مي سمير تكتب: أمريكا قتلت 30 مليون شخص بـ37 دولة منذ الحرب العالمية الثانية

مقالات الرأي



سوريا لم تكن الأولى ولن تصبح الأخيرة


هل تملك الولايات المتحدة الأمريكية الحق فى لعب دور شرطى العالم؟ يطرح هذا السؤال نفسه بعد الضربات العسكرية الأخيرة التى شنتها أمريكا بالتحالف مع بريطانيا وفرنسا، ضد النظام السورى، وحسب معهد جلوبال ريسرش فإن أمريكا آخر دولة يحق لها أن تمارس هذا الدور بعد أن قتلت أكثر من 20 مليون شخص فى مختلف دول العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وتعكس المشاركة الثقيلة لواشنطن فى حروب العالم دورا متضاعفاً لها فى قتل البشر، تعكس أيضا رغبة أمريكية نهمة للدم.

وتكشف دراسة أعدها الباحث والناشط السياسى الأمريكى جيمس ايه لوكس، والمنشورة على موقع معهد الأبحاث الكندى جلوبال ريسرش، أن القوات الأمريكية كانت مسئولة بشكل مباشر عن مقتل ملايين البشر فى حروب مباشرة لعبت دوراً كبيراً فى تأجيجها، أو من خلال حروب بالوكالة وحسب الدراسة فإن أمريكا كانت مسئولة منذ الحرب العالمية الثانية عن وفاة من 20 لـ30 مليون شخص فى 37 دولة، وتزيد المأساة مع معرفة أنه فى مقابل كل شخص يموت هناك على أقل 10 مصابين.


1- مليون ضحية فى العراق:

استمرت الحرب العراقية الإيرانية من 1980 إلى 1988، والتى أسفرت عن مقتل نحو 105 آلاف عراقى، حسب جريدة الواشنطن بوست، ووفقاً لهوارد تيشر، المسئول السابق فى مجلس الأمن القومى، فإن واشنطن تأكدت من امتلاك بغداد لمعدات عسكرية بما فى ذلك البيولوجية، وذلك فى الوقت الذى بدا أن إيران قريبة من النصر، وتم الكشف فيما بعد أن الولايات المتحدة لم تكن تريد أن يفوز أى من الطرفين.

وبعد الغزو العراقى للكويت فى 2 أغسطس 1990، طالبت الولايات المتحدة العراق بالانسحاب، وبعد 4 أيام فرضت الأمم المتحدة عقوبات دولية على بغداد التى كان لديها سبب للاعتقاد بأن الولايات المتحدة لن تعترض على الغزو ثم ثبت فيما بعد أن هذا الاعتقاد كان فخاً أمريكياً حيث هاجمت واشنطن العراق فى 17 يناير 1991 ولمدة 42 يوماً، وفى 23 فبراير تم البدء فى الهجوم البرى الذى أسفر عن مصرع 150 أمريكياً فقط مقارنة بنحو 200 ألف عراقى، وفى عام 1995، أفادت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن العقوبات الأممية ضد العراق كانت مسئولة عن وفاة أكثر من 560 ألف طفل منذ عام 1990.

وفى البرنامج التليفزيونى «60 دقيقة»، فى 1996 ذكرت المذيعة لـ مادلين أولبرايت، سفيرة الولايات المتحدة فى الأمم المتحدة فى ذلك الوقت، أن هناك نصف مليون طفل ماتوا فى العراق وأنهم أكثر من الذين ماتوا فى هيروشيما، فردت أولبرايت: «أعتقد أن هذا خيار صعب للغاية، ولكننا نعتقد أن الثمن يستحق ذلك»، وفى عام 1999 أفادت اليونيسف أن 5 آلاف طفل يموتون كل شهر نتيجة للعقوبات المفروضة على العراق.

وكما شجعت نهاية الحرب الباردة الولايات المتحدة على مهاجمة العراق عام 1991، فإن هجمات 11 سبتمبر 2001 وضعت الأساس للولايات المتحدة لإطلاق حرب أخرى ضد العراق، واستخدمت واشنطن آلتها الاعلامية لترويج العديد من الأكاذيب لتبرير قرار الحرب، ومنها امتلاك بغداد لأسلحة دمار شامل للتغطية على سعيها للسيطرة على بترول بغداد ودعم صناعة الأسلحة الأمريكية من جهة أخرى.

ويبلغ إجمالى عدد الضحايا العراقيين فى حرب العراق 2003، نحو 654 ألفًا، من بينهم 600 ألف حالة منسوبة إلى أعمال عنف، وفقًا لباحثى جامعة جونز هوبكنز.


2- مليون ضحية لواشنطن فى أفغانستان

تقدم الدراسة رؤية جديدة للحرب الأفغانية فى الثمانينيات كاشفة تورط أمريكا فى هندسة هذه الحرب قبل الغزو السوفييتى لأفغانستان. وتعد الولايات المتحدة مسئولة عن وفاة ما بين 1 إلى 1.8 مليون شخص خلال الحرب بين الاتحاد السوفييتى وأفغانستان، حيث أغرت موسكو بغزو كابول.

وفى عام 1998، اعترف زبيجنيو بريجنسكى، مستشار الرئيس جيمى كارتر فى مقابلة مع الجريدة الفرنسية «لو نوفال أوبزرفاتور»،، بأنه كان مسئولاً عن توجيه المعونات إلى المقاتلين فى أفغانستان والتى تسببت فى غزو السوفييت لكابول.

وكانت مساعدة وكالة الاستخبارات المركزية للمقاتلين الأفغان بدأت عام 1980، أى بعد غزو الجيش لبلادهم فى 24 ديسمبر 1979، ولكن الواقع أن كارتر وجه مساعدات سرية للمقاتلين فى 3 يوليو 1979، وبرر برينجسكى ذلك بأنه كان رداً على مساعدة موسكو لمعارضى واشنطن فى حرب فيتنام.

وأنفقت وكالة المخابرات المركزية 5 إلى 6 مليارات دولار على عملياتها فى أفغانستان لاستنزاف الاتحاد السوفييتى، واستمرت الحرب 10 سنوات، وراح ضحيتها أكثر من مليون شخص، وسيطر الهيروين الأفغانى على 60٪ من سوق الولايات المتحدة، وبعد أحداث 11 سبتمبر قامت واشنطن بغزو أفغانستان، لتكون مسئولة عن مقتل 12 ألف شخص.


3- المخابرات الأمريكية أشرفت على تعذيب 200 ألف بتشاد

هناك أمثلة للعديد من التدخلات العسكرية الأمريكية فى إفريقيا ومن ضمنها على سبيل المثال أنجولا، حيث بدأ الكفاح المسلح للسكان الأصليين ضد الحكم البرتغالى عام 1961، وفى عام 1977 اعترفت الأمم المتحدة بحكومة أنجولية وكانت الولايات المتحدة واحدة من الدول القليلة التى عارضت هذا العمل، وفى عام 1986 قدمت مساعدات لجماعة يونيتا، المتمردة على الحكومة الأنجولية، كما مولت لتدخل 50 ألف جندى كوبى فى أنجولا، والذى أسفر عن مقتل من 300 لـ750 ألف شخص.

وفى تشاد، قتل نحو 40 ألف شخص، وتم تعذيب 200 ألف شخص على يد الحكومة التشادية، برئاسة حسين حبرى، الذى وصل إلى السلطة فى يونيو 1982بمساعدة أموال وأسلحة وكالة الاستخبارات المركزية، ولمدة 8 سنوات.


4- عشرات الآلاف من الضحايا فى انقلابات أمريكا الوسطى واللاتينية

فى بوليفيا دعمت أمريكا الديكاتور هوجو بانزر، الذى نظم فى عام 1971 انقلابا ناجحا بمساعدة نظام الراديو التابع للقوات الجوية الأمريكية، حيث قامت القوات التابعة له مذبحة ضد عمال القصدير فى عام 1975، كما تمكن بانزر، بمساعدة وكالة الاستخبارات المركزية، من استهداف الكهنة والراهبات اليساريين وتحديد موقعهم، وهو الأسلوب الذى استخدمته الـ«سى آى إيه» لمساعدة 9 ديكتاتوريات أخرى فى أمريكا اللاتينية، وتم اتهام بانزر بالمسئولية عن مقتل 400 شخص.

وتدخلت وكالة المخابرات المركزية فى انتخابات تشيلى 1958 و1964، وفى عام 1970، ساعدت انقلابا ضد المرشح الاشتراكى، سلفادور اليندى، على منصب الرئيس، ونشرت حرب عصابات، وإرهاب، ومظاهرات واضرابات، فى سبتمبر عام 1973، مات الليندى إما بالانتحار أو بالاغتيال ووصل الجنرال أوجوستو بينوشيه بمساعدة السى آى إيه لكرسى الرئاسة، ليحكم طيلة 17 عاماً فرض فيها الرعب على شيلى، حيث تم اغتيال ما يقرب من 3 آلاف شخص وتعرض العديد منهم للتعذيب أو الاختفاء.

فى كولومبيا، تشير التقديرات إلى أن 67 ألف حالة وفاة حدثت من الستينيات إلى السنوات الأخيرة بسبب دعم من الولايات المتحدة لإرهاب الدولة الكولومبية.

وفى جمهورية الدومينيكان، أصبح خوان بوش رئيس الجمهورية فى عام 1962، ودعا لبرامج مثل إصلاح الأراضى وبرامج الأشغال العامة، وبعد 7 أشهر فقط تم خلعه فى انقلاب من تصميم وكالة المخابرات الأمريكية، فى عام 1965 بدأت محاولات لإعادة خوان للحكم مرة أخرى، ما دفع أمريكا لإرسال 22 ألف جندى ومشاة البحرية الأمريكية إلى الدومينيكان حيث لقى 3 آلاف دومينيكى مصرعهم فى المعارك.


5- 2.7 مليون ضحية لأمريكا فى آسيا

تبقى الحرب الفيتنامية وصمة عار فى التاريخ الأمريكى، وقد تركت هذه الحرب آثارها التى لا تزال تطارد كل من عاصرها.

فى أغسطس عام 1964، ساعدت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فى صنع هجوم فيتنامى زائف على سفينة أمريكية فى خليج تونكين، واستخدمته ذريعة للتدخل تحت عنوان «عملية فينيكس»، حيث تم ترويع الشعب الفيتنامى الجنوبى، وخلال الحرب كانت القوات الأمريكية مسئولة فى عام 1968 عن مذبحة جماعية لسكان قرية ماى لاى، وتم تقدير ضحايا الحرب بالكامل بـ5.1 مليون شخص.

كما جرى سيناريو قريب لذلك فى كمبوديا والذى نتج عنه مقتل حوالى 2.5 مليون شخص.

فى ديسمبر 1975، غزت إندونيسيا تيمور الشرقية، بعد يوم واحد من رحيل الرئيس الأمريكى جيرالد فورد ووزير الخارجية هنرى كيسنجر، لإندونيسيا حيث أعطيا الرئيس سوهارتو الإذن باستخدام الأسلحة الأمريكية، ما تسبب فى مقتل 200 ألف من أصل 700 ألف نسمة.