د. نصار عبدالله يكتب: عندما يشتبه فى مواطن

مقالات الرأي



فى مصر وحدها عشرات الآلاف وربما مئات من المواطنين الذين يحملون اسم: أحمد على أحمد..فإذا كنت واحدا منهم، وإذا كنت مسافرا من قريتك أو مدينتك إلى بلدة أخرى داخل الجمهورية لسبب من الأسباب، فربما يوقعك سوء الحظ مع ضابط كمين من كمائن تنفيذ الأحكام ينتمى إلى تلك النوعية التى أوقعت المواطن العجوز المسالم أحمد على أحمد النيدى بين يديه.. والقصة باختصار أن المواطن أحمد على من أبناء مركز البدارى كان فى زيارة إلى أحد أقاربه المقيمين فى محافظة قنا.. وفى أثناء عودته يوم الجمعة 13/10 الماضى استوقفه ضابط فى كمين البلينا التابع لمديرية أمن سوهاج، وقام ضابط الأمن بالبحث فى قاعدة البيانات الموجودة لديه فتبين له وجود شخص اسمه أحمد على أحمد مسجل سوابق ومتهرب من تنفيذ أحكام: فقام بالفور بالقبض على المواطن العجوز المسالم، مكتفيا بالاسم، ودون الاستعانة بأية بيانات أخرى: مثلا: بصمة الإصبع.. تاريخ الميلاد..اسم الأم.. الخ، وقام بترحيله إلى مركز شرطة البلينا حيث أودع فى التخشيبة، وأرسلت بياناته إلى مديرية أمن سوهاج للاستفسار بالتفصيل عن نوعية ومدد الأحكام التى يفترض أنها صادرة ضده! لكن المديرية كعادتها، وكعادة أغلب مديريات الأمن فى الصعيد لا تشغل نفسها بالرد اعتمادا على أن الغائب لا بد أن يكون له صاحب.. وسوف يتولى هذا الصاحب إن ظهر مؤونة إثبات إن كان المقبوض عليه صاحب سوابق فعلا أم.. وهكذا قضى المواطن أحمد النيدى أربعة أيام بلياليها ينام على البلاط ويتعامل مع عتاة المجرمين وأصحاب السوابق.. إلى أن استبطأ ذووه عودته فاتصلوا بأقاربهم فى محافظة قنا الذين أخبروهم بأنه قد غادر فرشوط منذ ثلاثة أيام، فسعوا عندئذ يبحثون عنه فى المستشفيات وفى أقسام الشرطة إلى أن تمكنوا فى النهاية إلى التوصل إلى مكانه فى سجن البلينا.. لكن مركز البلينا رفض الإفراج عنه لأنه «أى المركز» أرسل إلى مديرية أمن سوهاج للاستفسار عنه، وإلى الآن لم ترد، ومن ثم فإنهم يتوجب عليهم أن يتوجهوا بأنفسهم إلى المديرية لاستعجال الرد، وهذا ما حدث بالفعل، إذ قاموا بالتوجه إلى المديرية التى قامت بدورها بالاتصال بمديرية أمن أسيوط، والتى قامت بالتالى بالاتصال بمركز شرطة البدارى حيث أفادت تلك الجهات جميعها بأنه ليس مطلوبا على ذمة قضية أو حكم وأنه لم يسبق أن حررت ضده حتى مجرد مخالفة !! أما الشخص الآخر المقيد سوابق فهو شخص يشترك معه فقط فى الاسم «وهو كما أوضحنا فى بداية حديثنا اسم شائع جدا» لكنه يختلف عنه فى باقى البيانات...السؤال الآن هو: ما الذى يضمن ألا يتكرر مع أحمد على النيدى مع أى: أحمد على آخر؟.. بل ما الذى يضمن ألا يتكرر معه هو شخصيا مرة أخرى إذا ما أوقعه حظه العاثر مع ضابط من عينة كمين البلينا مرة أخرى؟؟، وهل سيحتمل هذا الشيخ العجوز النوم على البلاط أربعة أيام أخرى خاصة أن برد الشتاء على الأبواب؟؟، والواقع أنه فى كل بلاد الدنيا المتقدمة وحتى المتوسطة من حيث التكنولوجيا الأمنية، توجد لدى كل ضابط فى كمين أمنى، وحتى فى كل كمين مرورى أمنى عادى إمكانية للبحث المباشر «ولو حتى عن طريق استخدام الموبايل العادى» فى قاعدة البيانات المركزية التى تشمل أسماء جميع المطلوبين وجميع البيانات الشخصية الخاصة بهم التى تمنع الالتباس بشكل حاسم بين أى موطن وأى مواطن آخر،.. .إننى أنتهز هذه المناسبة لكى أتوجه إلى السيد اللواء محمود توفيق وزير الداخلية الذى أقدر ويقدر معى كل أبناء الشعب المصرى جسامة الأعباء الملقاة على عاتقه فى هذه الظروف العصيبة التى تعيشها بلادنا، والتى جعلت منه المسئول الأول جنبا إلى جنب مع كل من ينتمى إلى الشرطة والقوات المسلحة فى توفير الأمن والأمان لكل أبناء الوطن فى مواجهة الإرهاب الأعمى الذى يستهدف مقدرات هذا الوطن.. انتهز هذه المناسبة لكى أتوجه إلى سيادته بالسؤال.. أليس من بين مقتضيات الأمن الذى هو مسئول عنه أمام الله والشعب والوطن.. أليس من بينها توفير الأمان للمواطن ضد عمليات القبض المتسرعة التى تقوم بها بعض العناصر فى جهاز الشرطة مع تقديرنا لنبل مقاصدهم.. وهل كثير على وزارة الداخلية أن توفر قاعدة متكاملة ومستوفاة للبيانات؟ وأن توفر لكل ضابط فى كل كمين وسيلة اتصال مباشر بتلك القاعدة بدلا من المبيت أربعة أيام على البلاط لمجرد التباس فى الأسماء؟