بورصة لتداول الآثار الفرعونية على «واتس آب» و«فيس بوك»

العدد الأسبوعي



منازل تبدأ من المليون للتنقيب أسفلها عن القطع الأثرية والمتر بـ١٠٠ ألف جنيه فى الدقهلية والقاهرة هوس التنقيب عن الآثار يصل للمطرية والجمالية والزيتون والمحلة الكبرى والتلال الأثرية بالشرقية

«يا محمد انزل أبوك لقى تمثال وعايزين حد أمين يصرفه»، وصلت هذه الرسالة إلى العديد من الأشخاص لدرجة تحولها إلى نكتة يمكن تحويرها إلى نكتة تتناول أشياء أخرى غير الآثار والتماثيل، ولكن شهرة هذه العبارة التى تجاهلها كثيرون واستجاب لها قلة من السذج ولكن الأمر كان مختلفاً مع آخرين لأنهم يعيشون واقع محمد إذ إن آباءهم يعثرون بالفعل على تماثيل.

1- منزل فى قرية بمليون جنيه فما السر

فى إحدى الليالى الشتوية تلقى إمام المنياوى، طالب جامعى، اتصالاً هاتفياً من والده المقيم فى إحدى قرى مركز ملوى بمحافظة المنيا، حيث أخبره أن المنزل الذى يعيشون فيه مقام فوق آثار، فعاد إمام فوراً إلى القرية، ليجد والده بدأ فى الحفر فى المنزل لعمق 7 أمتار من خلال استئجار عدد من العمال بهدف الوصول لآثار التى ستكون موجودة بالطبع على عمق كبير.

وفى المنزل الذى تحول إلى موقع حفائر صغير عرف إمام أن أحد الرجال قال لوالده إن هناك جناً يعيش فى منزله ويجب إخراجه وأثناء هذه العملية صرخ الرجل بأن المنزل به آثار كثيرة فبدأ الأب فى الحفر لاستخراج الآثار المدفونة.

اقترح إمام على والده بيع المنزل مقابل مبلغ كبير بدلاً من تولى عملية الحفر واستخراج الآثار التى تحتاج بالإضافة إلى أموال كثيرة لخبرة فى التصريف والبيع والتى تحيط بها أخطار والتى قد تؤدى أحياناً لقتل أصحابها وهو ما اقتنع به الوالد وتم بيع المنزل بمليون جنيه رغم أن المنزل قيمته ١٠٠ ألف جنيه.

بيع منزل والده كان بداية إمام فى احتراف تجارة على هامش التنقيب عن الآثار وهى العمل كسمسار لبيع المنازل التى يشتبه فى وجود مقابر أثرية أسفلها حيث يحصل على عمولة من الطرفين المالك والمشترى، ويعتبر إمام عمله الجديد شرعياً ولا يمثل جريمة لأنه مجرد وسيط فى عملية بيع وشراء بين من يملكون أماكن بها آثار وبين محبى التنقيب عنها.

يقول إمام لـ«الفجر»، إن قيمة أقل منزل تبدأ من المليون جنيه، وفق القطع الأثرية التى سيتم استخراجها والمجهود الذى سيتم بذله، وهناك حالات نصب وخداع تحدث لأن البعض يروج لوجود مقابر أثرية أسفل بيوتهم للحصول على المال ويقومون بإرسال صور وفيديوهات تشير لوجود مقبرة أسفل المنزل ولكن أى فحص دقيق يكشف أنها صور تم التقاطها من مواقع أثرية بالفعل وأحيان أخرى نرفض المسألة دون بحث لأن هناك أماكن من المستحيل وجود آثار فيها.

2- بورصة إلكترونية لتداول الآثار

خلال الفترة الماضية انتشر بشكل كبير مجموعات إلكترونية مغلقة على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، تتيح عرض بيع وشراء الآثار الفرعونية، سرعان ما تحولت وظيفة هذه المجموعات لجذب محبى اقتناء الآثار والنصب عليهم. وليصبح أحدهم عضواً بإحدى هذه الصفحات، يجب الإجابة على أسئلة الأدمن ومنها: ما علاقتك بالآثار، وهل لديك آثار للبيع، وهل سبق وتاجرت فى الآثار، أين تعيش لماذا تريد الدخول إلى المجموعة، ثم يقوم الأدمن بقبول الالتحاق بالمجموعة التى تحظر وجود وسيط بين البائع والمشترى، وبعض أعضاء الصفحة يكتبون تدوينات عن وجود منازل تحتوى على آثار أسفلها ويريد أصحابها بيعها، ويطلب آخرون شيخاً لكشف ما إذا كان بالمنزل آثار من عدمه، ومن ثم عرضه مرة أخرى على المجموعة للبيع.

ويستخدم أعضاء المجموعة تقنية «التكويد» فإذا أردت عرض شيئاً يجب وضع ورقة نتيجة باليوم، وتصوير مقطع فيديو للأثر الذى يرغب صاحبه فى بيعه، كما يعرض آخرون صوراً وفيديوهات للزئبق الأحمر المعروف أنه يتم استخدامه فى فتح المقابر الأثرية كما يعرض آخرون بيع أدوات تنقيب أو إيجارها.

كما قرر أحد الأشخاص إنشاء قناة على موقع الفيديوهات الشهير «يوتيوب»، لكشف ما إذا كانت الآثار المكتشفة أصلية وليست مقلدة ولكى يستفيد المشترك بالخدمة عليه إرسال فيديو للأثر الذى تمتلكه إلى مؤسس القناة وعليه ورقة نتيجة بيوم تصوير الأثر، ويقوم بعدها المسئول عن القناة بالكشف عن الآثار وكتابة التقييم داخل الفيديو الخاص بالقطعة الأثرية.

3- ابحث هنا عن الثروة المدفونة

يقول أحد سماسرة الآثار، إن هناك محافظات بعينها من المعروف عنها أنها تضم آثارا كثيرة لم يتم اكتشافها بعد، كثير منها أسفل المنازل وفى مقدمة هذه المحافظات، الشرقية والدقهلية، وهو ما جعل متر الأرض فى بعض المناطق يصل لـ٨٠ ألف جنيه، وأحياناً يتم تقييم المنزل جملة دون الاهتمام بالمساحة، وأغلى تلك المنازل تكون موجودة بالقرى القريبة من التلال الأثرية فى الدقهلية، مثل قرى «المطرية وشربين وبلقاس، وتل تبلة وتل البلامون» والتى تشهد تنقيباً مخالفاً للقانون من قبل الأهالى خصوصاً عندما يعرفون بوجود بعثة أثرية تعمل بجوارهم على غرار ما حدث فى قرية «غزالة السنبلاوين». من خلال هاتفه يتفاوض مراد سعيد حول سعر بيع منزله فى مدينة أشمون بمحافظة المنوفية، حيث وضع فيديو ضعيف الجودة له على مجموعة مغلقة لبعض محبى الآثار عبر تطبيق «واتس اب»، ولجأ سعيد للبيع لأنه لم يعد يستطيع استكمال التنقيب عن الآثار بسبب عدم توفر المال لديه، ولا يخفى أعضاء المجموعة شكوكهم فى صحة معلومات سعيد، الذى يرد بثقة «البيت شافه شيخ وأكد أن تحته مقبرة كاهن» ويطلب مليونى جنيه ثمناً للمنزل.

4- التكنولوجيا أحياناً تصبح حلاً

يرى مراد أن مسألة الشيخ والجن والكوابيس مجرد خرافات يتم الترويج لها دون وجود سند علمى ويقول: «الأمر أصبح سهلاً لأن هناك جهازا يمكنه المساعدة فى الكشف عن الآثار ورغم أن هذه الأنواع من الأجهزة ممنوع تداولها فى مصر ولكن واقعياً هناك وسيلة لجلبه إلى مصر خصوصاً أنه نفس الجهاز المستخدم فى التنقيب عن الذهب الموجود أسفل الأرض وحتى مسافات معينة». ويضيف مراد إنه لا يمكن شراء هذا الجهاز لأن سعره يصل لعدة ملايين لذا يقوم البعض باستئجاره من 10 لـ٣٠ ألف جنيه فى اليوم وتمثل هذه التكلفة العائق الوحيد أمام استخدامه لذا يفضل كثيرون الشيخ لأنه أرخص مشيراً إلى أن البعض كذلك يلجأ للحفر العشوائي، وهو أمر صعب ونتائجه غير مؤكدة وبعد الحفر لعمق كبير يمكن التأكد من خلو المكان من أى مقابر فرعونية.