تقرير: قطر تمول الجماعات المتطرفة في بريطانيا

عربي ودولي

أمير قطر
أمير قطر


كشف تقرير لموقع "يوروبيان آي أون راديكاليزيشن" مدى التغلغل الذي بلغه النظام القطري في بريطانيا، وكيف يقوم بتمويل الجماعات المتطرفة، موضحا أن بريطانيا ترتكب خطأ كبيراً بعدم مراقبة الأموال القطرية، وأن هناك العديد من التساؤلات حول التمويل القطري للمنظمات الخيرية التي ترتبط بالمتطرفين.

 

وذكر التقرير أن التمويل الأجنبي للجماعات ذات الأفكار المتطرفة من أكثر المشكلات إثارة للجدل والحساسية والغموض في إطار جهود مكافحة التطرف، مضيفا أن الأموال التي تذهب للإرهابيين ليست القضية هنا، فقد تم تعقبها في جميع أنحاء العالم منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، لكن خارج هذا النطاق المستهدف، تم تمويل بعض المراكز والأنشطة الدينية المثيرة للانقسامات في أوروبا من قبل مانحين أجانب، بشكل قانوني كلياً، وبقليل من العوائق.

 

وتابع التقرير أن الشفافية تعتبر مشكلة أخرى تواجه تمويل الجماعات المتطرفة، حيث إنه في بعض الحالات، لا يتم الكشف حتى عن التبرعات، وبالإضافة إلى ذلك، قد يحمي المستفيدون من هذه الأموال، الأنشطة المتطرفة من خلال وجه عام مبتسم بأموال تغدق على سياسيين ومسؤولين في الشرطة.

 

وسلط التقرير الضوء بالتفصيل على الدور الذي تقوم به قطر وأموالها في بريطانيا، منتقداً عدم رغبة الحكومة البريطانية في كشف تفاصيل التمويل الأجنبي للمتطرفين في المملكة المتحدة. وأضاف أن الحكومة أجرت مراجعة رسمية، لكن ليس لديها الكثير لتقوله للجمهور، وكان هناك بيان قصير أمام البرلمان عام 2017 أقل من 600 كلمة حول هذا الموضوع المعقد.

 

وجاء في البيان: "بالنسبة لعدد صغير من المنظمات التي تثير مخاوف من انتشار الأفكار المتطرفة داخل المجتمع، يعد التمويل الخارجي مصدراً مهماً للدخل. ومع ذلك، وبالنسبة للغالبية العظمى من الجماعات المتطرفة، لا يمثل التمويل الخارجي مصدراً مهماً".

 

وأضاف: "سمح الدعم الخارجي للأفراد بالدراسة في المؤسسات التي تدرس أنماطاً متطرفة من الدين، وتوفر خطباء محافظين، ويحملون أفكاراً مثيرة للقلق اجتماعياً داخل المجتمع، ومنذ ذلك الحين، أصبح بعض هؤلاء الأفراد يثيرون القلق داخل بريطانيا".

 

وتابع: "وبالتالي تم اتخاذ بعض الإجراءات، شملت قيام لجنة الجمعيات الخيرية البريطانية بإدخال شرط على هذه المؤسسات لإعلان مصادر التمويل الخارجي. وظلت اللجنة تناقش هذه المسألة مع المؤسسات خلال الأشهر الأخيرة، بجانب مناقشة هذه الأمور مع الدول التي تقدم مثل هذه التمويلات".

 

ومن جانبها، سارعت أحزاب المعارضة إلى القول بأن الحكومة تتستر على الحقيقة للحفاظ على علاقاتها مع قطر. وهو ما دفع وزارة الداخلية إلى إصدار توضيح.

 

وفي مناقشة أخرى جرت داخل مجلس العموم البريطاني عام 2017، اتضح أن الحكومة لن تكشف عن مزيد من التفاصيل بشأن تقريرها عن نشاط الإخوان. وواجه وزير الخارجية سؤالاً عما إذا كان الاجتماع بين مسؤولين من وزارة الخارجية البريطانية ونظرائهم القطريين في السابع من يونيو 2017 تضمن مناقشات حول ذلك البلد الذي يوجه الدعم المالي للإخوان في المملكة المتحدة عبر الجمعيات الخيرية.

 

ورد وزير شؤون الشرق الأوسط بوزارة الخارجية أليستير بيرت قائلا، إن المملكة المتحدة وقطر يتمتعان بعلاقة ثنائية وثيقة تسمح بمناقشة مجموعة من القضايا، لكن لم تكن هناك مناقشات حديثة بين مسؤولين من وزارة الخارجية مع نظرائهم من قطر حول هذا الموضوع.

 

وذكر تقرير "يوروبيان آي أون راديكاليزيشن" أنه بالنظر إلى حالة قطر، لدى المملكة المتحدة، بالتأكيد هناك أسباب عملية جيدة للحفاظ على العلاقات الودية، مشيراً إلى استثمار النظام القطري 35 مليار جنيه استرليني في المملكة المتحدة عام 2017، وتعهده بمبلغ 5 مليارات جنيه استرليني أخرى في السنوات القادمة، في مواجهة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

 

ويقال حاليا أن قطر تملك المزيد من العقارات في لندن أكثر من الملكة، وتشمل مقتنياتها مبنى "ذي شارد"، وهو أطول ناطحة سحاب في أوروبا، ومباني المقر المالي في منطقة "كناري وارف"، وفندق "كلاريدج"، ومتجر هارودز الشهير، ومبنى السفارة الأمريكية السابقة في منطقة مايفير وسط لندن، والتي يتم تحويلها إلى فندق فخم. وفيما يتعلق بالتصدير، أعلنت الحكومة صفقة بقيمة 5 مليارات جنيه استرليني مع قطر لبيع 24 طائرة مقاتلة تايفون. كما تستورد المملكة المتحدة كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال.

 

ويمكن تحديد التمويل القطري للمجموعات المتطرفة في المملكة المتحدة بكل سهولة، ويمكن البدء في هذا الإطار بـ "صندوق نكتار"، وهو مؤسسة خيرية بريطانية مسجلة تدعمها مؤسسة قطر الخيرية. تأسست عام 2012 وكانت تسمى في الأصل مؤسسة قطر الخيرية المملكة المتحدة. وتم تغيير اسمها إلى صندوق نكتار عام 2017.

 

وحصل صندوق نكتار على 27.8 مليون جنيه إسترليني من مؤسسة قطر الخيرية في السنة المالية المنتهية في مارس 2017 ، أي أكثر من خمسة أضعاف التمويل البالغ 5.1 مليون جنيه استرليني في عام 2016. وقد أنفقت المؤسسة الخيرية البريطانية فقط 11.6 مليون جنيه إسترليني من تمويلها في عام 2017.

 

وتقول المؤسسة الخيرية أنها تمول "مراكز مجتمعية متعددة الأغراض" توفر خدمات تعليمية واجتماعية وثقافية ورياضية ومطاعم ومكاتب. وتشمل الأهداف المعلنة لهذه المشاريع تطوير المجتمع، والتكامل الإيجابي، ودعم برامج الحوار بين الأديان.

 

ويقدم هذا الصندوق الدعم لمراكز في شيفيلد في المملكة المتحدة وستراسبورج ومولهاوس في فرنسا وميلان في إيطاليا وهامبورج وميونيخ في ألمانيا ونورشكوبينج في السويد.

 

وبجانب صندوق نكتار، توجد مؤسسة أخرى يمولها القطريون هي "صندوق إيمان" وهي مؤسسة خيرية مسجلة في المملكة المتحدة، وشريك مركز مشروع "صندوق نكتار" في شيفيلد. ويوجه الصندوق الشكر والامتنان للدعم القطري على موقعه الإلكتروني، وفقا لتقرير الموقع.

 

وكشفت صحيفة "التليجراف" أن الصندوق يضم بين أمنائه خالد المذكور، الذي يعتبر أحد الداعمين البارزين لجماعة الإخوان. وبجانب المذكور، يوجد أحمد الراوي وهو عضو مجلس أمناء الصندوق، وكان رئيساً لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، والجمعية الإسلامية لبريطانيا، وكلاهما يعتبران قريبين من الإخوان.

 

وتضم قائمة الدعم القطري للمؤسسات والمركز المشبوهة، مركز غرب لندن الثقافي الإسلامي، والمعروف سابقا باسم "المنتدى"، وهو مسجد سلفي كبير يقدم أنشطة تعليمية وشبابية، بينما له سجل طويل من استضافة دعاة الكراهية المعروفين.

 

وفي عام 2017، رفع المسجد شكوى إلى "منظمة معايير الصحافة المستقلة" حول تقرير صحفي وصفه بأنه ينشر أفكاراً متشددة، وقال إنه مرتبط بالمساجد المشتبه بنشرها للأفكار المتشددة بين الشباب، وزعم أنها مدعومة بأموال قطرية. ورفضت منظمة معايير الصحافة المستقلة الشكوى.

 

وأشار التقرير إلى منظمتين أخريين تدعمهما قطر، ألا وهما منظمتا "كيدج" و"ميند" ، وهما من أكثر الجماعات سيئة السمعة في المملكة المتحدة.

 

وصفت منظمة "كيدج"  سفاح تنظيم داعش محمد إموازي بأنه "شاب جميل" عندما كانوا يعملون معه في لندن قبل مغادرته إلى سوريا. كما كرست عملها لإحباط جهود مكافحة الإرهاب والمتطرفين من قبل الشرطة وأجهزة الأمن والحكومة.

 

أما منظمة "ميند"، فهي مجموعة للتحريض والإثارة السياسية لها صلات متعددة بالمتطرفين، وربّما تُظهر شخصيتها بشكل أفضل من خلال هجماتها الشرسة على المسلمين الليبراليين.

 

وخلص تقرير الموقع أنه لا يوجد صداقة في العلاقات الدولية، يوجد فقط المصالح. وأن الدبلوماسيون والوزراء الباحثون عن أخبار جيدة لبريطانيا في ظل عاصفة البريكست التي تتعرض لها يرون أن قطر في وضع قد يستفيدون منه، رغم أن البعض في البلاد يرى الأنشطة القطرية موضع تساؤل.

 

ويود البعض في أوروبا حظر التمويل الخارجي للمؤسسات الدينية، ولكن بالنظر إلى السياق الأوسع والتقاليد القوية في المملكة المتحدة حول الحرية الدينية، يبدو هذا غير مرجح في بريطانيا..