إيران تواصل التغلغل في أفريقيا

عربي ودولي

حسن روحاني
حسن روحاني


لم يبق النظام الإيراني على منطقة في العالم إلا مد لها أذرع الشر، ولا وسيلة إلا استخدمها للفكاك من العزلة الدولية التي فرضت عليه بسبب سياساته العدائية والتوسعية تجاه محيطه، فيسعى دائما للبحث عن تحالفات وتموقعات بديلة، ومن بينها القارة الأفريقية، وفقا للعين الإخبارية.

 

فالنظام الإيراني، الذي يستخدم "التقية" كعقيدة سياسية يظهر بها خلاف ما يخفي، سعى لفك عزلته بالتمدد في مناطق نائية في أفريقيا، تسمح له بالمناورة في مواجهة القوى الدولية الكبرى المناوئة لبرنامجه النووي العسكري، وكسب نقاط تتيح له بعض التأييد لمواقفه على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية عليه بسبب ملفه النووي وبرنامجه الصاروخي.

 

المساعدات.. ستار إيران للتغلغل بالقارة السمراء

وتحت ستار المساعدات الإنسانية، عمل النظام الإيراني على التغلغل في مناطق بعينها في أفريقيا؛ لدرايته بأحوال الفقر والأزمات التي تغرق فيها تلك المناطق، متخذا منها بؤرا لتحقيق أهدافه وطموحاته النووية ونشر الطائفية، من خلال أفراد لا يكاد يشغلهم إلا توفير أسس الحياة البسيطة.

 

ودعما لطموحات إيران النووية، تحاول طهران بكل ما أوتيت من قوة استثمار الخلافات التي تعيش على إيقاعها الكثير من دول القارة عبر سبل ناعمة أو ملتبسة، في سبيل تحصيل حاجاتها المتزايدة من اليورانيوم الذي يتوافر بكمية هائلة داخل تراب القارة.

 

واستغلالا للأوضاع الاقتصادية ببعض مناطق القارة، عملت طهران على زرع فروع اقتصادية والتوسع في الاستثمار بالقارة حتى يمكنها ابتزاز حكومات هذه الدول عند الحاجة لذلك، واستنزاف ثروات هذه البلاد، ما أتاح لها التمدد في عدد كبير من الأقطار، وفتح أكثر من 30 سفارة على امتداد أفريقيا.

 

فالرئيس السابق أحمدي نجاد، والذي لم تتعدَّ فترة حكمه كرئيس لإيران 8 سنوات، طاف على الدول الأفريقية في 5 جولات مطوَّلة، ليفتح باب التعاون على مصراعيه أمام إيران مع هذه الدول، في المجالات كافة، السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، في ظل فقر مدقع عانت منه المنطقة الأفريقية.

 

وعلاوة على المدخلين الإنساني والاقتصادي، توظّف إيران في توغّلها داخل العمق الأفريقي الجانب الطائفي لبسط هيمنتها، وتعزيز تواجدها، وخدمة أجنداتها المختلفة، مستغلّة في ذلك طبيعة المجتمعات الأفريقية الميالة نحو التسامح والتعدّد والانفتاح.

 

ويصر النظام الإيراني على هذه السياسات المنحرفة التي زجت بعدد من دول المنطقة في متاهات من الصراع، والطائفية، والعنف، وهو ما تعكسه التجارب القاتمة في كل من العراق وسوريا واليمن.

 

 

ورغم تمكن إيران من التغلغل في العمق الأفريقي، فإن تدخلاتها المنحرفة التي كادت في كثير من الأحيان أن تزج بأمن واستقرار عدد من الدول، كما هو الشأن في نيجريا والسودان والصومال، جعلت الكثير من دول القارة تلفظ الوجود الإيراني بعد أن وعت لأجنداتها ونواياها المبيتة.

 

فعلى الصعيد السياسي قطعت كل من جامبيا والسنغال ونيجيريا، علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، لضبطها شحنات أسلحة مكدسة قادمة من طهران، يضاف إلى ذلك قطع العلاقات من جانب الصومال وجزر القمر وجيبوتي والسودان والمغرب مع إيران، استنكاراً لتدخلات طهران في الشؤون الداخلية للدول العربية، كما تم قبل ذلك اعتقال عدد من الدبلوماسيين الإيرانيين حاولوا التجسس وجمع المعلومات للتخطيط لأعمال إرهابية في العمق الأفريقي.

 

وتقف الجهود التي تباشرها بعض الدول العربية كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، حائط صد أمام هذه الطموحات الإيرانية التي تسعى لاستغلال موارد القارة لتحقيق مآربها لا لخدمة سكانها.

 

وتعمل السعودية والإمارات على تعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع دول القارّة الأفريقية في إطار من الندّية واحترام السيادة، وتبادل المصالح وتوجيه المساعدات الإنسانية وإحداث المراكز الإسلامية والثقافية، التي أصبحت تضيّق هامش التحرك الإيراني، وتقلل من فرص مناوراته في هذا الصدد.