جمال جليل يكتب : من النكسة إلى الوكسة

مقالات الرأي

جمال جليل يكتب :
جمال جليل يكتب : من النكسة إلى الوكسة

عينى عليك يا شعب مصر.. عينى عليك يا نفس.. أنا ابن جيل عبد الناصر عاصرت حرب 56 وأنا عمرى ست سنوات.. وعاصرت حرب 67 ثم حرب 73.. أفظع ما فيهم كانت 67 كان عمرى 17 سنة.. عشتها وعشت اكتئابا كنت أعتقد أنى وأن الشعب المصرى كله لن يرى مثله. عشت ورأيت بعينى التهجير من محافظات السواحل بورسعيد والإسماعيلية والسويس لمحافظات الصعيد.. وما تلاها من مشاكل اجتماعية واقتصادية فى أبشع صورها.. أتذكرها كأنها بالأمس، وظلت 67 تطل علينا بظلالها حتى الآن فقد كانت علقة موت.. وعشنا سنوات عجافاً. سنوات الخوف والرعب والقلق ثم دخلنا عصر السادات لننتقل إلى عصر التطرف حيث الفرز بين مسيحى ومسلم ولعب فى الدستور ورمى البذرة الأولى للتطرف ويأتى علينا مبارك ليستخدم هذا التطرف فزاعة للشعب المسكين وإذا نجد الفساد أصبح مؤسسة فى عهده ولنأتى لعصر محمد مرسى. عصر الوكسة.. ففى ستة أشهر أحداث وأحداث وأحداث غريبة سمعنا ما لم تسمعه إذن ورأينا ما لم تره عين الكثير سموها ثورة 25 يناير وأقول أنا.. انفجار 25 يناير. الآن هل نستطيع أن نسميها ثورة ؟ وهل لها عيد مثل عيد ثورة يوليو ؟.. هل يمكن الحديث عن عيد الثورة سؤال يوجع القلب كله مرارة.. عيد بلا بهجة بلا احتفال.. بل العكس الناس كلها خائفة من 25 يناير 2012.. لقد سرقت ما تسمى بالثورة وتم تفكيكها والسير عكس اتجاهها.. عامان على 25 يناير تحولت البهجة إلى كآبة وتحول الفوز إلى خسارة وانقسام وانكسار وارتباك وفوضى. تم إفساد كل شىء. اتخنقنا الحياة المصرية أصبحت كئيبة والشعب كله مصاب بالاكتئاب.. وكسة والله وكسة، فقدنا سلامنا الداخلى.. لقد أصبحت السمة السائدة الاختناق والضيق هى الحالة المزاجية العامة.. المناخ أفقدنا عذوبتنا وصفاءنا وقضى على أحلامنا.. نعم نقول ما نريد ونفعل ما نشاء ولكن نصرخ فى هواء ملبد بالغيوم والأتربة حرية مهددة محاصرة ورقابة متواصلة.. عندما تتحول حياتنا اليومية إلى متابعة للعنف وكارثة قطارات ثم كارثة بلاعات ثم من يطالب بهدم الهرم وأبوالهول والذى يطالب بجمعية النهى عن المنكر والأمر بالمعروف.. وانهيار القضاء والاقتصاد تراجع فى الثقافة والفنون، تغلق المسارح ودور العرض السينمائى ومعظم الفنانين مقعدون فى البيوت ونحاصر بالجهل والادعاء.. إلغاء الدورى وتتوقف الأنشطة الرياضية تماما كما حدث فى 67.. الدستور عليه مشكلة ومناهج التعليم مشكلة ومحاصرة المحكمة الدستورية مشكلة بالجو العام.. وكسة !!.. وأى وكسة. أتذكر أغنية إيمان البحر درويش وهو يقول : «صدقينى خفت منك صدقينى هو فيه حد يخاف من أمه لما فى الضلمة تضمه – صدقينى خفت منك».. يارب من النكسة إلى الوكسة يا قلبى ما تحزن !!!