زواج القاصرات بالفيوم.. الأهالي تلجأ لإجراءات عرفية بعيدًا عن أعين الدولة.. ونقيب المأذونين: نسبة الطلاق تخطت 70%

محافظات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


ـ نقيب المأذونين: انتشار ظاهرة زواج القاصرات بالفيوم نتيجة الفقر والجهل 
ـ مشاكل كثيرة تقابل الأحوال المدنية لأن الأهالي لجأت إلى إجراءات عرفية لا تخضع لسيطرة الدولة
ـ فتاه تزوجت خليجي لتعيش ملكلة فوجدت نفسها خادمة لحريمه  
ـ راعية كنيسة مارجرجس بطامية: الفتاة التي تتزوج قبل سن 18 سنة لا تكون ناضجة اجتماعيًا وعاطفيًا ولا تستطيع أن تكوّن أسرة ناضجة سوية


"زواج القاصرات" قنبلة موقوتة وشبح كبير يطارد المجتمع الفيومي، فعلى الرغم من سن القوانين وتشديدها في المجتمع المصري، إلا أن الجهل يلاحق بعض الأهالي في قرى الفيوم، فضلًا عن غياب الندوات التوعوية للمواطنين في ظل انتشار الظاهرة بشكل كبير. 

وفى ظل غياب الوعي لدى المواطنين وخصوصًا في القرى والعزب والنجوع يخشى المأذونون الشرعيون من انفجار تلك القنبلة في وقت قصير، ويحذرون من تداعيات تلك القنبلة التي تؤدى إلى التفكك الأسري، بالأضافة إلى ارتفاع نسبة الطلاق بسبب عدم وعي الطفلة بمعنى الزواج وواجبات الزوج.

يقول الشيخ "كامل كمال عبد القوي"، نقيب المأذونين بالفيوم، أن تلك الظاهرة انتشرت بصورة كبيرة في المجتمع الريفي لعدة أسباب منها بلوغ البنت مبكرًا، والغيرة من الآخرين، والخوف على البنت من المجتمع الضار، والفقر والجهل. 

وأضاف أن زواج القاصرات لم تنتبه إليه الدولة كثيرًا، وأن مصلحة الأحوال المدنية بالفيوم تواجه مشاكل كثيرة، لأن الأهالي لجأت إلى إجراءات عرفية لا تخضع لسيطرة أحد من الدولة، لأن توثيق زواج الفتيات عند المحامين وأئمة المساجد، وهي ظاهرة منتشرة جدًا في هذه الفترة وتؤدي إلى كوارث كثيرة، لأن البنت تصبح متزوجة في سن الربعة والخامسة عشر، ولديها ولدان دون تسجيل زواجها، وبعضهم يسجلون المواليد باسم والد البنت، أو عمها أو شقيقها، وهنا المصيبة الكبرى يتم فيها "خلط الأنساب"، أو يسجل الطفل باسم الأب ببطاقته الشخصية والأب من الأساس ليس لدية قسيمة زواج، لذا نطالب من الدولة تخفيض سن الزواج إلى 16 عامًا، منعًا لتلك المشكلة الكبرى. 

وأكد "عبدالقوي" أنه في الوقت الحالي الطلاق أكثر بكثير من الأعوام الماضية، رغم أني لا أوقع كل حالات الطلاق، وأغلب حالات الطلاق بحلها وأمشيهم من عندي متراضيين، لو كل حالة جائت لي طلقتها لكانت تصل النسبة إلى 70%.

وأشار إلى أن الآباء يزوجون بناتهم عرفيًا بضمان إيصالات أمانة يوقع عليها الزوج، أو والده، كمحاولة لضمان حقوقها، لأنها لم تبلغ السن القانوني للزواج (18 عامًا).

فيما حذر الدكتور أحمد المصري، استشاري أمراض النساء والولادة، من عواقب زواج القاصرات، قبل بلوغهن السن القانوني والصحي المقرر لهن وهو 18 سنة، وخطورة تلك الظاهرة على صحة الأم والأطفال.

وأكد"المصري" أن السن الصحيح لزواج الفتاة، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، لا يقل عن 18 سنة، وأن الأم الأكثر عرضة للإجهاض المتكرر، هي التي تزوجت دون السن القانوني والمناسب للزواج.

وأضاف أن الأم في كثير من الأحيان تشجع على زواج ابنتها مبكرًا، بعد أن تلحظ ظهور علامات البلوغ لدى الفتاة، بدعوى "ستر البنت"، وأن زواج القاصرات هو الذي أدى إلى زيادة عدد الأطفال المبتسرين "ناقصو النمو"، خلال السنوات الأخيرة، والذين يموت الكثير منهم بسبب عدم وجود حضانات كافية على مستوى الجمهورية، تكفي هذه الأعداد، فضلا عن تكلفة الحضانات الخاصة، والتي تكلف نحو 300 جنيهاً يومياً بالفيوم.

وقالت ليلى طه مقرره فرع المجلس القومى للمرأة بالفيوم، إن المجلس ينظم عدة ندوة عن زواج القاصرات والزواج المبكر والحد من ظاهرة الطلاق وأسبابه وأثره على الأسرة والمجتمع وذلك بالتعاون مع مديرية الصحة ومديرية التضامن بالفيوم وذلك بجمعية تنميه المجتمع بقريه السلام بشدموه مركز أطسا.

وأشارت "طه" إلى ان الزواج المبكر يمثل خطورة كبيرة على المجتمع المصري كله وهو نوع جديد من التجارة الرخيصة بعيدًا عن القانون والرقابة، وان هناك العديد من المحامين يحترفون النصب من مأذونين تحت السلم للإتجار ببناتنا ليرتكبوا وقائع فادحة في حق الزوجات القاصرات مقابل مبالغ مالية كبيرة تتسبب في ضياع حقوق الزوجة وكثير منهم تجد نفسها مطلقة تحت سن العشرين وتعول أطفال بلا وثيقة تثبت حقها الشرعي. 

وقالت "هبه.م" صاحبة الـ15 عام بندر الفيوم، لجأت لمحكمة الأسرة بالفيوم لكي تستغيث مما حدث لها بعد أن تم تزويجها بشكل صوري على يد مأذون يجلب الدفاتر من مأذون أخر بالقاهرة وتزوجت عجوز يبلغ من العمر60 عام لأنه معه المال ومن وقتها وهي لا تجد حقها بعد أن طردها أولاده من زوجته الأولى عندما علموا بحملها خوفا من مشاركتهم لهم بالميراث عقب وفاته وأن اهلها يتندمون على فعلتهم بأبنتهم.

أما "نسمة.م.ن" البالغة من العمر 16عام، والمقيمة بقرية فيديمين والتي تزوجت من عجوز خليجي بالغ من العمر 60 عام بعقد مزور عن طريق منتحل صفه مأذون، وسافرت معه، وهناك فوجئت بأن ما قاله لأهلها من أنه سيسعدها ويحضر لها كل ما تتطلبه وجدت كل هذا سراب الوهم، وأنه تزوجها لكي تخدم في منزله، وأنها ليست الزوجة المصرية الأولى له وأنه يأتي إلى مصر ليتزوج فتيات صغيريات بغرض المتعه فقط ويرسلها الى اهلها فولر حملها لتجد نفسها فى الشارع ويأخذ منها جميع الذهب الذي قام بشبكتها.

يما قال القمص روفائيل سامي، راعي كنيسة مارجرجس بطامية، وأمين بيت العائلة المصرية بالفيوم، إن الفتاة التي تتزوج قبل سن 18 سنة، لا تكون ناضجة اجتماعيا، وعاطفيا، ولا تستطيع وهي طفلة أن تكوّن أسرة ناضجة سوية، ومن الممكن ألا تكون مدبرة في ميزانية المنزل، لأنها صغيرة السن وغير قادرة على تحمل المسئولية، فضلا عن ظهور مشاكل كبيرة جدا تنتج عن الزواج المبكر، لدرجة أنه عاين حالة فتاة تزوجت مبكرًا، أنها لم تحصل على الحب المشبع لها من زوجها، مشيرًا إلى أن مشكلة تزويج القاصرات موجودة ليس في الريف فقط، بل أمتد الى المدن أيضا واصبح ظاهرة كبيرة لا يستهان بها.

وقالت أنوار مصطفى، رئيس مركز استضافة وتوجيه المرأة بالفيوم، أن المركز يوفر استشارات قانونية وتليفونية للمرأة المعنفة، وأن المركز كان يعمل على الشق العلاجي فقط، أما حاليا، فهو يعمل على الشقين الوقائي والعلاجي، ويتم تدريب رائدات يعملن في هذا الأمر، لسهولة وصولهم إلى المرأة في القرى، بالتعاون الدائم مع وزارة التضامن الاجتماعي.