محمد بن سلمان.. صاحب الرؤية ومطور العلاقات الخارجية للمملكة (بروفايل)

السعودية

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


هو محمد بن سلمان بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود.
 
وسعود هو أمير الدرعية وإليه يَنتسبُ جميع أئمة وأمراء وملوك السعودية منذ القرن الثامن العشر، وباسمه تسمَّت الأسرة الحاكمة فيها.

الولادة والنشأة والتعليم
وُلِدَ في مدينة الرياض في 31 أغسطس 1985، وهو الابن السادس للملك سلمان بن عبد العزيز، والدته هي الأميرة فهدة بنت فلاح بن سلطان آل حثلين العجمي.
 
تَلقَّى تعليمه العام في مدارس الرياض، وأنهى دراسته الثانوية في العام 2003، ضمن العشرة الأوائل على مستوى المملكة. 

أكمل خلال فترة تعليمه عددًا من الدورات والبرامج المتخصّصة، وحصل على درجة البكالوريوس في القانون من جامعة الملك سعود، حائزًا على الترتيب الثاني على دفعته.

العمل السياسي (قبل توليه ولاية العهد)
كانت بداية محمد بن سلمان في النشاط السياسي حين عُيّن مستشارًا متفرغًا في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء السعودي في 10 أبريل 2007، واستمر بعمله بنفس المنصب، حتى عُيّن في إمارة منطقة الرياض مستشارًا لوالده أمير الرياض في ذلك الوقت في 16 ديسمبر 2009، وتحوّل  منصبه بالهيئة إلى منصب مستشار غير متفرغ. 

وحين وُلِّيَ والده سلمان بن عبد العزيز ولاية العهد في المملكة العربية السعودية في 2012، أصبح محمد مستشارًا خاصًا ومشرفًا على المكتب والشؤون الخاصة لوالده ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.

في 2 مارس 2013 صدر أمرٌ ملكي بتعيينه رئيسًا لديوان سمو ولي العهد ومستشارًا خاصًا له بمرتبة وزير،كما تم إعفاؤه من عمله بهيئة الخبراء في نفس  اليوم.

وبعدها بأربعة أشهر، أضيف منصب المشرف العام على مكتب وزير الدفاع إلى مهام عمله السابقة.

وكانت آخر ترقياته قبل تولي والده الحكم في 25 أبريل 2014 عند صدور الأمر الملكي بتعيينه وزيرًا للدولة بمجلس الوزراء السعودي بالإضافة إلى عمله.

العمل السياسي (بعد توليه ولاية العهد)
وحين تولّى الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم في المملكة العربية السعودية في 23 يناير 2015، أصدر أمرًا ملكيًا يقضي بتولّي محمد بن سلمان وزارة الدفاع بالإضافة إلى تعيينه رئيسًا للديوان الملكي ومستشارًا خاصًا للملك.

ثم أتبعه بأمر ملكي آخر يقضي بإنشاء مجلس الشؤون السياسية والأمنية السعودي برئاسة الأمير محمد بن نايف ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة محمد بن سلمان.

ومع إعفاء الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود من منصب ولي العهد بناء على طلبه في 29 أبريل 2015، واختيار الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود وليًا للعهد،  صدر أمر ملكي ينص على اختياره وليًا لولي العهد وتعيينه نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره في منصب وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وقد تزايدت النشاطات السياسية لمحمد بن  سلمان بعد توليه منصب ولي ولي العهد، حيث شارك في عدد من الموتمرات السياسية والزيارات الدبلوماسية الخارجية.

في 21 يونيو 2017، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيزأمرًا ملكيّا - بعد إعفاء الأمير محمد بن نايف من منصبه –  يقضي باختيار محمد بن سلمان وليًا للعهد وتعيينه نائبًا لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره وزيرًا للدفاع.

كما أصبح يرأس مجلسي "الشؤون الاقتصادية والتنمية" و"الشؤون السياسية والأمنية"، وقد أقيمت مراسم البيعة في قصر الصفا في مكة المكرمة، حيث بويع من قبل السعوديين. 

وكان محمد بن سلمان قد اختير لولاية العهد بأغلبية أعضاء هيئة البيعة، بعد أن عُرِضَ القرار عليهم، بأن نال 31 صوتًا من أصل 34 صوتا، وهي أعلى نسبة تصويت تشهدها هيئة البيعة منذ نشأتها.

رؤيه المملكة ٢٠٣٠
في 25 أبريل 2016، أطلق محمد بن سلمان رؤية أسماها رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وهي خطة اقتصادية اجتماعية ثقافية سياسية شاملة للمملكة العربية السعودية تؤسس لدخول المملكة إلى عصر ما بعد النفط.

تتزامن الرؤية مع التاريخ المحدّد لإعلان الانتهاء من تسليم ثمانين مشروعًا حكوميًا عملاقًا، يكلّف أقل واحد بينهما ما يعادل أربعة مليارات ريال، بينما بعض المشاريع تفوق كلفتها المائة مليار ريال سعودي، كما في مشروع مترو الرياض. 

نظَّمَ الخُطَّة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي برئاسته، وقد عُرِضت على مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.

وبعد الإعلان عن الرؤية، قدّم محمد بن سلمان، عن طريق مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي كل من برنامج التحول الوطني في 7 يونيو 2016 وبرنامج تحقيق التوازن المالي في 22 ديسمبر 2016، إذ يعد كل منهما من ركائز الرؤية، وقد وافق مجلس الوزراء السعودي على البرنامجين.

السياسة الخارجية لولي العهد

"الأزمة اليمنية"
في سبتمبر 2014، بدأ الحوثيون بعد خروجهم من معقلهم في صعدة بالانتشار بشكل سريع في اليمن، فأتمّوا السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء، حيث احتلوا دار الرئاسة هناك، ووضعوا الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي تحت الإقامة الجبرية، ثم أجبروه على تقديم الاستقالة، وأخذوا قرارًا بتعطيل الدستور، زاحفين عسكريًا على مجمل الأراضي اليمنية.

وبفرار الرئيس هادي إلى مدينة عدن التي أعلنها عاصمة مؤقتة أعلن بصفته رئيسا للجمهورية، التعبئة العسكرية العامة والحرب على الحوثيين، مقدّمًا طلبًا رسميًا باسم الحكومة اليمنية، دعا فيه قوات درع الجزيرة إلى التدخل في اليمن، وهو ما تم من خلال تشكيل تحالف من عدد من الدول العربية باسم التحالف العربي، اطلق عملية عسكرية بقيادة السعودية، تحت مسمّى عاصفة الحزم.

وقام محمد بن سلمان بالإشراف على الضربة العسكرية الأولى التي وجهت لما تسمى "معاقل الحوثيين" في اليمن. 

وتشير التقارير إلى ارتفاع نسبة سيطرة قوات الشرعية الحكومية اليمنية على الأراضي اليمنية، من قرابة الصفر في المائة قبل بدء عملية عاصفة الحزم، إلى نسبة ما بين ثمانين إلى خمسة وثمانين في المائة، وهو ما عدّ انتصارا لقوات الشرعية بمساندة التحالف.

غير أن منظمات حقوقية دولية لم تخف انتقاداتها للحرب الدائرة في اليمن، حيث وجّهت إلى كل من الحوثيين وطيران التحالف العربي اتهامات بقصف أهداف مدنية، في عمليات، وصفتها بأنّها قد ترقى إلى جرائم حرب، مطالبة المجتمع الدولي بالتحقيق في تلك الأحداث.

وقد علّق محمد بن سلمان على بعض تلك التقارير قائلًا: أن "الأخطاء واردة في أي عملية عسكرية"، لكنّها إن حدثت من جانب المملكة أو دول التحالف فهي أخطاء غير متعمّدة وغير مقصودة.

وكان الحوثيون قد أعلنوا أنّهم يعملون على أن تكون الحرب في اليمن، حرب استنزاف للتحالف، وذلك بعيد إعلان التحالف العربي التدخّل العسكري في الحرب في اليمن، وهي الحرب التي وصفها محمد بن سلمان أن قرار دخولها لم يكن خيارًا بل كان اضطرارًا، وأن الخيارات في اليمن كانت بين "سيء وأسوأ" على حد وصفه، مضيفًا أن التدخّل هناك حال دون أن ينقسم البلد بين الحوثيين وتنظيم القاعدة، وعمل ولي العهد على مساعدة اليمن في حل ازمتة.

"الأزمة السورية"
فيما يتعلق بالأزمة السورية، يقول مراقبون أن محمد بن سلمان فجَّر مفاجئة، حين أعرب عن اعتقاده بقرب انتهاء أجل الصراع في سوريا وببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم مع تضائل فرص تنحيته، في إشارة إلى تغيّر موقف السعودية تجاه الملف السوري، مطالبًا من جهة روسيا بأن يكون لديها نفوذ قوي ومباشر في سوريا، وأن تعمل على تقوية وتمكين النظام السوري لتقليل النفوذ الإيراني، وأن تحافظ دمشق على آيديولوجيتها، وأن يقوّي بشار الأسد نظامه – أمام المد الإيراني– لئلا يصبح الرئيس السوري "دمية بيد إيران" على حد تعبيره، معربًا عن اعتقاده أن مصالح الرئيس السوري هي "ألا يدع الإيرانيين يفعلون ما يريدون فعله (في سوريا). 

ومن جهة أخرى مطالبًا أمريكا بأن تُبقي على وجودها العسكري في الشرق السوري لتقطع الطريق على المشروع الإيراني في المنطقة. 

جاء حديث ولي العهد السعودي في مقابلة مع مجلة تايم في 30 مارس 2018، عند تواجده في الولايات المتحدة الأمريكية وعقب أيام من لقاءه الرئيس الأمريكي ترمب في البيت الأبيض، قائلا: "لا أعلم إن كان بعض الأشخاص سيغضبون حينما أجيب عن ذلك السؤال، لكنني لا أكذب، أعتقد أن الكذب على الناس أمرٌ مُخزٍ فعلًا، وخصوصًا في العام 2018، حيث يكاد يكون أمرًا مُستحيلًا أن تُخفي شيئًا عن الناس، أعتقد أن (الرئيس السوري) بشار (الأسد) باقٍ في الوقت الحالي، وأن سورية تُمثل جزءًا من النفوذ الروسي في الشرق الأوسط لمدة طويلة جدًا"، مضيفًا: "لا أعتقد أنه سيرحل من دون حرب، ولا أعتقد أنه يوجد أي أحد يريد أن يبدأ هذه الحرب، لما ستحدثه من تعارض بين الولايات المتحدة وروسيا، ولا أحد يريد رؤية ذلك، وحين سُئِلَ عن رأيه حول فكرة سحب أمريكا لقواتها من سوريا، وهي رغبة الرئيس الأمريكي ترمب.

وقال محمد بن سلمان: أنّه يعتقد أن على القوات الأمريكية "أن تبقى (في شرق سوريا) على المدى المتوسط على الأقل، إن لم يكن على المدى الطويل، ذلك لأن الولايات المتحدة تحتاج لأن تمتلك أوراقًا للتفاوض وممارسة الضغط"، لافتًا إلى أنه: "في حال إخراج تلك القوات فأنك ستخسر تلك الأوراق، هذا أولًا، أمّا ثانيًا فأنت تحتاج إلى نقاط تفتيش في الممر بين حزب الله (اللبناني) وإيران، لأنك إن أخرجت هذه القوات من شرق سوريا فستخسر نقطة التفتيش تلك، وسيساهم ذلك الممر في تصعيد أمور أخرى في المنطقة.

"القضية الفلسطينية"
في حوار له مع مجلة ذا أتلانتيك الأمريكية، نُشِر في 2 أبريل 2018، حول رؤيته للصراع العربي الإسرائيلي ومستقبل العلاقات العربية مع إسرائيل، قال محمد بن سلمان أن المملكة العربية السعودية لا يمكن أن يكون لها أي علاقة مع إسرائيل قبل الوصول إلى سلامٍ عادلٍ ومُنْصِفٍ تُحلُّ بموجبه القضية الفلسطينية في إطار حلِّ الدولتين، كاشفًا عن مخاوف دينية حول مصير المسجد الأقصى في القدس وحول حقوق الشعب الفلسطيني. 

جاء ذلك في معرض ردّه على سؤال حول "حق الشعب اليهودي في أن تكون له دولة" قائلا:" أعتقد عمومًا أن كل شعب، في أي مكان، له الحق في العيش في بلده المسالم. 

أعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين لهم الحق في امتلاك أرضهم الخاصة، لكنّه يجب أن يكون لدينا اتفاق سلامٍ عادلٍ ومُنصفٍ لضمان الاستقرار للجميع ولإقامة علاقات طبيعية بين الشعوب.

وكان ولي العهد السعودي قد وصف قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إعلان القدس عاصمة إسرائيل، ونقله السفارة الأمريكية إلى القدس بـ"المؤلم ويقول مراقبون أن ولي العهد السعودي حسب هذه الرؤية لا يخرج عن الاجماع العربي حول القضية الفلسطينية، وقد تأكد ذلك من مخرجات القمة العربية في الظهران، التي عُقِدَت بعد هذا اللقاء بأيام. 

وأطلقَ الملك سلمان بن عبد العزيز عليها اسم "قمة القدس، إذ تمسّكت القمة برئاسة السعودية بحل الدولتين وفق مبادرة السلام العربية، ينص على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية على حدود 1967.

"العلاقات الأمريكية"
توصف العلاقات الأمريكية السعودية بأنّها "تاريخية" و"استراتيجية" بعد حلف بدأ في العام 1940، إلّا أنّ العلاقات بين البلدين، بحسب المراقبين، شهدت الكثير من التوتّرات الدبلوماسية، وتطورت هذة الازمة في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

إلا أنّ العلاقات، سرعان ما بدأت تعود إلى طبيعتها، بُعيد انتخاب دونالد ترمب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، الذي أعلن أكثر من مرة أنّه يريد مكافحة التوسّع الإيراني في الشرق الأوسط، وتمزيق الاتفاقية النووية مع إيران، التي طالما وصفها بأنّها "كارثية"، وهي النقاط التي يرى المراقبون أنّها عادت وجمعت الطرفين الأمريكي-السعودي، فأصبح محمد بن سلمان -حين كان وليًا لولي العهد- أوّل مسؤول سياسي عربي يلتقي الرئيس الأمريكي ترمب في البيت الأبيض، في 14 مارس 2017 (بعد تولي الأخير منصب الرئاسة بشهرين)، حيث أقام ترمب مأدبة غداء لمحمد بن سلمان، قائلًا لأعضاء فريقه في البيت الأبيض: "أعتقد أن لدينا شريكًا قويًا.

وقد وُصِفَ الاجتماع بين الرجلين بأنّه "نقطة تحوّل تاريخية في مسار العلاقات بين البلدين"، عكس وجود تطابق كبير في وجهات النظر والأهداف بين المملكة العربية السعودية وأميركا تجاه إيران.

وفي 4 مايو 2017، أعلن ترمب من حديقة البيت الأبيض: أن "أوّل محطة خارجية لي كرئيس للولايات المتحدة ستكون إلى السعودية، حيث حطّت طائرته الرئاسية في الرياض في 20 مايو 2017، لحضور قمة الرياض، التي التقى فيها بالملك سلمان، وشهدا معًا توقيع اتفاقيات بين الجانبين الأمريكي-السعودي، سمّيت بـ"اتفاقية الرؤية الاستراتيجية المشتركة" بحجم استثمارات تجاوزت قيمتها 400 مليار دولار أمريكي، ووصفت بأنّها اتفاقية "تاريخية وغير مسبوقة".

وفي 20 مارس 2018، عاد محمد بن سلمان -بعد أن أصبح وليًا للعهد- إلى زيارة البيت الأبيض ملتقيًا بترمب، مطالبًا من واشنطن بـ"إنهاء الاتفاق النووي فورًا، وهو ما تم في 9 مايو 2018، بعد قرار الرئيس الأمريكي ترمب إنسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي، وإعادة العقوبات على إيران.

لا نهاية لشخصية تريد النجاح ولي العهد من الشخصيات ذات العقل المتفتح والذكاء الكافي ليدير منصبة ويجلب التطور والتقدم لدولته قدم الكثير ومازال يقدم وفي كل مرة يبهر م حولة بانجازاتة.