في ذكرى ميلاده.. لمحات من حياة رائد جماعة الديوان "عباس العقاد"

تقارير وحوارات





لقب بـ"رائد جماعة الديوان"، واشتهر بمعاركهِ الأدبية والفكرية مع بعض الشعراء، جعلته نهمَ القراءة والكتابة، وله مواقف سياسية شهيرة أتت بدافع الدفاع عن حقوق الوطن في الحرية والاستقلال من الاحتلال الإنجليزي، فدخل في معارك حامية مع القصر الملكي، ما أدى إلى ذيع صيته فاُنتخب عضوًا بمجلس النواب، ثم سُجن بعد ذلك لمدة تسعة أشهر بتهمة العيب في الذات الملكية، إنه الأديب عباس محمود العقاد الذي ولد في مثل هذا اليوم.

 

ولد العقاد في أسوان عام 1889 لأم من اصل كردي اقتصرت دراسته علي المرحلة الابتدائية فقط، لعدم توافر المدارس الحديثة في محافظة اسوان حيث ولد ونشأ هناك كما ان موارد أسرته المحدودة لم تتمكن من إرساله الي القاهرة كما كان يفعل الأعيان.

اعتمد "العقاد" على ذكائه وصبره وإصراره علي التعلم والمعرفة حتي اصبح صاحب ثقافة موسوعية لا تضاهي أبدا ليس بالعلوم العربية فقط وإنما العلوم الغربية أيضا حيث اتقن اللغة الانجليزية من مخالطته للسياح الوافدين علي محافظتي الأقصر وأسوان، ما مكنه من القراءة والاطلاع علي الثقافات البعيدة.

 

عمله
عمل فى بداية حياته موظفًا بمدينة قنا عام 1905، ثم انتقل إلى الزقازيق عام 1907، وعمل أيضًا بمصلحة السكة الحديد، كما عمل العقاد بمصنع للحرير فى مدينة دمياط، التى تعتبر أصل عائلته، إذ إن جد جده لأبيه كان من أبناء دمياط، وكان يعمل بصناعة الحرير، ثم انتقل إلى المحلة الكبرى وركَّز نشاطه بها، وأطلق الناس عليه اسم العقاد، نظرًا لأنه كان يعقد الحرير.

ترك العقاد وظائف الدولة وعمل فى الصحافة، وعُين بمجلس الفنون والآداب، وفى مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ومجمعى بغداد ودمشق، وكتب العقاد عن استقالته من الوظيفة الحكومية قائلاً: "من السوابق التي أغتبط بها أنني كنت فيما أرجح أول موظف مصرى استقال من وظيفة حكومية بمحض اختياره، يوم كانت الاستقالة من الوظيفة والانتحار فى طبقة واحدة من الغرابة وخطل الرأى عند الأكثرين، وليس فى الوظيفة الحكومية لذاتها معابة على أحد، بل هى واجب يؤديه مَنْ يستطيع، ولكنها إذا كانت باب المستقبل الوحيد أمام الشاب المتعلم فهذه هي المعابة على المجتمع بأسره، وتزداد هذه المعابة حين تكون الوظيفة كما كانت يومئذ عملاً آليًّا لا نصيب فيه للموظف الصغير والكبير غير الطاعة وقبول التسخير، وأما المسخر المطاع فهو الحاكم الأجنبي الذي يستولى على أداة الحكم كلها، ولا يدع فيها لأبناء البلاد عملاً إلا كعمل المسامير في تلك الأداة".

أما الصحافة، فالعقاد عمل بصحف مصرية عديدة مثل السياسة والأساس والدستور اليومية والأهالي والمؤيد والأهرام والبلاغ.

 

حياته الادبية
التقى العقاد كثيرًا من الشخصيات سواء فى بداية طفولته أم شبابه أم انضمامه لركاب الأدباء، أثروا في تكوينه وجعلوا منه كاتبًا كبيرًا سواء بالتعلم أم بالمنافسة؛ مثل أحمد الجداوى، والشيخ محمد عبده، والشيخ عبدالعزيز البشري، وجورجي زيدان، وعبدالحليم المصري، وأحمد الكاشف، وإبراهيم عبدالقادر المازني، وعبدالرحمن شكري، ومي زيادة، وأحمد لطفى السيد، وخليل مطران، وأحمد شوقى، وحافظ إبراهيم، وإسماعيل صبرى، ومصطفى عبدالرازق، وطه حسين، ومصطفى صادق الرافعى، ومحمد مندور، وعامر العقاد، ومحمد خليفة التونسى، وطاهر الجبلاوى.

 

استمر نهر الأدب لدى العقاد في فيضانه سنوات عديدة، حتى ترك لنا أكثر من 100 كتاب وديوان شعر له، أشهرها "الحكم المطلق فى القرن العشرين، وهتلر فى الميزان، وأفيون الشعوب، وفلاسفة الحكم فى العصر الحديث، والشيوعية والإسلام، والنازية والأديان، ولا شيوعية ولا استعمار، وعبقرية محمد، وعبقرية عمر"، ودواوين عديدة منها "أشباح الأصيل، وأعاصير مغرب، وبعد الأعاصير، وأشجان الليل، وحى الأربعين، وهدية الكروان، وعابر سبيل، وديوان من دواوين".

 

عدائه للمرأة
فضل "العقاد" حياة العزوبية، فلم يتزوج حتي مماته، هاجم المرأة في مؤلفاته، فكان يري أن المرأة لا تبدع في صناعة من الصناعات أو فن من الفنون وإن طال عملها فيه "فإذا شاركها الرجل في الطهي أو الخياطة أو النسيج أو التزيين والتجميل، كان له السبق بالتجويد والافتنان" على حد قوله.

كما يرى أن التناقض صفة أصيلة في أي امرأة، فاللذة والألم نقيضان في الكائن الحي عامة، لكن المرأة تجمع بينهما اضطرارًا، فأسعد لحظاتها هي الساعة التي تحقق أنوثتها الخالدة وأمومتها المشتهاة، وهي ساعة الولادة، فهي تفرح لأنها أنجبت ولكنها تكون أشد ساعات الألم والوجع في جسد الأم، الطريح بين الموت والحياة، ويؤكد أنها بالقياس إلى الرجل، في المرتبة الثانية على كل حال.