منال لاشين تكتب: الفاشل

مقالات الرأي



■ أهدى مناقصة فى المطار لساويرس بالمخالفة للقانون 

■ يفتخر بأنه رجل أعمال 

■ أقصى أحلامه أن يكون رئيسًا لوزراء مبارك أو وريثه 

■ فى الإمارات ظن أنه يجلس على دكة البدلاء ولم يفهم أنه فى انتظار ماتش الاعتزال

شعرت بالراحة والسعادة عندما سمعت صوت وكلام الفريق شفيق مع الزميل وائل الإبراشى، فى الحقيقة لم أكن قلقة على الفريق شفيق، ولكننى كنت قلقة من احتمال أن أضطر أن أدافع عن شفيق وحقوقه كمواطن وسياسى، فمن حق المواطن أحمد شفيق أن يسافر ويعود لبلده وأن يعيش فى مصر بلا مضايقات وألا يتعرض لإهانات وألا يقتحم الإعلام حياته الخاصة بالكذب أو الصدق، ومن حق السياسى شفيق أن يرشح نفسه لانتخابات الرئاسة سواء رئاسة الجمهورية أو رئاسة نادٍ رياضى، وأنا شخصيا أرشحه لرئاسة نادى هليوبوليس، هذه حقوق لأى مواطن ضمن حقوق الإنسان، ولكن حقوق الإنسان ذاتها تمنحنى حق انتقاده ورفض ترشحه، فأنا ضد السياسى شفيق، أبطلت صوتى فى انتخابات 2012، ودخلت مع الوزير شفيق فى حملة صحفية حول بعض تجاوزات، والحملة منشورة فى عز نفوذ وقوة وزير الطيران الأسبق أحمد شفيق، وموقفى السلبى من شفيق يعود إذن لعصر مبارك مرورًا بالانتخابات الرئاسية انتهاء بما فعله خلال سنوات الهروب الخمس، مرة أخرى ممارسة هذا الحق لا تتضمن أى إهانة للرجل أو تدخل فى حياته الشخصية ولكننى أقدم لكم شفيق من وجهة نظر سياسية فقط لأبرر لماذا أنا رافضة لترشحه الأول أو الثانى.

1- حصانة مزدوجة

أعتقد أن التقييم الموضوعى للفريق شفيق يجب أن يبدأ بدوره فى عصر مبارك وخريطة علاقاته، لأنها أثرت بشدة على كل خطوات شفيق فيما بعد.

لم تكن علاقة شفيق بوزير الدفاع فى ذلك الوقت المشير حسين طنطاوى جيدة وربما كانت متوترة، ولكن المشير طنطاوى رجل صريح وحاسم ولا يحب المؤامرات السياسية، ولذلك لم يعانِ شفيق من توتر علاقته بالمشير طنطاوى فى تلك الفترة.

فى المقابل كانت علاقة شفيق بمبارك قوية جدًا وبحسب كلام شفيق نفسه فقد استطاع إقناع مبارك بالتنحى، وهى مهمة تكشف عن مدى القرب والثقة بينهما، وكان شفيق يتمتع بعلاقة صداقة وثيقة برئيس الديوان الدكتور زكريا عزمى، وبذلك تمتع شفيق بحصانتين وليست حصانة واحدة فقط، وقد أفادته هذه العلاقات الوثيقة فى عمله سلبا وإيجابا، فقد استطاع أن ينجو من معوقات الروتين والمؤامرات السياسية من زملائه الوزراء لإنجاز أفضل أعماله أو بالأحرى عمله الفريد الوحيد وهو المطار الجديد فى زمن قياسى، ولكن هذه الحصانات كانت تدفعه من باب الاطمئنان إلى تجاوز القانون أحيانا بحجة عدم تعطيل المراكب، وهو واثق أن قربه من مبارك وعزمى سيحميه من المساءلة أو الإعلام، ويمكن لهذه العلاقة أن تفسر لنا الهروب السياسى لشفيق بعد خسارته الانتخابات للإمارات، فالرجل الذى اعتاد العمل والعيش فى حضن السلطة لم يتحمل المواجهة، فخلع رداء الزعيم السياسى وترك جماهيره وشعبه، وكان ذلك الهروب المخجل والمخزى كارثيًا، وواجهه الجميع الإخوان إلا هو، استشهد زميلنا الحسينى أبوضيف ورفاقه من خيرة شباب مصر أمام الاتحادية، وتعرضت المصريات والمصريون للخطف والتعرى والضرب من الإخوان، فيما كان شفيق يتابع أخبارنا عبر الشاشات من قصره بالإمارات، ويحاول القيام بدور سياسى عبر الحوارات وكأنه سيقود ثورة يونيو بالريموت كنترول، لم يغامر لا بحياته ولا حريته مثل الآخرين فى معركة إنقاذ مصر من الإخوان، وأنا هنا لا أقصد الرئيس السيسى وحده أو قيادات الجيش التى حمت الثورة، ولكن أشير أيضا إلى السياسيين الذين واجهوا الإخوان وشكلوا جبهة الإنقاذ مثل عمرو موسى وحمدين صباحى ورفاقهما، أو شباب حملة تمرد، كل هؤلاء كانوا سيفقدون رءوسهم لو فشلت الثورة، فيما تبقى رأس الفريق شفيق على جسده لأنه ببساطة هرب من ميدان المعركة، فشفيق لا يبدع أو يتحرك إلا فى ظل حصانة أو قوة ما، وهو الرجل الذى لم يمارس السياسة لم يؤمن يوما بقوة الجماهير أو الشعب، وأعتقد أن أحد أسباب سرعة هروب شفيق أنه لم يكن خائفا من الإخوان فقط، ولكنه لم يحسن الظن بالمشير طنطاوى لتوتر العلاقة بينهما.

2- صدمة الانتخابات

ولا شك أن الانتخابات الرئاسية فى 2012 ونتائجها قد أصابت الفريق شفيق بصدمة وعدم اتزان سياسى، فقد كانت أقصى أحلامه فى عصر مبارك أن يصل لمنصب رئيس الحكومة سواء تحت رئاسة مبارك أو وريثه جمال، ولم يخطر له فى أقصى أحلامه أو بالأحرى كوابيسه أن يصل لكرسى الرئاسة، وفوجئ شفيق بالنجاح الذى أحرزه فى الجولة الأولى للانتخابات، فقد حل شفيق فى المركز الثانى متقدمًا بنحو ثلاثة ملايين عن زميله فى الوزارة النجم اللامع عمرو موسى، ثم نافس مرسى فى الجولة الثانية فحصد 48% من الأصوات واتصل به الرئيس الأمريكى أوباما بوصفه زعيم المعارضة، ولم يحلل شفيق السبب الرئيسى فى تفوقه على بقية المرشحين المدنيين، فهو رجل ذو خلفية عسكرية، ولديه تجربة وزارية، وفى الجولة الثانية ذهبت إليه الأصوات كرها فى مرسى وليس حبا فى شفيق، ولكن شفيق لم يقرأ الخريطة أو الصورة بهذه الصورة وتجاهل دور رجال الأعمال والحزب الوطنى فى دعمه خلال الانتخابات الرئاسية، وظل شفيق على اعتقاد أنه زعيم تسعى إليه الجماهير وتنتظر طلته، خلال السنوات الخمس ظل شفيق ينتظر متصورا أنه يجلس على دكة الاحتياطى أو البدلاء، دون أن يدرك أنه فقد لياقته السياسية وأقصى ما ينتظره هو ماتش اعتزال، وفى ظل الصدمة وعدم التوازن السياسى وربما تجاهل إقامة حفلة تكريمه تصور الفريق شفيق أنه قادر على إعادة الزمن، وأنه يمكن تجميد التاريخ لالتقاط نفس الصورة التى عمرها خمس سنوات، وهذا التصور فى حد ذاته لا يكشف عن تفكير سياسى بارع، ولكن شفيق ومن باب الموضوعية كان يعتمد فى دعايته على كونه رجلاً حكوميًا وتنفيذيًا بارعًا، وهذا بالظبط ما شككت فيه وفى عز نفوذ شفيق وفى حملة صحفية محترمة.

3- رجل فوق القانون

خلال انتخابات 2012 لم أنشر أو بالأحرى أعيد قصة الحملة والحوار مع الفريق شفيق لأننى خشيت أن تصب فى صالح مرسى، بدأت الحملة عندما كنا لا نزال فى جريدة (صوت الأمة)، وبدأ الحملة الأستاذ عادل حمودة، وكانت وزارة الطيران عندما كان شفيق وزيرها قد أعلنت عن مناقصة، وذهبت المناقصة لشركات آل ساويرس، وذلك بالمخالفة للقانون، لأن الفائز فى المناقصة كان تحالفًا من شركة أجنبية وأخرى مصرية، وبعد نشر مقالة عادل حمودة وبدلا من أن يعتذر الفريق شفيق خرج علينا من صفحات أخبار اليوم ليؤكد أنه لم يتراجع عن منح شركة ساويرس المناقصة، ولكن على الناحية الأخرى انهالت علينا شكاوى بالمستندات ضد تجاوزات أخرى فى مجال المناقصات وعدم الالتزام بالقواعد القانونية، واستمرت الحملة من خلال الزميل عبده مغربى ومن خلالى، جاءتنا شركات أمريكية وأجنبية ومصرية تشكو من عدم الالتزام بالقواعد وإلغاء المناقصات دون إبداء أسباب، إحدى الشكاوى كانت من رئيس شركة نرويجية فازت بمناقصة مطار رأس سدر، وبعد الفوز بكام شهر، اتصل مكتب شفيق بالرجل، وأبلغوه بضرورة الحضور خلال يومين لمصر للأهمية، وتصور الرجل أنه مطلوب للتوقيع النهائى للمناقصة، ولم يكن هناك طيران مباشر لمصر خلال اليومين المحددين، فقام الرجل النرويجى باستئجار طائرة خاصة، وحضر فى الموعد بوزارة الطيران، فوجد وزير الطيران شفيق ووزير الاستثمار السابق الدكتور محمود محيى الدين، وظل شفيق يعرض عليه مشروعات جديدة، وبعد نحو ساعة قال رجل الأعمال النرويجى أن شركته لم تدخل فى مشروعات جديدة الآن، لأنها ستركز على مناقصة مطار رأس سدر، فرد عليه الفريق شفيق بهدوء شديد بأن المناقصة اتلغت، فعاد الرجل فى نفس اليوم لبلاده وحلف ألا يستثمر مرة أخرى فى مصر، ونشرت هذه القصة أو بالأحرى الفضيحة فى الصحف الأجنبية.

مرة أخرى نشرت قصة أو شكوى شركة أمريكية حصلت على مناقصة وقابل رئيس الشركة الفريق شفيق ورؤساء الشركات القابضة، وبعد ذلك تهربوا منه، ونشرنا بالمستندات القصة كاملة، وفى غضون ذلك طلب شفيق مقابلة الأستاذ عادل حمودة لشرح كل ملابسات ما نشرناه، وعلمت فيما بعد أن شفيق حاول وقف الحملة من خلال الشكوى لمبارك، فجاءة الرد أن يجلس مع عادل حمودة، ورفض حمودة مقابلة شفيق لوحده، وطلب حضور مجلس تحرير صوت الأمة، ومن جانبه أحضر الفريق شفيق بعض رؤساء الشركات التابعة للوزارة، وذهبت مع الأستاذ عادل فى سيارته للقاء شفيق، وجاء زملائى فى سيارة أخرى، ووصلنا قبل الزملاء، وفى انتظار وصولهم بدأ شفيق يحكى على عادة الوزراء على التطوير الذى أحدثه فى الوزارة، حكى أنه فوجئ بدخول مضيفات عليه وقال: (قعدوا يقولوا لى نطة ورابطة فقلت له أنا ماعنديش الكلام ده، رابطة إيه) وكان الفريق شفيق فخورا بهذا الكلام، فقلت له إن الدستور المصرى يعترف بالنقابات والروابط، وفيما بعد اضطر شفيق أن يتعامل مع كل من رابطة الطيارين والمضيفين.

فوجئت بشفيق يشكو مرة أخرى من تركه سلفه، وأنه وجد أن شركة مصر للطيران ترعى فرقًا وفنانين وتقدم تذاكر مجانية لبعض ضيوف مصر، واعتبر شفيق أن هذه التصرفات إهدارًا لأموال الشركة، فقلت له مرة أخرى إن شركة مصر للطيران شركة كبرى وعليها مسئولية اجتماعية تجاه المجتمع، فرد ممتعضا من حكاية المسئولية الاجتماعية.

أما أسوأ ما قاله شفيق بالنسبة لى، فقد كان اعترافه بفخر شديد بإلغاء خطوط طيران لدول إفريقية، لأنها لا تحقق ربحا، فرددت بغيظ: حضرتك دي أمور تدخل فى الأمن القومى، فرد أنه رجل أعمال ولا دخل له فى السياسة، وكان الرجل يقصد أنه يريد إخراج الشركة من خسارتها بفكر القطاع الخاص ورجال الأعمال، وبعد هذا الحوار بكام أسبوع وبتدخل من اللواء عمر سليمان أعيدت الخطوط حرصا على الأمن القومى.

المهم جاء الزملاء وبدأت الندوة، وواجهنا الفريق شفيق بقصة المستثمر الأمريكى فزعم فى البداية أنه لم يقابل الرجل فى حياته، وتدخل رئيس إحدى الشركات فذكر الفريق شفيق أن الرجل جاء إلى مكتبه مرة، وبدأ الفريق يسأل رئيس الشركة بدهشة عن حقيقة الرجل، ثم تذكر فجأة الرجل وقال (الراجل اللى كان قاعد فى الصالون اللى ورائى) فأجاب رئيس الشركة بتأكيد المعلومة، فواصل الفريق شفيق كلامه مؤكدا أنها المرة الأولى الذى يعرف أن الرجل اللى دخل مكتبه هو المستثمر الأمريكى أو وكيل الشركة الأمريكية، ورفضنا بالطبع هذا التفسير، فدخول مكتب الوزير ليس مسألة سهلة، وتحول الأمر بيننا لنكتة «الراجل اللى ورا شفيق»، ولم أخرج بانطباعات جيدة عن كفاءة الرجل الذى كانت تملأ الحكومة وبعض الأوساط السياسية، وعزز من هذا الانطباع أنه بدا لى رجلا معتمدا على نفوذه وحصانته وعلاقته بالرئيس إلى حد كبير، وأنا لا أنكر أن لديه مهارات وبعض الكفاءة، ولكن اعتماده على نفوذه وعلاقته بمبارك أكبر من كفاءته الإدارية والتنفيذية إلى حد كبير، ولذلك لم أقتنع يوما بالفريق شفيق كوزير عظيم، فما بالك برئيس جمهورية، وأعتقد أن الرجل كان محظوظا فى حياته المهنية، وأن الدنيا أعطته أكثر كثيرا مما أخذت منه، ولو كنت مكانه لحرصت على الاحتفاظ بما حظى به فى حياته، وبالصدفة التاريخية التى أوصلته إلى المنافسه على رئاسة الجمهورية، وأرجو ألا يقع الرجل فى هوى الماضى ويعيد فتح الأوراق، ففى بعض الأوراق ما يدينه مثل خروجه من مصر هاربا وعودته لها غير مرغوب به على أرض الإمارات، يا سيادة الفريق قبل أن تفكر فى الترشح عليك أن تجيب عن أسئلة مهمة، لماذا هربت وتركت المصريين؟ ومن كان يتولى الإنفاق على إقامتك وأسرتك فى الإمارات؟ ولماذا اخترت أن تبدأ حملتك من فرنسا وأوروبا، وهل كنت تستهدف المصريين بالخارج أم تستهدف شخصيات وقوى أخرى؟ هل كنت ستنسق مع الإخوان وتنقلب العداوة لتحالف؟ أنا لا أتهم الفريق شفيق ولا أزعم أن لدىَّ معلومات خاصة، ولكننى نشرت قبل ذلك أن شفيق جلس مع القيادى الإخوانى حسن مالك أثناء انتخابات 2012 فى منزل أحد رجال الأعمال ولم ينفِ شفيق ذلك أو يعترض عليه، وفى عالم السياسة المصالح تتصالح، هذه الأسئلة وغيرها فى حاجة إلى إجابات واضحة وحاسمة من الفريق إذا أصر على الترشح للانتخابات، أما إذا اختار البقاء فى مصر مواطنا فساعتها لن يكون مطالبا بالرد على هذه الأسئلة وغيرها وذلك تحت شعار «عفا الله عما سلف».