د. نصار عبدالله يكتب: هل يحق لوزارة الداخلية؟

مقالات الرأي




هل يحق لوزارة الداخلية، «رغم تقديرنا الذى لا تحده حدود لجهود أبنائها وتضحياتهم الذين ما هم فى حقيقة الأمر إلا أبناؤنا نحن!..فلا أظن أن هناك أسرة مصرية واحدة لا تربطها صلة قربى بواحد أو أكثر من أفراد الشرطة ضابطا كان أم فردا متطوعا أم مجندا».. ومع هذا فإن وشائج القربى التى تربطنا بأبنائها لا تمنعنا من أن نوجه السؤال التالى الآتى إليها كمؤسسة.. السؤال المقصود هو: هل يحق لوزارة الداخلية أن تضع حراسة مسلحة على عقار وتحول بين ملاكه وبين مجرد دخوله، وذلك لمجرد أن عددا من ضباطها كانوا يستأجرون على التعاقب بصفاتهم الشخصية، فكلما نقل منهم واحد حل محله الضابط الجديد؟.. وحتى لا يكون كلامى مرسلا يفتقر إلى أمثلة واقعية محددة، أذكر المثال التالى الذى قدر لى فى ظروف معينة أن أعرف تفاصيله الدقيقة الموثقة، والمثال الذى سأذكره يتعلق بالمنزل 11 شارع السينما بالبدارى محافظة أسيوط الذى يمتلكه مجموعة من الورثة من بينهم ويا للمفارقة ضباط بالشرطة!!، هذا المنزل كان يقطنه بإيجار هزيل «سبعة جنيهات شهريا» السيد مأمور المركز الذى كان يشغل طابقا بأكمله، ثم نائب المأمور الذى كان يشغل طابقا آخر بأكمله أيضا!، وعندما تصدع المنزل نتيجة لإهمال الصيانة، «وكان لا بد أن يتصدع شأنه فى ذلك شأن سائر المبانى القديمة ذات الإيجار المحدود بحكم قوانين إيجارات الأماكن السابقة، فلا الملاك لديهم القدرة ولا الرغبة ولا المصلحة فى ظل تلك القوانين فى تحمل عشرات الآلاف من الجنيهات لصيانة مبنى لا يجنون منه سوى آحاد الجنيهات أو عشراتها فى أحسن الفروض، ولا المستأجرون من ناحيتهم لديهم الاستعداد لصيانة مبنى لا يمتلكونه حتى لو كانت لديهم القدرة على ذلك!!» .. وهكذا فعندما تصدع المبنى وأصبح غير قابل للسكنى، قامت الوزارة بإنشاء استراحة فاخرة انتقل إليها المأمور ونائبه وعدد آخر من الضباط، وبطبيعة الحال فقد توقفوا عن سداد إيجار المنزل القديم الذى أصبح الآن مهجورا!، الغريب أن وزارة الداخلية بدلا من تسليم المنزل إلى أصحابه قامت بوضع حراسة مسلحة على مدخله لمنع ملاكه من محاولة الدخول إليه، وعندما اشتكى الملاك قال لهم المأمور السابق «وهو حاليا نائب مدير الأمن»: «إن وضع المنزل الآن غير مقنن!!.. فالوزارة لا تستأجره بصفتها المؤسسية حتى تسدد الإيجار، والذين كانوا يستأجرونه قد تركوه وبالتالى فهم غير ملزمين بأى شىء!!.. أما الحراسة المسلحة فالهدف منها حمايته إلى أن يتم تقنين الوضع!!، وأما الذى يملك سلطة التقنين فهو السيد اللواء مدير الأمن بعد الرجوع إلى السيد الوزير»!!.. هذا هو ما يجعلنى أعود إلى البداية التى بدأت بها المقال وأتساءل: هل يحق دستوريا وقانونيا لوزارة الداخلية أن تفعل ما فعلت، وإن كان يحق لها، فمتى وكيف يا ترى سوف يتم التقنين؟، وهل سوف يتم التقنين فى غيبة ملاك المبنى ودون أخذ رأيهم وموافقتهم ؟ علما بأن المثال الذى ذكرته ليس هو الواقعة الوحيدة من نوعها، ولكنها واقعة متكررة بالنسبة للكثير من المبانى التى تشغلها وزارة الداخلية، بل وحتى تلك التى تشغلها أيضا جهات حكومية أخرى عادية، مثل الجهات التابعة لوزارة الصحة أو وزارة التعليم .. وفى حدود ما أعلم لم تقم جهة منها حتى الآن، بإخلاء المبنى الذى تشغله حتى بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 18 من قانون الإيجارات والتى كانت تسمح للمستأجرين من الشخصيات الاعتبارية أن يمدوا عقد الإيجار حتى بعد انقضاء التاريخ المحدد لنهاية العقد!!..ومرة أخرى أتساءل: أليست إحدى المهام الرئيسية لوزارة الداخلية والتى من أجلها تلقى ما تلقاه من العرفان والامتنان التى هى جديرة به، أليست إحدى هذه المهام هى حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم، فهل يمكن أن ينعكس الوضع وتصبح مهمتها هى أن تقوم لحسابها بحماية حيازة غير مشروعة أوعلى أضعف الإيمان غير مقننة؟.. وهل يعلم السيد اللواء وزير الداخلية بما يقوم به مساعدوه فى هذا الخصوص؟، وإذا كان يعلم فهل يقبله سيادته ويرتضيه؟؟