د. رشا سمير تكتب: ولا عزاء للسيد رئيس حى النُزهة!

مقالات الرأي



عقب كل تغيير وزارى وكل حركة محافظين ينتظر المواطنون الغلابة حركة تغييرات رؤساء الأحياء علها تأتى بجديد.. أو تأتى بشريف..أو تأتى بمن يهمه الأمر!.

نتابع قسم اليمين على شاشة الفضائيات بكل حماس وأمل فى تغيير حقيقى، خصوصا ونحن نرى المسئول يرفع يده ويقسم بأنه سوف يحافظ على الوطن وأنه سوف يرعى مصالح الشعب رعاية كاملة!..

تمر الأيام.. ويبقى الوضع على ما هو عليه..ويتضح أن زيد لا يختلف كثيرا عن عبيد أو أنهم شالوا ألضو وجابوا شاهين..وإحنا فى الحالتين مضطرين!

كلما مررت فى منطقة مصر الجديدة، بالتحديد فى شارع فريد سميكة المؤدى إلى ميدان بقطر الذى يصل المنطقة بالألف مسكن، تجتاحنى موجة من الحزن الشديد والضحك الهستيرى فى آن واحد..فشر البلية ما يُضحك..

هذه المنطقة التى كانت من أرقى مناطق مصر الجديدة منذ بناها البارون امبال وحمدا لله أنه توفى قبل أن يشاهد التردى الذى وصلت إليه وإلا كانت جت له جلطة!.

لقد قام الهكسوس باحتلال المنطقة الراقية..أيون الهكسوس!.

وقت حكم الأخوان كانت المسيرات تخرج كل جمعة من منطقة الألف مسكن والمطرية وتمر بفريد سميكة حتى تستقر بميدان الحجاز فتتحول المنطقة إلى قنابل يدوية وغاز وبلطجة بلا ضابط ولا رابط..ولكن..

انتهى حكم الإخوان واستمرت البلطجة!.. بل تطور الأمر إلى حالة من الفوضى التى تبعث على الاستياء والقرف الشديد..

فى البداية احتل سائقو الميكروباصات الميدان وسط صمت رئاسة الحى ورئيسها..ثم عندما استمر البلطجية الوضع صنعوا من المنطقة موقفاً لهم بقوة الذراع.. ثم تطور الأمر إلى أنهم أصبحوا يسيرون فى الاتجاه المعاكس دون خوف من الحساب «وحساب من مين واللا المسئولين واخدين تعسيلة»!..

عندما تدخل إلى الميدان يفاجئك من يأتى فى وجهك فى الطريق المعاكس، ومن يصعد فوق الرصيف ومن يقف فى وسط الطريق، ولو حاول أى مواطن غلبان الاعتراض «ويا سلام لو كانت واحدة ست» ينقض عليها السائقون الذين يترنحون من تأثير المخدرات والترامادول يسبونها بأقزع الألفاظ ويهددونها بالسنج!.. وكيف ننسى عندما انقض بلطجية الميكروباصات على ضابط الشرطة الشاب وقتلوه فى نفس المكان دون أى محاولة لتطهير المنطقة وإخضاعها للقانون.

ولأننا فى مصر نتعامل من منطلق المثل الشهير «هات صباعك علشان آكل دراعك!».. فعندما سكت رئيس الحى وسكتت الدولة عن تلك الفوضى، قرر باقى البلطجية أكل ذراع الحكومة!..

وبين عشية يوم وضحاها تحولت المنطقة إلى نوع آخر من الإشغالات.. فلقد قام كل من هب ودب باستئجار عربة كارو وركنها فى منتصف الشارع لتتحول المنطقة إلى الشارع التجارى ببورسعيد «الجو بتاع بدلة حمادة يا حلوين»..هذا يبيع فناجين وأطباق صينى، وهذا يتاجر فى الغيارات الداخلية وهذا يبيع مأكولات جاهزة.. لكن والحمد لله هذا لم يعطل مصالح بائعى الموز والبطاطا والترمس فى المنطقة!..

المضحك بحق أن هناك نقطة شُرطة على بُعد خطوات من تلك المهزلة..لكن..وهل يجرؤ أحد على مواجهة البلطجة؟ بالطبع لا..

نحن فى وطن لا يُفعل فيه القانون.. وكل أصحاب الصوت العالى والبلطجية أمنوا العقاب فأساءوا الأدب.

إذن.. أين رئيس الحى؟ سؤال أسأله لنفسى كلما استمعت إلى شكاوى سكان المنطقة وقرأت رسائلهم..والمصيبة أن تلك الكارثة ليست وليدة أيام ولا شهور بل هى وليدة سنوات!..

كارثة تعاقب عليها رؤساء أحياء ومحافظون كُثر فغضوا أبصارهم «ما هو الناس عايزه إيه من المناصب غير إنها تاكل عيش!»..

لماذا نتفنن فى القضاء على كل ما هو راقٍ؟ لماذا نُصر على استبدال الجمال بالقُبح؟

لماذا لا نختار الأكفاء لتولى المناصب؟ ولماذا لا يتم الإطاحة بكل من يتقاعس عن تأدية واجبه الوظيفى؟..

سألت، فأجابونى إن تلك المنطقة هى تابعة لرئيس حى النُزهة..ولأن التبرير الخائب الذى يأتينا دائما عندما نطرح مشكلة هو: وهو الراجل هيعرف إزاى؟.

ردى هو..ببساطة لو غادر السيد رئيس الحى مكتبه الفاخر وقام بجولة على المناطق التابعة له، سيعرف!..وكونه لا يعرف كارثة أكبر بكثير من كونه يعرف ولا يُبالى..

السيد رئيس الحى..إن كُنت لا تعرف..فها أنت اليوم قد عرفت..وإن كنت لا تستطيع مواجهة هؤلاء البلطجية بالقانون فاترك منصبك لمن يستطيع..

اللهم بلغت..اللهم فاشهد..