محمد زكريا عبدالراضي يكتب: باب التاريخ (باب زويلة)

ركن القراء

محمد زكريا عبدالراضي
محمد زكريا عبدالراضي

أمام باب زويلة (باب التاريخ) وقفت استدعي الغائب الحاضر، ذلك الباب الذي يتكون من بوابة عظيمة عرضها 4.5 متر وعلي جانبيها برجان عظمان مقوسان، تحتهما من أسفل بحيث يكونان مدخلًا معقودًا يثبت فيه مصرعًا الباب الخشبي بينهما ممر مسقوف بقبة حجرية ضحلة يرتكز علي أرببع مثلثات كروية ويعلو البرجان حليًا مئذنتان شيدهما السلطان المؤيد شيخ الجامع الملاصقان للباب، وكان إمام الباب زلاقة كبيرة لتعليق المهاجمين ولكنها غير موجودة الآن.


يرجع تاريخ هذا الباب عندما أسسه قائد الفاطمي، (جوهر الصقلي)، عند زاوية سام بن نوح وسبيل العقادين ثم بناه في مكانه الحالي الأمير بدر الجمالي ويعتبر هذا الباب أحد أهم ثلاثة أبواب من أبواب القاهرة الفاطمية تم إنشاء هذا الباب عام 485 هجريًا، 1092ميلاديًا، أي بعد بناء بوابتي النصر والفتوح بخمس سنوات، وسمي هذا الباب بهذا الاسم نسبة لقبيلة زويلة من قبائل البربر التي جاءت مع جيوش جوهر الصقلية ويطلق عليها أهل القاهرة بوابة المتولي نسبة إلى متولي جمع الضرائب الذى كان يجلس تحت الباب.


هنا عند هذا الباب علقت رؤؤس رسل هولاكو قائد التتار حينما أتوا مهددين المصريين، هنا أُعدم السلطان طومان باي، عندما فتح سليم الأول مصر وضمها للدولة العثمانية وانتهت بذلك الدولة العباسية.



كنت أتامله وأنا أدندن أبيات شعر كتبها المؤرخ "القلقشندي"، في كتابه "صبح الأعش"


ياصاح لو أبصرت باب زويلة

لعملت قدر محله بنيانا

لوان فرعون راه لم يرد

صرحًا ولا أوصى به هامانا


هنا توقف ركب السلطان الأسير "طومان باي " كان حراسه 400 جندي من الإنكشاريه مكبلًا فوق فرسه، وكان الناس في القاهرة قد خرجوا ليلقون نظرة الوداع على سلطان مصر، تطلع طومان باي إلى البوابة فرأى حبلًا يتدلى فأدرك أن نهايته قد حانت ترجل وتقدم نحو الباب بخطى ثابتة توقف والتفت إلى الناس التى احتشدت حوله وتطلع إليهم طويلًا ثم طلب منهم أن يقرأوا له الفاتحه ثلاثة مرات ثم التفت إلى الجلاد وقال له "اعمل شغلك".


فوضع الجلاد الحبل حول عنقه ورفع الحبل ولكن الحبل انقطع ليسقط السلطان على عتبه باب زويلة فجرب المحاولة التانية ولكنه انقطع مرة أخرى وفي الثالثة فاضت روحه إلى بارئها.


هكذا مات طومان باي، آخر سلاطين المماليك الشراكسة بمصر "الأشرف أبو النصر طومان باي"، الذى استلم الحكم بعد مقتل عمه "السلطان قنصوه الغوري"، بموقعه مرج دابق بعد أن عينه نائبًا له قبل خروجه لقتال العثمانيين رفض طومان باي، استلام الحكم في البداية ولكنه وافق بعد ذلك


أراد طومان باي، أن يزحف نحو الشام لملاقاة جيش العثمانيين ومحاربتهم فأوكل الأمير "جاب بروي الغزالي"، لتلك الحملة إلا أن خيانة هذا الأمير جعلتهم يخسروا المعركة ويزحفوا نحو غزة فأعد طومان باي جيشًا بسرعة وخرج لملاقاتهم في الريدانية ويتربص بهم هناك إلا أن العثمانيين دخلوا إلى العريش أول مدن مصر وزحفوا نحو الصالحية بالشرقية ونشبت بعدها معركة الصالحية بين السلطان سليم الأول وطومان باي لتتم خيانة السلطان مرة أخرى، ويخسر المعركة ويخسر طومان باي حكم مصر  ويقرر سليم الأول إعدامه بعد أن أوشي به أحد الشيوخ واسمه "حسن بن مرعي"، وكان طومان يختبئ عنده بعدما أعلن سليم مكافأة كبيرة لمن يدلي بمكانه ليكون جزاء بن مرعي، بعد ذلك حبسه من قبل العثمانيين فى قلعة الجبل ولكنه هرب بعد ذلك ليتم إعدامه فى مارس 1519.