منال لاشين تكتب: أسرار بين السياسة والاقتصاد

مقالات الرأي



لأول مرة مناصب رؤساء النقض ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة فوق صفيح ساخن

■ أول طعن على قانون الخدمة المدنية بسبب التوك شو 
■ خطأ فى قرار إدارى يضيع على الحكومة 50 مليار جنيه 
■ الصوفية تتحدى الإرهاب باحتفالات كبرى فى المولد النبوى الشريف

هناك قضايا وملفات لا تنتهى بمرور الوقت ولا بقرارات ولو كانت قرارات حكومية أو رئاسية.

فمن حسن حظ المصريين أن الأمور فى مصر لا تحسم بقرارات أو رغبات الحكومة أو الرئاسة أو حتى البرلمان، لأن القضاء فى مصر ممكن أن يضع نهايات مختلفة عما تريده كل من الحكومة والبرلمان معا، ويمكن أن توقف عجلة خطط الحكومة للاستغناء عن أصحاب الحرف من الوظائف الحكومية. بينما عجلة القضاء تدور هذا الأسبوع بأقصى سرعة، فإن الحكومة تسير بسرعة هى الأخرى، لكن سرعة نحو البيع وهذه المرة بيع الأراضى والمبانى الحكومية أو بالأحرى طرحها للبيع. أما الأخبار التى تهم المواطن فى رزقه وحياته فهى قادمة من اجتماع الرئيس السيسى ومحافظ البنك المركزى طارق عامر، وهو الاجتماع الذى استعرض الموقف بعد المراجعة الثانية لبعثة صندوق النقد للحصول على الشريحة الثالثة من قرض الصندوق.

ولكن تظل الأخبار القادمة من مجلس الدولة أو القضاء عموما الأهم.. لأنها قضايا من الوزن الثقيل جدا.

1- أزمة مناصب القضاة

لاول مرة حكم قضائى واحد يمس ويتقاطع ويهدد ثلاثة مناصب قضائية، ومن بين هذه المناصب منصب رئيس المجلس الأعلى للقضاء وهو منصب رئيس محكمة النقض ومنصب رئيس مجلس الدولة ومنصب رئيس هيئة قضايا الدولة.

وبدأت القصة عندما قرر المستشار يحيى الدكروى الطعن على قرار رئيس الجمهورية بتجاهل تعيينه رئيسا لمجلس الدولة، وذلك على الرغم من قرار الجمعية العمومية لمجلس الدولة باختيار المستشار الدكرورى للمنصب. المهم قام المحامى الكبير والفقيه الدستورى عصام الإسلامبولى برفع الدعوى أمام الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا للطعن على المادة الرابعة من قانون الهيئات القضائية بعدم الدستورية. الأسبوع الماضى سمحت الدائرة للمحامى بتقديم الدعوى للمحكمة الدستورية لأنها ترى شبهة بالفعل فى عدم دستوريتها، وهذا الحكم تستفيد منه دعويان آخريان مهمتان أمام نفس الدائرة، وهما: دعوى تخص نائب رئيس محكمة النقض وأحد مستشارى هيئة قضايا الدولة، والاثنان يطعنان على اختيار رئيس الجمهورية لرئيسى محكمة النقض ورئيس هيئة قضايا الدولة بحجة عدم دستورية المواد القانونية التى قام رئيس الجمهورية على أساسها باختيار رؤساء هيئات القضايا، ومن المتوقع فى ظل حكم المستشار الدكرورى أن يحصل الطاعنان على نفس الحكم، ولأول مرة فى تاريخ القضاء المصرى يواجه رؤساء ثلاث هيئات قضائية مثل هذا الموقف الذى يهدد استمرارهم فى مناصبهم، والحقيقة أننا لم نكن فى حاجة لمثل هذا الموقف الحرج لولا إصرار البرلمان على تجاهل مطالب القضاة، وذلك خلال إقرار قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية.

2- مطاردة «الخدمة المدنية»

ولأول مرة يتسبب برنامج أو حوار مسئول فى برنامج فى تكتل قانونى وتهديد لقانون بالطعن فى عدم دستوريته، وبدأت الحكاية بحوار لرئيس جهاز التنظيم والإدارة المستشار محمد جميل مع لميس الحديدى فى برنامجها «هنا العاصمة». رئيس الجهاز قال فى الحوار إن الحكومة تخطط للتخلص من أصحاب المهن، وهو تأكيد لما نشرته «الفجر»، واعتبر بعض النشطاء من أهل القانون كلام المسئول الحكومى بمخالفة القانون والدستور الذى ينص على عدم فصل موظف إلا بحكم قضائى، واعتراف المستشار محمد جميل بعزم الحكومة بالتخلص من أصحاب المهن المعاونة واللجوء للشركات يورط الحكومة قانونا، لأنه يؤدى إلى تخلص الحكومة من الموظفين دون تقصير منهم. النشطاء القانونيون لديهم أكثر من سيناريو، الأول هو إقامة دعوى قضائية الآن على محمد جميل بصفته الوظيفية، أما السيناريو الثانى فهو إقامة دعوى قضائية ضد كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومحمد جميل ولكن الحل الثانى يعنى انتظار أن تبدأ الحكومة فى التخلص من كل من المهن المعاونة «السائقين والصنايعية والبوفيه والسعاة» ثم الطعن فى قرار الحكومة بالتخلص من اكثر من نصف مليون موظف حكومى.

3- ردا على الإرهاب

الطرق الصوفية طلبت من جهات الأمن التصريح بإقامة احتفالات المولد النبوى الشريف ولمدة ثلاثة أيام كاملة، الطرق الصوفية ترد بهذه الاحتفالات الضخمة فى كل محافظات مصر على الإرهابيين والجريمة البشعة التى وقعت على المصلين بمسجد الروضة ببئر العبد، وقيل فى تبرير الجريمة إنها عقاب للطرق الصوفية على مواصلة نشاطها.

وذلك تخطط الطرق الصوفية لإقامة احتفالات كبرى بالمولد النبوى الشريف، وينكر الإرهابيون الطرق الصوفية ولا يعترفون بها ويعتبرونها نوعا من البدع التى يجب أن تتوقف، ويتردد أن أهالى قرية مسجد الروضة تلقوا تهديدات بوقف الاحتفالات الصوفية فى قريتهم وإلا سينزل الإرهابيون بهم العقاب.

4- بيع الحكومة

تبدأ الحكومة فى طرح أراض ومبانى حكومية بأربع محافظات للبيع أول العام، والمحافظات هى القاهرة والمنيا والدقهلية وأسيوط، وتواصل وزارتى الإسكان والتخطيط الانتهاء من دراسات الجدوى لهذه المبانى والأراضى لتبدأ فى طرحها للبيع على المستثمرين من خلال مزادات.

المشكلة التى لا تزال معلقة حتى الآن هى أرض الهيئة العامة للمعارض، وكانت الأرض ستطرح للبيع بعد بدء بناء هيئة المعارض فى العاصمة الإدارية الجديدة، ويعود بيع أراضى الهيئة العامة للمعارض فى مدينة نصر بأكثر من 50 مليار جنيه على الخزانة العامة للدولة، ولكن القرار الحكومى الخاص بهدم وبيع هذه الأرض صدر وبه خطأ إدارى، وهو الأمر الذى أوقف العمل على الانتهاء من طرح أراضى هيئة المعارض للبيع، وحرم الموازنة من ثروة مالية كبرى، وحتى الآن لم يتم إصلاح الخطأ وإصدار قرار إدارى جديد للانتهاء من بيع الأرض التى توصف بأنها الأغلى فى تاريخ المبانى الحكومية.

5- أخبار سعيدة

اجتماع الرئيس السيسى مع محافظ البنك المركزى طارق عامر الأسبوع الماضى حمل أخبارا سعيدة لأول مرة منذ كارثة التعويم. خلال الاجتماع قدم عامر للرئيس آخر المستجدات مع قرض صندوق النقد وبعثة التقويم أو المراجعة الثانية، وبحسب صندوق النقد فإن مصر انتهت من العام الأصعب والأسوأ وأن قفزات ارتفاع الأسعار ستختفى فى العام المقبل، وأن الاستثمار سيتحسن خلال العام المقبل، وأن الإجراءات الاقتصادية الصعبة ستقل كثيرا خلال العام المقبل. المهم أن طارق عامر وضع هذه الآراء أمام الرئيس وحجم الاحتياطى وحجم التدفقات الدولارية فى البنوك المصرية، وأكد طارق للرئيس بأننا اجتزنا الجزء الأصعب ونبدأ خطة جديدة للإصلاح. لقاء السيسى وعامر لم يتطرق إلى مشروع قانون البنوك الذى يثير أزمة، والأزمة هى رفض كثير من رؤساء البنوك للعديد من مواد القانون.

وعلى الرغم من بدء أعمال الدورة الجديدة لمجلس النواب إلا أن طارق عامر لا يبدو متعجلا بإحالة القانون لكل من الحكومة والبرلمان. بعض رؤساء البنوك بدأوا بوضع خطة لمواجهة مشروع قانون طارق فى مجلس النواب والاستعانة بلوبى من النواب وقيادات المجلس، وذلك بعد يأسهم من أن يتراجع طارق عامر عن مشروع قانونه أو بالأحرى المواد محل الخلاف. الخلاف وصل إلى كل الجهات العليا والرقابية والتى فضلت ألا تعلن موقفها الآن أو لرؤساء البنوك.