مصطفى عمار يكتب: حتى لا نخرب سوق الدراما ونقعد على تله!

الفجر الفني



حالة من الغضب تنتاب العاملين فى مجال الدراما التليفزونية بعد شائعات وأقاويل عديدة طالت الصناعة مفادها أن نجوم كبارًا من الذين اعتادوا على تقديم أعمالهم خلال السنوات الماضية، لسبب ما قد لا يقدمون أعمالهم الدرامية هذا العام، وهو ما يعنى توقف صناعة الدراما، وتعرض أكثر من 2 مليون من العاملين فى مجال صناعة الدراما للبطالة نتيجة توقف إنتاج هذا الكم الكبير من المسلسلات، ومن السهل أن ننجرف وراء هذه الآراء والأقاويل التى تشير لأياد خفية تحاول تدمير الصناعة والعبث بها دون أن نواجه أنفسنا بسؤال مهم وحتمى من أجل استمرار هذه الصناعة التى تعرضت خلال العشر سنوات الأخيرة للتخريب من قبل أشخاص اندسوا فيها إما بغرض غسيل الأموال أو بحثاً عن دور لا يعلمه إلا الله، فقبل عدة أشهر كتبت مقالاً، طالبت فيه الدولة بضرورة التدخل لمحاولة ترتيب المشهد الإعلامى، وكان من ضمن المقترحات التى وضعتها فى سلسلة المقالات التى تناولت فيها المشهد الإعلامى الحالى، هو تنظيم صناعة الدراما للخروج من حالة الفوضى التى سيطرت على موضوعاتها وباتت تهدد أمننا القومى، بعد أن غلب على جميع قصص المسلسلات التى تم تقديمها خلال السنوات الأخيرة الجريمة والفساد والبلطجة وكل الأمراض التى تهدم أكثر ما تبنى وتوعى وترشد وتثقف المشاهدين، طلبت أن تتدخل الدولة وتمنح قبلة الحياة لقطاع الإنتاج وصوت القاهرة ومدينة الإنتاج الإعلامى، لتقدم أعمالاً هادفة تحمل قيمة ورسالة، بعيداً عن المقولة التى أفسدت الذوق العام، بأن الجمهور عاوز كده، وهى الجملة التى ارتكب بسببها جرائم ضد هذا الوطن كفيلة بخراب الوطن وتدميره، فهل من المعقول برغم الكم الهائل من المسلسلات التى يتم إنتاجها والتى زاد عددها فى بعض الأعوام لتصل إلى 40 مسلسلاً، أغلبها يدور حول قصص وحكايات غير أخلاقية تتوغل فى رصد الجريمة والفساد وتقديم الأبطال المنحرفين سلوكياً وأخلاقياً، لم أطالب وقتها أن تتدخل الدولة لمنع عرض الأعمال التى أتحدث عنها، ولكننى طالبت بأن يكون لها دور فى التصدى لإنتاج الأعمال الهادفة والتى تحمل قصص وسير شخصيات تمنح المشاهدين الأمل فى أن الشرف والكفاح لم ينتهوا، وأن طريق النجاح والثروة ليس فقط من خلال شحنة مخدرات أو تجارة سلاح أو فساد أخلاقى، ويبدو أن الدولة ولله الحمد قد انتبهت لما يحدث بالسوق الدرامى وقررت وضع خطة لإعادة الانضباط المفقود به خلال السنوات الأخيرة، وكان أول خطوة فى طريق تصحيح السوق غير المنضبط هو أجور نجوم الدراما، والتى وصلت فى بعض الأحيان إلى 0 6% من ميزانية العمل، فتخيل مثلاً أن يكون أجر ممثل فى العمل 20 مليون جنيه وميزانية العمل بالكامل 40 مليونًا! فكان من البديهى أن يتم وضع حد أقصى لأجور النجوم وميزانيات المسلسلات، وبالطبع كان هذا القرار سببًا فى غضب نجوم الدراما وشركات الإنتاج، لأنه سيقف أمام نزيف الخسائر التى تتعرض له الفضائيات المصرية، التى لم يأت عام واحد عليها دون أن تخرج قناة واحدة وهى محققة لأى مكاسب، فتخيلوا أن يكون إجمالى إنفاق القنوات المصرية على الصناعة البرامجية والدرامية 6 مليارات جنيه، والعائد يكون 2 مليار و800 مليون! كيف يتحمل أصحاب رأس المال كل هذه الخسائر إلا إن كانت الأموال التى يستخدمونها لا تهمهم أو جاءت إليهم بطريق غير مشروع! النجوم يرفضون تخفيض أجورهم، فمن يحصل على 20 و30 مليونًا يرفض الحصول على 5 ملايين جنيه هذا العام كأجر له! وهل لم يكتف نجوم الدراما بالملايين التى حققوها خلال السنوات العشر الأخيرة، والتى تسببت فيها شركة إنتاج قبل عشر سنوات قررت أن تمنح غادة عبدالرازق أجر 11 مليونًا بعد أن كانت تتقاضى 2 مليون جنيه فقط عن المسلسل الواحد، الأمر الذى أصاب السوق بحالة من السعار، وقرر باقى نجوم الدراما رفع أجورهم فى محاولة منهم للوصل إلى نفس أجر غادة وقتها، وتلاحقت السنوات وأصبح من الطبيعى أن تجد نجمًا يطلب 20 مليون جنيه كأجر له، تحت ادعاء أن مسلسله يحقق عائدًا إعلانيًا! السوق يحتاج إلى القرارات التى تتخذها الدولة للحفاظ على الصناعة وتقديم أعمال صالحة للاستخدام والمشاهدة، لا نطالب بخسف أجور النجوم ولكن نطالب بأن يعود كل شىء لوضعه، من يقول إن نجم تقاضى مليونًا فى مسلسله الأول و3 ملايين فى مسلسله الثانى أن يطلب هذا العام 18 مليونًا! أى صناعة تتحدثون عنها وتطالبون بعودتها، طالبوا النجوم بأن يقفوا بجوار الصناعة ويتنازلوا عن بضعة ملايين من أجورهم لتعود الصناعة كما هى لأصحابها الحقيقيين بعيداً عن غاسلى الأموال والفاسدين!