تحيا أوزيل.. ولتسقط العنصرية الألمانية!

الفجر الرياضي



تبدو كرة القدم دائمًا "عاهرة" في أغلب الأحيان، فهي لا تنصف إلا المُنتصر والذي يصعد لمنصات التتويج ويحصل فقط على الذهب، أما الخاسر المُنكسر الذي يحصد الفضة أو البرونز فهو  في أسفل السافلين، عندما تفوز تخرج الصحافة ووسائل الإعلام تُهلل لك حتي الساعات الأولي من الصباح ولمدة كبيرة تعيش على الانتصار، أما في حالة خسارتك فهي تلعنك حتي تنتهي وتدفن تحت التراب!.

 


صورة واحدة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كانت كفيلة بأن تجعل ألمانيا "العنصرية" تثُور على مسعود أوزيل "التركي – الألماني" في ظل العلاقات المتدهورة بين البلدين، وتُطالب يواكيم لوف وقتها أن يستبعده من قائمة المنتخب الألماني المشاركة في كأس العالم 2018 في روسيا، لكن لوف تمكن من تهدئة الأمور، لكنه لم يستطيع أن يجعل أوزيل يركز فقط في كرة القدم، في ظل الهجوم المُستمر من الصحافة الألمانية لأوزيل طوال الوقت، بالإضافة إلى هجوم اليمين الألماني المتطرف.


 


"زاد الطين بِلَّة" عقب خروج المنتخب الألماني حامل لقب المونديال المُذّل من كأس العالم في روسيا، من دور المجموعات، فتم مهاجمة أوزيل بضراوة، كمهاجمة الأسد لفريسته، فالصحف ووسائل الإعلام الألمانية هاجمت كل المنتخب ولكنها هاجمت أوزيل بشدة وحملتُه مسؤولية خروج المانشافت من مونديال روسيا بهذه الطريقة المُفجعة!.

 


ظهرت ألمانيا العنصرية بقوة، ورأينا مباراة غير متكافئة خارج الميدان بين الألمان والمسكين أوزيل، حيث وصفوه بأنه ليس ألماني، وأن ولائه الأول لتركيا ولأردوغان!، كل هذا لمجرد صورة لا تسمن ولا تُغني من جوع مع "رئيس الأتراك المُنتخب من قبل الشعب"، فما كان لأوزيل أن يخرج للجميع ويعلن اعتزاله اللعب الدولي مع منتخب ألمانيا، رغم ذلك فالأمر لن ولم ينتهي، فاستمر الهجوم على أوزيل!.

 


لا جديد، فالتمييز العنصري "العرقي" في ألمانيا موجود منذ قديم الآزل، حيث كشفت دراسة ألمانية حديثة أن حوالي ربع المهاجرين في ألمانيا يشعرون بالتمييز العنصري، في جميع المجالات، حيث يشتكون من تعرضهم بشكل يومي للشتائم والإقصاء وعدم تكافؤ الفرص.

 


وكشفت تقرير مطول سابق لصحيفة "ميتل دوتيشه تسايتونغ" الألمانية إلى أن عدد جرائم العنف ذات الدوافع العنصرية التي وقعت في "شرق ألمانيا" بلغ في العام الماضي 61 جريمة بارتفاع نسبته 40% مقارنة بما كان عليه الحال في عام 2013. وفي حين بلغ عدد جرائم الكراهية ضد مهاجرين، التي تم الإبلاغ في العام الماضي 130 جريمة على مستوى ألمانيا، فإن هذا العدد قفز العام الجاري إلى 1029 جريمة إذا أضيف إليه حوادث العنف العام المنسوبة إلى تيار اليمين المتطرف.

 


رسالة أعتزال أوزيل ملئها الكثير من الحُزن والوجع، وأوضح فيها أن صورته مع أردوغان لم تمُت للسياسة بأي صِلة، بل لها علاقة باحترام أعلى منصب في بلد عائلته، مشيرًا إلى أن المعاملة التي تلاقها من الاتحاد الألماني وآخرين جعلته لا يرغب في ارتداء قميص ألمانيا مجددًا، فهو كما يقول يشعر بأنه ليس مرغوب فيه، وأن كل ما قدمه للمنتخب الألماني قد نسي في لحظة، وتسأل أوزيل : "هل لأنها تركيا؟ هل لأنني مسلم؟ أعتقد أن هنا تكمن المشكلة المهمة، في أعين رئيس الاتحاد الألماني ومسانديه فأنا ألماني عندما نفوز ومهاجر عندما نخسر".


 


بعد رسالة الوداع وخلع قميص ألمانيا "العنصرية"، قامت الصحف الألمانية كعادتها بمهاجمة أوزيل، بل أن الهجوم أصبح بسبب الديانة أيضًا، فصحيفة "بيلد" أكبر الصحف الألمانية انتشارًا وشهرةٍ، قالت أن رسالة أوزيل قائمة على "التذمر" ودعم طاغية يسعى إلى فرض "ديكتاتورية إسلامية"، في إشارة منها إلى رجب طيب أردوغان رئيس تركيا.

 


"اقتلوا أوزيل حيًا" هكذا ما تريده ألمانيا، رغم كل ما فعله أوزيل من أجل ألمانيا إلا أنه الآن أصبح مكروهًا ومنبوذًا، أوزيل الذي ولد في ألمانيا لعائلة تركية، وتخلي عن جنسيته التركية في 2007 من أجل أن يصبح ألمانيًا، بات هو مُفجر الأزمات الأول من وجهة نظر الألمان، أصبح هو سبب المشاكل السياسية في العالم... تحيا أوزيل ... ولتسقط العنصرية الألمانية!.