د. رشا سمير تكتب: معرض الكتاب.. 300 ألف زائر فى الأسبوع الأول.. والجمهور يتحدى الظروف الجوية.. ويتجاهل "الندوات"

مقالات الرأي



وسط أجواء ممطرة وغيوم ملأت سماء القاهرة وكأن الشتاء تذكر أنه لم يأن وقت الرحيل بعد، افتتحت وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم معرض كتاب القاهرة لدورته الـ49 يرافقها عز الدين الميهوبى وزير الثقافة الجزائرى وسفير دولة الجزائر بالقاهرة وبعض الوزراء.. مازالت الثقافة هى الجسر الممتد بين دول العالم لتلتقى ولتلتحم، ومعرض كتاب القاهرة هو من أرسى قواعد التواصل الثقافى العربى.

يحتفى المعرض هذا العام بكتاب رحلوا فى 2017 مثل الشاعر سيد حجاب الذى تُصدر الهيئة العامة للكتاب طبعة للأعمال الشعرية الكاملة له فى كتابة العامية وغيره من الأدباء..

على الرغم من برودة الجو الذى هاجم البلاد إلا أن هناك مصادر من داخل المعرض تؤكد أن عدد الحاضرين فى اليوم الأول وهو السبت الماضى وصل إلى 300 ألف زائر!.


1- مازال ومازالت:

مازال بائعو الفريسكا هم المتصدرين للإقبال الأكبر ومازالت الندوات الثقافية واللقاءات الفكرية بلا إقبال حقيقى يناسب حجم الزائرين..

مازال سور الأزبكية هو الوحيد القادر على المنافسة فى ظل ارتفاع سعر الكتب وحالة الارتباك الاقتصادى المهيمنة على سوق النشر.

مازالت أيضا وبكل أسف الكتب المزورة على أرصفة الأزبكية هى خير دليل على فشل اتحاد الناشرين والدولة فى محاربة سوق التزوير.. لماذا لا تتم مصادرة تلك الأعمال، منع هؤلاء التجار من المشاركة فى المعرض، خصوصا أن وجود وزيرة الثقافة ورؤساء اتحادات الناشرين فى نفس المكان الذى تُباع فيه الكتب المزورة يُعطى شرعية لهؤلاء القراصنة!..

مازال الحصول على مشروب نظيف ساخن أو وجبة محترمة ليس بالشكل اللائق ومازالت ثقافة دورات المياه واستخدامها غائبة عن الشعب المصرى.

مازال سيل الإصدارات والعناوين الجديدة تملأ الأرفف والأرصفة، ومازال عدد الكُتاب ينافس عدد القراء بشدة، فكل من رأى أنه يستطيع أن يمسك بالقلم قرر فى نفس اللحظة أن يُصبح كاتبا ويخوض رحلة النشر فى ظل دور نشر صنعت من الثقافة تجارة لا تساهم بأى شكل من الأشكال فى الارتقاء بالثقافة بل تساعد على المزيد من التردى!..

ومازلت أتمنى أن تتحسن صورة المعرض بالشكل اللائق بدولة عريقة مثل مصر.

إذ مازالت هناك بعض الدور قادرة على المنافسة والمحافظة على كيانها واحترام قرائها بإصدار عناوين محترمة وعدد طبعات يضمن لها البقاء فى قائمة دور النشر الداعمة للثقافة.. مازالت الروايات العربية وكتب تنمية الذات وقصص الأطفال هى التى تتصدر المشهد عن جدارة..والغريب أيضا أن هناك بعض العناوين القديمة استطاعت أن تظل هى الأكثر جذبا للقراء وعلى الرغم من مرور أعوام طويلة على صدورها فمازالت تلك الأسماء هى المطلوبة وهو الدليل القاطع على أن البقاء فى عالم الأدب هو دائما وأبدا للأقوى..

تلك الأسماء على سبيل المثال وليس الحصر هي: جبران خليل جبران وجلال الرومى وإحسان عبد القدوس وإيرنست همنجواى وأنطوان تشيخوف وتشارلز ديكنز وغيرهم من المبدعين الذين أثروا الثقافة بأقلامهم ومازالت بصماتهم هى الأقوى..

من بين كل العناوين ومن خلال بعض دور النشر أصطحبكم فى جولة بين أربعة عناوين كان الإقبال عليها ملحوظا فى الأيام الأولى للمعرض..


2- مثنوى"جلال الدين الرومى" صادر عن: المركز القومى للترجمة

تصدر كتاب «مثنوى» لجلال الدين الرومى فى طبعته الخامسة، قائمة الأعلى مبيعا بجناح المركز القومى للترجمة فى اليوم الأول من معرض القاهرة للكتاب، وهو من أروع كلاسيكيات الآداب الإسلامية، كُتب النص فى القرن السابع الهجرى وهو من 6 أجزاء.

مثنوى هو ديوان شعرى باللغة الفارسية لجلال الدين الرومى..والمثنوى يعنى بالعربية النظم المزدوج الذى يتّحد شطرا البيت الواحد ويكون لكل بيت قافيته الخاصّة، وبذلك تتحرر المنظومة من القافية الموحدة.

تبلغ عدد أبيات المثنوى 25632 بيتاً، موزعة بين أجزائه الستّة وفيه 424 قصة تشرح معاناة الإنسان للوصول إلى حبه الأكمل الذى هو الله.


3- ما وراء الشتاء "إيزابيل اللندى" صادرة عن: دار الآداب

وسط عاصفة ثلجية، تنطلق امرأتان ورجل فى رحلة من بروكلين إلى بحيرة خارج المدينة، للتخلُّص من جثة امرأة مقتولة: ريتشارد البروفيسور المرموق الذى يعانى مأساة عائلية، ولوسيا من تشيلى، وإفلين الغواتمالية الفارة من المافيات والمخاطر.

إنها رواية معاصرة جداً بقلم الروائية المختلفة المنمقة إيزابيل أللندى، تتناول واقع المهاجرين، وهوية أمريكا فى هذه الأيام التى تغيرت فيها مقاليد الحكم والهوية الأمريكية كثيرا، عبر شخصياتٍ يعيشون الأمل من خلال الحب، والفرص الأخرى المتاحة لهم من خلال أحداث تعتصرهم.. أبطال الرواية يرون أنفسهم «فى عمق شتاء حياتهم».. اختيار الروائية للأشخاص كعادتها يأتى مختلفا مثل امرأة تشيلية، وفتاة شابة غواتيمالية مهاجرة غير شرعية، ويهودى أمريكى ناضج.

هذه الشخصيات الثلاث تصارع الموت من أجل البقاء على قيد الحياة فى خضم عاصفة هوجاء تهب فى منتصف الشتاء على نيويورك، ليتعلم الأبطال فى النهاية أنه بعيداً عن الشتاء هناك مكان للحب غير المتوقع، ولصيف لا يُقهر، وهذه الأشياء هى ما تبعث الحياة دائماً فى وقتٍ لا يكون على بال أحد..فانتظار غير المتوقع هو الإثارة الحقيقية لكل آت.

الرواية هى أحدث إصدارات اللندى من دار الآداب بالاشتراك مع التنمية، وتصدر الرواية أيضا فى نفس التوقيت، فى إسبانيا وأمريكا اللاتينية، بصيغة كتاب مطبوع، ورقمى وكتاب مسموع، كما أنها سترى النور فى الولايات المتحدة فى الخريف، وباللغتين الإنجليزية والإسبانية.


4- قاموس لبنان"إسكندر نجار" صادر عن دار الساقى:

عودتنا دار الساقى أن تقدم كل ما هو جديد ومتميز فى عالم الكتاب الورقى، من الملاحظ أن هذا العام يخلو من الزخم الروائى المُعتاد من مؤلفى دار الساقى، لكن هناك اهتماما واضحا بالمواضيع الأدبية والإنسانية والتراجم وتراجعا طفيفا فى طبع الروايات، وهو ما يزعمه أغلب الناشرين فى الدول العربية من أن الرواية بشكل عام فى تراجع.

يروى لنا إسكندر النجار فى كتابه (قاموس لبنان) عن لبنان الذى كان، لبنان سويسرا الشرق.. وطن الأرز الذى لاحقه تردّ وتراجع وإفلاس، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، عقب حروبه المتعاقبة منذ عام 1975..

يتناول النجار فى كتابه رموزاً ووجوهاً وظواهر ساهمت فى صنع صورة لبنان الذى كان يوماً كما هيأت له خصوصيته أن يكون، بلد الانفتاح والازدهار والألفة، وهمزة الوصل بين الشرق والغرب.

إن إعادة قراءة التاريخ بعد مرور أعوام على كتابته هو القراءة الوحيدة الصادقة لما يحدث حولنا من أعوام.. تجنب المؤلف السياسة وأهلها فى قاموسه وكتب عن كل الوجوه اللامعة التى صنعت من لبنان صرحا للعشق والرُقى مثل خورخى أمادو، آغاثا كريستى، غوستاف فلوبير، جان جينه، إندريه جيد، أرنست رينان، أرتور رامبو، جورج برنار شو، نزار قبانى، محمود درويش.


5- كتابيه "عمرو موسى" صادر عن دار الشروق:

يعتبر هذا العمل من أهم الكتب التى صدرت فى عام 2017.. فقد رحب به الساسة واستقبلته الأوساط الصحفية بمحملين، أولهما أن عمرو موسى ليس فقط شخصية سياسية لها باع طويل بل لأن عمرو موسى هو جزء من تاريخ مصر الذى شهد حقبا سياسية مهمة وخبايا مرحلة الثورة والإخوان وما كان يحدث خلف الأبواب المغلقة.. لكن الكتاب أيضا لاقى هجوما واسعا من عدد كبير من الشخصيات العامة والصحفية التى رأت أن تناول موسى بشكل شخصى لشخصيات رحلت عن عالمنا ولا يمتلكون حق الرد هو عمل لا يليق بسياسى كبير مثله..هذا لا ينفى أن الكتاب فى رأيى من أهم السير الذاتية التى صدرت مؤخرا.

يروى عمرو موسى فى كتابه العديد من المفارقات السياسية والأحداث التى لم يكن فقط شاهدا عليها بل مشاركا فيها، تروى تلك الوقائع بالوثائق والصور..

يقص علينا أيضا عمرو موسى علاقاته بزعماء العالم العربى مثل صدام حسين، معمر القذافى، جمال عبدالناصر وأنور السادات..

الكتاب يعد من أهم الأعمال المطروحة بمعرض الكتاب وأقيمت له ندوة خاصة شارك فيها الناشر المهندس إبراهيم المعلم.