خالد غريب يكتب: المرأة عند القدماء المصريين

ركن القراء

خالد غريب
خالد غريب


في عام 1856 خرجت مجموعة من السيدات في مدينة نيويورك للمطالبة بتصحيح أوضاع النساء في المجتمع، وتكررت هذه المحاولة في الثامن من مارس عام 1908 في نفس المدينة وحملت النساء يومها الخبز والورود، وكان هذا الاحتجاج هو ما دفع الساسة الأمريكيين للتفكير في إعطاء المرأة مجموعة من الحقوق.

لم تتبنى منظمة الأمم المتحدة هذا الأمر إلا عام 1977م، واُعتبر هذا اليوم يومًا عالميًا للمرأة وتمنح السيدات أجازة عن العمل في بعض البلدان في هذا اليوم.

والغريب أن يفكر العالم في منح المرأة حقوق نسبية في نهاية القرن التاسع عشر، بينما قدرتها حضارة مصر القديمة منذ أكثر من خمسة آلاف عام.

والمرأة في مصر القديمة كانت سنت "أخت" نبت بر "ست الدار" حمة "أي حرمة وهذا ليس تقليلا فحمة البيت حرمته"، وهي نبت "السيدة" ومن بداية تمثيل النحت كان المصري حريصًا علي أن يجعل المرأة هي نموذج الأمومة الجميل، وهي موت أي الأم وهي الجمال في حتحور وهي الإخلاص والوفاء المتكرس في ايزيس 
كما كانت المرأة أحد رموز التعلم والثقافة فقد حرص المصري أن تكون رمز الثقافة أنثى هي "سشات" أي الكاتبة وكذا المعبودة إيزيس التي تذكر نصوص كهنوتها أنها تقول أرشدني أبي إلى سبل المعرفة، بل ينسب البعض أن إيزيس هي من اخترعت الخط الديموطيقي، وكانت رسائل الملكات تكتبها النساء في أغلب الأحوال، وكانت النساء أحيانا  تمد المكتبات بالمزيد من الكتب التي تنفع الناس مثلما كان في معبد دندرة من عصر الأسرة الحادية عشرة الفرعونية حيث تخبرنا النصوص بأن سيدة ثرية كانت تمد المكتبة بالكتب وخلفتها في الأمر ابنتها. 

الحق والعدل في مصر القديمة كان امرأة وهي "ماعت"، وهي رمزية للفضيلة والضمير وبها يستقر العالم. 
المرأة منحها المصري في الأسرة الثالثة "2700 قبل الميلاد تقريبًا" حق توريث أبنائها، ويذكر الموظف الشهير "متن" أنه كان مقربًا من أمه وأنها أعطته ميراثًا من أملاكها يختلف عن إخوته لحبها له.

المرأة لعبت دورا في استقرار الحكم، فكان الملك الذي لايحمل الدم الملكي يتزوج من أخته لتنقل له الدم احترامًا لها ولمكانتها، وكانت المرأة تعين وصية علي ابنها حتى ينتقل إليه الحكم ويشب عن الطوق، وحين احتاجت مصر للاستقرار والتوحد أمام الهكسوس كانت المرأة هي صاحبة المبادرة في هذا الأمر حتى أن الملك أحمس الأول حين بدأ عصر الأسرة الثامنة عشرة مجد جدته تتي شري وقال عن أمه العظيمة اياح حوتب أنها العالمة سيدة الحاونبو (جزر بحر ايجة) وتمتعت حتشبسوت بشخصية قيادية رائعة مكنتها من حكم مصر وازدهار اقتصادها لمدة اثنين وعشرين عاما، وكانت الملكة تي زوجة أمنحتب الثالث وأم اخناتون تتلقي رسائل الاحترام من حكام الشرق الأدنى القديم غي حياة زوجها، ولعبت زوجة ابنها نفرتيتي دورا عظيما في استقرار البلاد، وتمتعت نفرتاري (حلاوتهم) بمكانة عظيمة لدي زوجها رمسيس الثاني جعلته يخلدها في المعبد الصغير بأبو سمبل 
منح القانون المصري كذلك للمرأة حقوقا في الزواج فكان لها حق المهر وحق القائمة التي نعرفها حتى الآن، كما أعطاها المصري حق تطليق نفسها أن كرهت زوجها أو أساء معاشرتها مع الحفاظ علي كافة حقوقها، وضمن لها المشرع كذلك أن تحدد باروكات الشعر وأنواع الزيوت العطرية التي تحتاجها لتكتب في عقد الزواج. 

ولا غرو أن نذكر أيضا أن بعض النساء كن يتآمرن علي أزواجهم الملوك من اجل نقل العرش لأولادهم وهو ماقوبل بحزم وقوة ولم يقلل من الاحترام والتقدير للمرأة وعظمتها.

هذه أمثلة نقدمها للعالم المتحضر ليعلم انه قبل 1856 كانت هناك حضارة عظيمة أعطت للمرأة مكانة عظيمة، بينما كانت هناك أمم تسعي للبحث عن مكان في كهوف ماقبل التاريخ.

تحية للمرأة وتحية لمصر العظيمة التي تعطي كل يوم دروسا للعالم وكل عام ونساء العالم بخير.