عمال توصيل الطلبات للمنازل.. بين نظرة المجتمع وحُلم التأمين على الحياة

تقارير وحوارات


* عبد الله: باشتغل "دليفري" لأن "الإيد البطالة نجسة"

* إمام: المواطنون يعتقدون أن كل من يقود موتسيكل حرامي



لم يقفوا عند تخرجهم من الجامعات، أو لم يستسلموا إلى ظروفهم المعيشية الصعبة التي تضطرهم إلى عدم الاستمرار في التعليم، ويصبحون مثل أقرانهم الذين يفضلون الجلوس على المقاهي، والاعتماد على "مصروف" أهلهم يوميًا دون تكليف نفسهم عناء البحث عن وظيفة.

 

إنهم عمال توصيل الطلبات إلى المنازل، أو عفاريت الأسفلت، كما يطلق البعض عليهم، يحملون الطعام الطازج إلى المواطنين في بيوتهم، ويتحملون الصعاب خلال رحلتهم من المطعم إلى المنزل، في وقت قياسي حتى لا يتذمر صاحب "الأوردر" الذي يجلس في بيته، ولا يستطيع النزول لأي سبب كان.

 

يواجه العمال الذين يتقاضون مرتبات ضئيلية، تغنيهم عن "المصروف"، العديد من المصاعب والخطر، فضلًا عن نظرة سيئة من البعض، فهم في نظرهم "عاطلين" وفي نظر البعض الآخر "لصوص" يتقلون دراجة بخارية، تمر بجوارك ومن ثم يسرق منك شيئًا تحمله.

 

يقول محمد عبد الله، عامل توصيل بأحد مطاعم شبين الكوم في محافظة المنوفية، إنه لجأ إلى هذه المهنة للحصول على راتب شهري ولو ضئيل لتدبير احتياجات منزل وأبنائه الثلاثة.

 

وأضاف أنه يعمل في مطعمين على فترتين من أول اليوم إلى آخره، بعد أن فشل في تحقيق حلمه في الاستمرار بممارسة كرة القدم، خصوصًا وأنه كان على أعتاب اللعب في صفوف نادي الإسماعيلي، ولكن الحلم لم يتحقق في اللحظات الأخيرة.

 

ولفت إلى أن أبرز المصاعب التي يتعرض لها، هو نظرة المحيطين به، الوضيعة اتجاه مهنة عمال توصيل الطلبات إلى المنازل، فهم يرونها "لا مهنة"، ولكنه يتغاضى عن ذلك لأن "الإيد البطالة نجسة"، فهو يمارس مهنة حلال يتقاضى منها راتبًا حلالًا.

 

"المواطنون يعتقدون أن كل من يقود موتسيكل، أو دراجة بخارية، هو شخص حرامي يرغب في سرقتهم دون التمييز بين الموتسيكلات المخصصة لنا، التي تحمل صناديقًا عليها اسم وشعار المطعم"، يقول مصطفى إمام، عامل توصيل طلبات بمطعم أسماك في أرض اللواء بمحافظة الجيزة.

 

وأورد أنه يضطر لتحمل هذه المضايقات، والاستماع للإهانات المختلفة، سواء بنظرات المواطنين أو حديثهم.

 

وأشار إلى أنه يعاني في الوصول إلى العنوان المُبلغ به، وفي سبيل ذلك يتسغرق وقتًا أطول، فضلًا عن إهانات قد يسمعها من سكان شق، طرق بابهًا خطأ اعتقادًا منه أن هنذا العنوان هو المحدد.

 

وأكمل أنه تقدم لهذه الوظيفة، عن طريق ملء استمارة، وتقديم الأوراق المطلوبة، كصورة البطاقة الشخصية، وشهادة الجيش والفيش والتشبيه، وشهادة صحية، ورخصة قيادة والمؤهل الدراسي.

 

وأردف أن المطعم الذي يعمل به، يحرص دائمًا على اختيار أفضل العاملين، من أجل استمرار الزبائن لديه، ويوفر لهم الحماية والتأمين الاجتماعي، ويقف بجانبهم إذا تعرضوا لأي إصابة في أثناء العمل، متحملًا تكاليف إصابتهم وعلاجهم لحين عودتهم مرة أخرى للعمل.

 

وعدّدّ "إمام" صعوبات يتعرض لها وزملاء مهنته، منها أن بعضهم يتعرض لحوادث سرقة في بعض المناطق الشعبية ومنها منطقة "الأبيض" بجوار أرض اللواء، حيث يخرج عليهم ملثومون يحملون أسلحة ويسرقون كل ما يحمله حتى "الموتوسكل" الذي يستقله.

 

واستتبع "كما يتعرض البعض منهم إلى اتهامات بالسرقة، فحدث أن اتهم مواطن عامل دليفري بأنه سرق هاتفه المحمول ومن ثم اعتدى عليه لأنه كان صغير السن، واجتمع حوله المواطنون واعتدوا عليه، وبعد تدخل أحد العقلاء أطلقوا سراحه بعد تفتيشه وعدم وجود الهاتف بحوزته".

 

إسلام محمد، عامل توصيل طلبات في أحد الصيدليات الكبرى في منطقى رمسيس، قال إنه تعرض إلى حادث سير في أثناء العمل، وحملت إدارة الصيدلية، تكاليف العملية الجراجية والعلاج بشكل كامل حتى النهاية ولكنه الحادث سبب له عاهة يصعب معها مواصلة العمل، فقررت الإدارة، الاستغناء عنه بشكل نهائي، دون صرف مكافأة.


ومن ناحيته، طالب محمد مظهر، عامل توصيل طلبات إلى المنازل، بأحد مطاعم وسط البلد، الحكومة بضرورة التأمين على العاملين بهذه المهنة، ووجود نقابة أو هيئة تضمهم، خصوصًا وأن عددهم ليس بالقليل، مضيفًا "ياريت يعملوا لينا جهة أو نقابة لأن شغلنا مؤقت مش دايم أو ثابت ممكن حد منا يتعرض لحادثة تخليه ميعرفش يشتغل تاني وهيقعد في البيت".