في حب خير الأنام.. قلوب الأطفال معلقة بذكر سيد الخلق

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


"صلوا على سيدنا النبي.. حبيبي يا سيد الخلق يا رسول الله"، يرددون هذه الكلمات خلف الكبار، يبتسمون كلما تلفظوا بها رغم عدم استيعابهم لها، وكأنما ترفرف أرواحهم النقية بهجة كلما تعالت أصواتهم وهم ينطقون باسم رسول الله.

 

فبالرغم من أن هؤلاء الصغار لا تدرك عقولهم الصغيرة سوى أن هذه الاحتفالات تتزامن مع يوم مولد رسول الله، إلا أن أقدامهم تتسابق لتخترق الزحام، في محاولة منهم لتقدم المسيرات المهللة بذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حتى تحول الأمر إلى عادة سنوية ينتظرونها ليتزينون بالجلباب الأبيض والقبعة الصغيرة التي تتوج رؤوسهم كل عام في المولد النبوي الشريف.



فمن بين مسيرات الطرق والمذاهب المختلفة التي تدعو إلى ذكر أشرف الخلق والمرسلين، كان "محمود" ذو السبعة عشر ربيعًا، يدق الطبول خلق المنشدين، ثم يندمج معهم بعذوبة صوته لينادي من خلف مكبر الصوت بالدعوة إلى الصلاة على رسول الله.

وبالرغم من صغر سنه، إلا أن محمود، يحرص على المشاركة في هذه المسيرات التابعة للصوفية منذ نحو أربعة أعوام، فيقطع المسافة من مسقط رأسه بمحافظة الإسكندرية إلى القاهرة مع حلول شهر المولد النبوي الشريف، لينشد ويهلل بالتكبيرات في احتفالات الحسين.

 

اعتاد المنشد الصغير على الأمر منذ نعومة أظافره، حيث تلقى الدروس والتعاليم الكافية التي تؤهله إلى الاحتفال، منذ أن بلغ الثامنة من العمر في مسجد النبي دانيال بعروس البحر الأبيض المتوسط.

 

يزداد محمود، بهجة حينما تحل الليلة الأخيرة من احتفالات المولد، فيتزين بالجلباب الأبيض ويتوج رأسه بقبعته برتقالية اللون -تلك التي تميز جماعته عن غيرها من بقية المسيرات- فيقرع الطبول ليجتمع حوله المارة فيرددون من خلفه التواشيح الدينية في حب رسول الله.

 


لم يكن محمود هو الأصغر في تلك الليلة المباركة، فعلى بعد خطوات من مسيرته، كان ياسين ذو العشرة أعوام، يشارك مع جماعته القادمة من أسوان إلى الحسين، ليحتفل بذكرى مولد سيد البشرية.

 

فاعتاد الطفل منذ نحو عامين أن ينضم إلى هذه الاحتفالات، التي دائمًا ما يحرص أبناء بلدته عليها.

 

فقبل ليلة الاحتفال المرتقبة، يستيقظ "ياسين" منذ بزوغ الفجر، فيرتدي حلته المميزة لهذا اليوم والتي تتألف من جلباب أبيض وقبعة بيضاء تغطي رأسه، ثم يلف وشاحًا حول رقبته بنفس اللون يتزين بخيوط تنسج اسم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

 

يرتاد ياسين، القطار برفقة والده، وبمجرد أن يصل إلى القاهرة، يبدأ في الاستعداد إلى مسيرة المولد النبوي بالحسين وحفظ الشعارات المعتادة ليرددها بحماس.


وما أن تصل المسيرة إلى ساحة مسجد الحسين، يدق قلب الطفل ذو العشرة أعوام حماسًا، ففطرته البريئة خلقت لديه اعتقادًا بأن سيدنا الحسين يجلس داخل المسجد ليشاهد مسيرة الاحتفال النبوي التي يشارك بها.

 

وبجوار ياسين، كان محمد يترقب هول المنظر بفضول شديد، فهذه المرة الأولى التي يشارك فيها الطفل ذو التسعة أعوام بمسيرة احتفالات المولد النبوي الشريف.

 

حرص والد محمد، على أن يصطحبه معه هذه المرة ليعتاد المشاركة في هذه المناسبة الروحانية بعدما ألح عليه الصغير، ليزداد قلبه تعلقًا بذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويرى أمامه ما تعلمه عن هذه الاحتفالات.

 

فيحاول الصغير أن يقلد حركات والده بتلقائية ويتساءل عن معانيها في فضول، لتطبيق ما تعلمه في دروسه بالمركز الديني الذي التحق به مؤخرًا حول أهمية الاحتفال بمولد رسول الله.

 

وفي زاوية بعيدة عن تلك المسيرات المتتابعة، كان الأصدقاء "محمد" و"عمر" و"أحمد" و"مازن" قد اعتادوا الانضمام إلى احتفالات المولد النبوي الشريف كل عام.

 

فالأطفال ذو الإحدى عشر عامًا، من أبناء منطقة الحسين، يحرصون على انتظار هذه المناسبة بين العام والآخر لتصبح عيدهم الذي يجدون فيه متنفسهم لتناول حلوى الأرز بالحليب، والتقاط الصور بالأعلام والشعارات المنادية بذكر سيد الخلق.