في ذكرى رحيله.. كيف كانت علاقة محمد حسنين هيكل بالرؤساء؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


نظرته التقدمية لجميع الأشياء، جعلته  أن يكون رأيه في المقدمة لقيادة السياسية في مصر عقب ثورة يوليو، ما جعله شاهدًا رائسيا على أهم المراحل التي شاهدتها مصر، إنه الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم.

 

عمله كصحفي في خضم الحروب جعلته يكتسب حنكة سياسية كبيرة؛ مكنته من الإقتراب من الرؤساء والقيادات السياسية، وتزامنا مع ذكرى رحيله، ترصد "الفجر" علاقة الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، بالرؤساء الذين تولوا سدة الحكم في مصر على مدار حقب مختلفة.

 

"هيكل" والملك

 

بدأ هيكل عمله في الصحافة في عام 1942 عندما كان فاروق ملكا، وخلال تلك الفترة كانت كل كتابات هيكل عن الملك تصب في خانة التفخيم له والإشادة بإنجازاته ونسبة كل نجاح له.

 

كتب هيكل عن فاروق في مجلة روز اليوسف في فبراير سنة 1944 أثناء انتشار مرض الكوليرا تحت عنوان "إنه الفاروق..الملك في الصعيد يزور مناطق المرض بنفسه ليشرف على ما يجري وليواسي شعبه... هذا هو النبأ العظيم الذي لم يدهش له أحد ولم يعجب له أحد ولكن الناس جميعا أضاءت عيونهم بنور الأمل والثقة وتقابلت أنظارهم فتبسموا ابتسامة حب وحنان إنه الفاروق إنه الفاروق دائما".

 

ورغم كتابات هيكل الممجدة للملك إلا أن الملك لم يعره أي اهتمام أو يلفت نظره ما يكتبه هيكل عنه ربما لأنه في تلك الأثناء كان هناك كتاب كبار يقرأ لهم الملك ويهتم بكتاباتهم مثل إحسان عبد القدوس ومحمد التابعي وأحمد أبو الفتح.

 

 

جمال عبدالناصر

 

قال هيكل إنه رأى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للمرة الأولى في صيف 1948 خلال حرب فلسطين، ويومها لم يكن هناك صحفيون مع الجيش المصري الذي ذهب إلى فلسطين لأن وزير الحربية في ذلك الوقت الفريق محمد حيدر باشا قرر ألا يرافق الصحفيون القوات المصرية الذاهبة إلى الحرب، ويكتفوا بالحصول وهم في القاهرة على البيانات التي تصدرها القيادة من إدارة الشئون المعنوية فى الجيش، لكن هيكل انتقل إلى عمان الطائرة وركب سيارة من عمان إلى القدس، ومن القدس إلى بيت لحم ومنها إلى الخليل مع القوات التى كان يقودها البطل أحمد عبدالعزيز وكانت قوات شبه نظامية، كان قائد المدفعية في هذه القوات هو كمال الدين حسين، وذات يوم من يونية 1948.

 

 كان هيكل متوجها من القدس إلى المجدل بسيارة جيب تابعة لقوات أحمد عبد العزيز توقفت السيارة قرب (عراق سويدان) بسبب معركة كانت دائرة، فنزل من السيارة وسار مشياً نحو (عراق المنشية) وعرف أن الكتيبة السادسة التابعة للقوات المصرية انتصرت بفضل قائدها الذى تمكن من صد هجوم يهودي مباشر كان يستهدف السيطرة على (عراق المنشية) و(عراق سويدان)، وقال له الضباط والجنود الذين كانوا فى غاية السعادة إن الذى قاد العملية هو الصاغ جمال عبـد الناصـر أركان حرب الكتيبة السادسة.

 

وذهب هيكل ليرى هذا القائد، فوجد أمامه شاباً طويل القامة، افترش بطانية، وآثار التعب بادية على وجهه، وكان يستعد للنوم.. واستمرت جلستهما ثلث ساعة ولم يخرج هيكل بنتيجة تفيده كصحفى، لأن (الصاغ) رفض أن يتحدث، ليس لأنه كان مرهقاً ولم ينم منذ خمسة أيام، ولكن لأنه كان غاضباً مما تنشره الصحافة المصرية وطريقة معالجتها لحرب فلسطين.

 

وشاءت المصادفة أن يلتقى هيكل بجمال عبد الناصر عند عودته إلى المنطقة مرة ثانية، ثم اجتمع معه بعد الهدنة الأولى ، وفى هذا اللقاء لاحظ أن عبد الناصر كان مهتماً بالتحقيقات التي نشرها هيكل عن الدورة الخاصة التي عقدها مجلس الأمن لمناقشة القضية الفلسطينية ووقف اطلاق النار.. وانتهت اللقاءات التي فرضتها ظروف الحرب.

 

 

 

 

 

محمد أنور السادات

 

حول علاقته مع السادات كتب هيكل:"كانت علاقتي بالسادات تختلف كثيرا عن علاقتي مع عبد الناصر لقد كنت طرفا في حوار مع عبد الناصر ولكن السادات الذي بدأ مرحبا بالحوار.. قد انتهى بأن لم يعد طرفا في الحوار مع أحد لا معي ولا مع غيري.. وربما كان يشعر بالفارق بين علاقتي به وعلاقتي بعبد الناصر، وربما كان إحساسه بأنني لعبت دورا في توليه السلطة لم يكن يعطيه سعادة.. فالإنسان عادة لا يسعد بأن يكون مدينا لأحد".

 

حسني مبارك

 

بدأت العلاقة بين "هيكل" والرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عادية، وكان من المؤيدين له في بدايته ودعا كل المواطنين لمساندته لينجح في أداء مهمته، لكن مبارك كان يعلم أن هيكل لا يكن حبا له بسبب قربه من السادات واختيار السادات له نائبا فضلا عن أن مبارك اختار أن يبحث عن رجال جدد له وليسوا محسوبين على الأنظمة السابقة، وهو ما يعني أن هيكل لن يكون صحافيا مقربا للنظام الجديد أو له دور استشاري كما كان يرغب مما اضطره أن يبتعد رويدا رويدا وينسحب من الحياة السياسية في عهد مبارك حتى عام 1994.

 

في تلك الأثناء كان هناك حوار دائر حول مؤتمر مزمع عقده بالقاهرة عن حقوق "الأقليات في الوطن العربي والشرق الأوسط "، ومن بينهم أقباط مصر، وهنا كتب هيكل مقالا نشرته إحدى الصحف المصرية أثار غضب السلطات المصرية ومبارك شخصيا وبعدها بأعوام قليلة كتب هيكل مقالا هاجم فيه مبارك بطريقة غير مباشرة وطالب برحيله عن الحكم ووصفه بـ "سلطة شاخت" في مواقعها، وانتهى وانتهى به المطاف للهجوم على مبارك في كتابه "مبارك.. من المنصة إلى الميدان".

 

 

محمد مرسي

 

خلال حكم المعزول محمد مرسي ظهر هيكل في حلقات أسبوعية بعنوان "مصر أين" من خلال فضائية الـ"سي بي سي"، وظل خلال تلك الحلقات ينتقد كافة ممارسات نظام مبارك ويدعو للنظام الجديد بقيادة الإخوان، وكان الرئيس المعزول "محمد مرسي" يستدعيه للقصر للحصول على مشورته ومساندته ومساندة جماعته، قرب من جديد للسلطة

 

وقال آنذاك: "إنني واحد من الناس الذين طلبوا وما زالوا يطلبون فرصة حكم للتيار الديني، يجرب فيها مسئوليات الدولة، لكن التصرفات حتى الآن تدعو للقلق، والقضية أن الإخوان إذا كسبوا فهي معضلة تواجه البلد، وإذا خسروا فهي معضلة أخرى تواجه البلد أيضا".

 

واعتقد هيكل، أن النجاح لن يكون حليفًا للإخوان، ومع ذلك كان يؤمن بضرورة منح مرسي والحركة الإسلامية التي يمثلها الفرصة، وبحسب قوله آنذاك لـ"صنداي تايمز" البريطانية: "لقد ظلوا في مسرح الأحداث ردحا طويلا من الزمن، وهم يشكلون تيارا يظن البعض أن فيه الخلاص"، وما أن عبر هيكل عن رأيه تجاه مرسي بدأت سهام الجماعة في طعنه وبدأت جولة أخرى من معارك هيكل مع الرؤساء.

 

 عبد الفتاح السيسي 

 

وبدأت العلاقة بين الصحفي والرئيس عبد الفتاح السيسي في مارس ٢٠١٠ عندما تولى السيسي رئاسة المخابرات الحربية، فقد تحدث عنه هيكل وأشاد بكفاءته وقدراته، وبعد ثورة 30 يونيو 2013 وقال هيكل إن المعلومات التي وصلته عن السيسي مباشرة، وينتظره مستقبل كبير، ويرى فيه ناصر آخر في مصر بل يراه أكثر الأشخاص المؤمنين بأفكار عبد الناصر.