامى فى الدوحة بعد أن مولت قطر حصوله على كرسى الأستاذية فى جامعة أكسفورد البريطانية.

كان تقرير الصحيفة التى تحظى بمصداقية عالية ينفرد بمعلومات جديدة عن اتهامات التحرش والاغتصاب والتهديد بالعنف والقتل التى وجهتها هند عبارى إلى طارق رمضان فى محضر شرطة استغرق ست ساعات.

وهند عبارى سلفية سابقة.. أبوها جزائرى وأمها تونسية.. نادت طويلاً بالمساواة بين الرجل والمرأة.. وفى كتابها الذى صدر منذ أيام قليلة أعلنت عودتها إلى الحرية بعد أن تخلصت من الأفكار المتشددة.. وبعد أن كشفت تناقض الدعاة بين القول الحسن والتصرف القبيح.

وفى الكتاب نفسه تعترف بأنها تعرضت لانتهاكات من طارق رمضان عندما التقيا فى مؤتمر عام 2012 عقد فى جنوب فرنسا وبعد انتهائه تحدثا فى لوبى الفندق ولكنه طلب منها أن ترافقه إلى غرفته للحديث فى هدوء بعيدا عن الصخب المتصاعد حولهما.

وما إن دخلا غرفته حتى هجم عليها واغتصبها بل وضربها.. إنه ليس الجنتلمان الذى التقت به قبل أقل من ساعة.. وشعرت بالخوف من أن يقتلها.. وتجنبت ذكر اسمه فى كتابها.. لكنها أطلقت عليه اسم «زبير» لتؤكد فيما بعد على تويتر أنه سعيد رمضان.

وتساءلت هند عبارى عن عدد الفتيات المسلمات من أسر مهاجرة اللاتى لجأن إلى سعيد رمضان للاستشارة الدينية فإذا به يستغل سذاجتهن وينتهكهن جسديا وعقليا؟.

وقبل أن تهدأ ضجة هند عبارى حرر محامى امرأة أخرى هو أريك موران محضرا جديدا ضد طارق رمضان فى مكتب النائب العام الفرنسى مضيفا: إن نساء أخريات سيتقدمن بمزيد من الشكاوى ضد المتهم.

ولم تتردد جامعة أكسفورد فى إيقاف طارق رمضان عن التدريس، فى إجازة غير محددة بل ومنعته من التواجد فى حرمها.

ربما.. تكون الاتهامات باطلة.. ربما تكون جزءًا من ظاهرة فوبيا الإسلام المتفجرة ضد رجال العقيدة.. وربما يجد الرجل الذى تجاوز الخامسة والخمسين عاما نفسه فى السجن منهيا أسطورة عائلته فى أوروبا.

لقد جاء والده سعيد رمضان إلى سويسرا عام 1958 هاربا من حكم بالسجن فى مصر قد يطوله بعد اتهامه بمحاولة اغتيال عبد الناصر وأسس فى جنيف المركز الإسلامى ونشر مجلة تحمل اسم «المسلمون» وامتد نشاطه إلى ألمانيا ونشر فيها أكثر من جمعية إسلامية تفرعت فى ثلاثين مدينة وأصبحت قواعد انطلاق لانتشار الجماعة فى أوروبا ومنها إلى العالم واهبة الحياة لما يسمى التنظيم الدولى للإخوان الذى اتخذ من مدينة ميونخ عاصمة له طوال سنوات ستينيات وسبعينيات القرن العشرين.

وحسب المؤرخ الألمانى جيدو شتاينبرج فإن المخابرات الألمانية ظلت على علاقات سرية مع أقطاب الجماعة لمواجهة النشاط الشيوعى فى سنوات الحرب الباردة وتضاعفت وقويت تلك العلاقات بين الطرفين بعد الثورة الخومينية فى إيران لفهم تحول التنظيمات الإسلامية نحو التشدد.

أكثر من ذلك يصر المؤرخ البريطانى ستيفن دوريل (مؤلف كتاب مغامرة فى العالم السرى للمخابرات البريطانية) على أن سعيد رمضان كان عميلا للمخابرات البريطانية وساعدها كثيرا فى المؤامرات التى وضعتها للإطاحة بنظام حكم عبد الناصر.

وما إن سحبت الجنسية المصرية من سعيد رمضان حتى أصبحت تحركاته سافرة، فسعى إلى تقديم نفسه للمخابرات الأمريكية وساعد على ذلك أنه سبق أن التقى الرئيس الأمريكى دوايت أيزنهاور فى البيت الأبيض عام 1953 وكان ضابط الاتصال بينهما عميل وكالة المخابرات المركزية روبرت دريهارد.

وفى ظل هذه الحماية الأمنية متعددة الجنسيات ولد وتربى أبناء سعيد رمضان وهم طارق وهانى وأيمن وبلال وياسر وأروه، وأقسم الكبيران طارق وهانى على مواصلة الدعوة الإخوانية وتعهدا للمخابرات الألمانية والسويسرية والأمريكية بالتعاون معها ومدها بكل ما تطلب من معلومات.

جسد طارق رمضان صورة الداعية المتطور الذى يدعو إلى التسامح والتوافق بين الأديان دون أن يتخلى عن ارتباطه بالتنظيم الدولى للجماعة ومساعدته فى تخطى العقبات التى تواجهه.

ولمزيد من التنكر حرص هو وأنصاره على عدم لفت النظر إليهم بإطلاق اللحية الكثيفة أو التحدث على طريقة الشيوخ أو النفور من المطاعم التى تقدم الخمور وحثهم على الاندماج فى المجتمع حتى لا يبدو أنهم غرباء عنهم فينفر منهم من يتعاملون معهم.

وبتلك المظاهر جذب طارق رمضان الميديا إليه وساعده على ذلك إجادته للعربية والفرنسية والإنجليزية وضاعف ذلك من تأثيره وشهرته فاختير خبيرا فى لجان الحوار بين الأديان فى البرلمان الأوروبى، كما اختير عضوا فى الفريق الاستشارى لوزارة الخارجية البريطانية فى الحريات الدينية.

وحاولت أكثر من حكومة ألمانية الاستعانة به لوضع برامج لدمج الجالية التركية المسلمة فى المجتمع لكن لم يتقبله أحد فى تلك الجالية.

لقد استقبلت ألمانيا الأتراك بعد الحرب العالمية الثانية ليساهموا فى إعادة بنائها بعد أن سويت بالأرض ولرخص أجورهم تضاعف عددهم فى سنوات قليلة حتى وصل الآن إلى نحو أربعة ملايين نسمة ولكنهم ظل فى جيتو مغلق عليهم عاجزون عن الذوبان فيما حولهم.

وحرص أردوغان على أن يسيطر على المساجد التركية فى ألمانيا (980 مسجدا) بإرسال الأئمة إليهم وتحمل رواتبهم ونفقات معيشتهم.

لكن ذلك لم يمنع وجود مجموعات سياسية مثقفة وعلمانية فى الجالية التركية ترفضه وتعمل ضده.. لقد رشح حزب الخضر لوزارة الخارجية فى الحكومة الائتلافية التى يجرى تشكيلها الآن مسلمًا من أصل تركى يعارض أردوغان هو كيم أوزمير.. وسبق له أن رفض اقتراحا من وزير الداخلية توماس دى ميزير بتخصيص يوم للمسلمين يختارونه للاحتفال بأحد أعيادهم.

وتصاعدت الأزمة بين ألمانيا وتركيا بعد أن قبض أردوغان على ثمانى صحفيين من أصل تركى واتهمهم بالتجسس بعد أن اتهمته أنجيلا ميركل بالتجاوزات الحادة المتزايدة فى حقوق الإنسان بجانب تراجع الحريات العامة والخاصة.. وفى الوقت نفسه حرضت الحكومة الألمانية الشركات فى بلادها على عدم الاستثمار فى تركيا.. واعتبرت السفر إلى هناك نوعا من المخاطر يجب تجنبها.. وفى الوقت نفسه شجعت على السفر إلى مصر.. لتصبح السياحة الألمانية على رأس القائمة.

وبالفضيحة التى تفجرت لممثل جيل الوسط من الإخوان طارق رمضان ولانكماش الوجود الإخوانى فى مصر ودول الخليج أصبح على التنظيم الدولى للإخوان أن يضع خطة عاجلة لتجنيد جيل شاب فى أوروبا والولايات المتحدة وبريطانيا فى هدوء وتستر ليضمن نجاحها ولو بعد خمس سنوات.

إن من الصعب على غير ما هو متوقع أن ينجح الإخوان فى تجنيد أعضاء جدد للتنظيم فى دول إخوانية نشطة مثل تركيا وباكستان وقطر فالشباب المصرى والعربى هناك يعرف قيادات الجماعة وأنصارها فهم يروجون لها علنا فى وسائل الميديا المختلفة ومن ثم لن يقترب الشباب منهم خشية الوقوع فى شباكهم وبعد أن وضعت الولايات المتحدة المساجد والأنشطة الإسلامية تحت رقابة شديدة لم يعد هناك فرصة لتنفيذ الخطة الخفية لتجنيد جيل جديد إلا أوروبا التى سيتسللون إليها عبر البوابة الألمانية.

وتركز الخطة على الشباب الذى يسافر للدراسة فى الجامعات الأوروبية حيث تمارس الاتحادت الإسلامية هناك أنشطتها الدينية والثقافية بحرية وتلك الاتحادات تضم منظمات إقليمية توجد فى غالبية العواصم الأوروبية خاصة ألمانيا ومن ثم فإنها تتصل ببعضها البعض بشبكة قوية تنسق من خلالها فيما بينها.

ولا يعرف الشباب المسافر للدراسة شيئا عن تلك الاتحادات ولا يقدر على تحديد خطورتها، خاصة أنها تتبع وسائل تجنيد مبتكرة لا تبدأ بحديث عن الدين وتساعد الشباب فى الدراسة وتقدم له ما يحتاج من خدمات.

وهنا يجب على وزارة التعليم العالى وضع دليل لتلك المنظمات بالتعاون مع السفارات المصرية فى الخارج يحصل عليه الشاب قبل ركوب الطائرة، والأهم أن يسجل نفسه فى المكتب الثقافى المسئول عن البعثات حتى لو لم يكن مبعوثا فى منحة على نفقة الدولة وحتى يجد من يعاونه على حل مشاكله الأكاديمية مع الجامعات التى يدرس فيها بجانب ما يمكن أن يتعرض له من إغراءات توقعه فى الشبكات الإخوانية.

وحسب ما تردد بما يثير القلق أن رجال أعمال ينتمون للإخوان يسعون لشراء قطع أراض فى شرق ألمانيا لبناء مساجد جديدة أو مراكز إسلامية عليها واختاروا تلك المنطقة رغم أنها كانت تتبع من قبل ألمانيا الشرقية (الشيوعية) وليس فيها الكثير ممن يؤمنون أصلا بالأديان وهو أمر غريب ولافت للنظر ومثير للدهشة أن يوجه الإخوان نشاطهم هناك.

ربما اختاروا تلك المنطقة متصورين أن من السهل إقناع الملحدين فيها بالدين الإسلامى.. ربما اختاروها بعيدا عن المناطق التى سبق للجيل السابق العمل فيها.. ربما تصوروا أن اختيار قيادات غير مسجلة فى ملفات الأمن يخفف ضغوط المراقبة والمتابعة عليهم.

وخطورة تجنيد الشباب المصرى أو العربى فى الجامعات الألمانية (أو الأوروبية) أنهم يختارون شبابا ينتمى إلى عائلات متميزة فى المجتمع بحكم قدرتها على إرسال أبنائها للدراسة فى الخارج.. عائلات قضاة ورجال أعمال وضباط جيش وشرطة ومسئولين فى الحكم.. ولو نجحوا معهم فإننا سنجد أنفسنا أمام موجة جديدة من الإخوان تعود إلى مصر بعد سنوات الدراسة دون أن نكشف حقيقتها وسوف نفتح لها بالقطع فرص تولى مناصب رفيعة ومؤثرة فى مختلف نواحى الحياة.. بما يسقط البلاد فى براثن الجماعة مرة أخرى وبطريقة مختلفة تماما.

وليس عندى بعد ذلك كله ما أضيف فالرسالة واضحة تماما.