القانون لا يحمي الأمهات.. "مطلقات" يناضلن بالمحاكم لإجبار الآباء على رؤية أبنائهم

أخبار مصر

أرشيفية
أرشيفية


 

محامٍ: القانون ينصف "الآباء المستهترين".. ورؤية الأبناء تتم بـ"التراضي"


 

صاحبة دعوى بإلزام طليقها رؤية أبنائه: "مش هسكت"


 

مطلقة: بسبب اختفاء الأب يطلقون على ابني اسم "ابن شيماء".. وأخرى: الطلاق من الزوجة والأبناء  


 

تضحيات الأم وقيامها بدورها تجاه أبنائها لا تتوقف عند حد معين، وفي عيد الأم نسلط الضوء على نضال من نوع فريد لأمهات قادهن حظهن العاثر؛ ليصبحن مطلقات يقمن بدور الأب والأم معًا، ويناضلن في ساحات المحاكم لدفع الآباء لرؤية أطفالهم ليعيشوا حياة سوية بعد انفصال الطرفين.


 

وكانت "شيرين محفوظ" أول من ثار على فكر الرجال لتفضحه، بعد أن أقامت أول دعوى قضائية من زوجة ضد طليقها لرؤية أبنائه، والتي قالت فيها حسبما نشر آنذاك إنها طالبت طليقها مرارا وتكرارا بالطرق الودية بالإنفاق على صغارها ورؤيتهم إلا أنه امتنع عن الإنفاق عليهم وكذلك امتنع عن رؤيتهم، ورفضت القضية التي ألقت من خلالها المدعية الصرخة الأولى التي فضحت جحود الآباء ضد أبنائهم بحجة أن القانون لم ينظم حق رؤية الابن للأب.


 

ثاني دعوى قضائية لإجبار أب على رؤية أبنائه


 

المحاولة الثانية لـ"نهى مجدي"، التي لم تستسلم للسابقة الأولى بعد رفض القضية، لتؤكد أنها لن تتنازل عن حقها وستعيد المحاولة إذا ما رفض القضاء قضيتها.


 

"نهى" أم لطفلتين أعمارهن ثمانية وعشرة سنوات، والتي قامت برفع دعوى قضائية؛ لإجبار طليقها على رؤية بناته، وذلك بعد أن أنهت صراع الحصول على نفقة عقب صدور حكمًا قضائيًا يجبره بدفع مبلغ ثلاث آلاف جنيه.


 

أوضحت أنها قامت بعمل توكيل إلى أحد المحامين للقيام برفع قضية ضد طليقها، ليبدأ إجراءاته، ولافتة إلى أنها قبل اتخاذ تلك الخطوة نوهت طليقها حتى يتراجع عن موقفه ويحاول التقرب إلى ابنتيه ولكنه لم يتخذ أي رد فعل ما شجعها على الإقدام نحو اتخاذ القرار.


 

لم ير طليق "نهى" ابنتيه منذ عام ونصف، وذلك في الوقت الذي يسكن فيه بذات منطقة سكنهم، فلم يلتق بهم سوى صدفًة، ما جعل الأم تقوم بعدة محاولات معه من بينها إقناعه بأن تقول لابنتيها أنه مسافر بالخارج ولم يأتي لهم سوى في الإجازات، حتى يلتقي بهم كل فترة، وكان رده عليها: "إن شاء الله ربنا يسهل"، مؤكدة أن جميع مواقفه تدل على أنه لم يرغب في أن يشعر بأي مسؤولية تجاه الطفلتين.


 

وتابعت: "قضيتي تاني قضية من نوعها ولو اترفضت مش هسكت.. أروح لمين علشان ولادي يحسوا إن ليهم أب بعد ما لجأت للقانون وخذلني أنا محتاجة إن يكون في كبير لأولادي"، معبرة عن تفائلها الشديد أن يتم قبول القضية وأن تكون خطوة لرفع كثير من الأمهات قضايا من هذا النوع حتى لا يحرم أبنائهم من آبائهم.


 

عامين من تنفيذ حكم الرؤية.. والأب يمتنع 


 

"ابني ميعرفش شكل أبوه ايه لأنه مش بيسأل عنه ولا بيبعت ليه مليم"، هكذا عبرت هاجر عماره- ربة منزل، عن معاناتها مع جحود طليقها، الذي تركها أثناء حملها بالشهر الثاني في طفلها الذي أصبح عمره الآن عامين ونصف، والذي لم يرى والده منذ أن وضعته.


 

وأضافت "هاجر" أن زوجها بعد إنجابها قام برفع قضية رؤية تلزمها أن تحضر له طفلها ليتمكن من رؤيته، وهو ما حكمت به المحكمة لتمكنه من ذلك، لكن حدث ما لم يمكن توقعه، لافتة إلى أن والدتها ووالدها ظلا يذهبان بالطفل إلى المكان المتفق عليه والموعد المحدد أسبوعيًا لمدة عامين لكن الأب لم يذهب لرؤيته، قائلة: "دا دليل على إنهم بيرفعوا قضايا علشان شكلهم أودام الناس وإنه أب مش جاحد". 

واستكملت بأن تلك المعاملة التي تصفها بـ"الجحود" لم تكن في ذلك الموقف فقط، لكن أيضًا قامت برفع قضية نفقة ضد طليقها والتي حكم لها فيها بمبلغ مائتان وخمسون جنيهًا، وقام بدفعه لمدة شهر فقط، مشيرة إلى أنه تقدم بمعارضة على ذلك المبلغ ليقلله عن ذلك، في ظل أنه يعمل رئيس قسم في إحدى الشركات الكبرى ويحصل على راتب شهري عالٍ.


 

واختتمت: "بسبب الجحود والقوانين اللي مش بتدي ولادنا حقوقهم ابني هيكبر جواه إحباط وخوف؛ لأن ملهوش ظهر في الدنيا.. وإحساس بالعار منه لأنه راميه وإحساس بالدونية وإن الناس بتشفق عليه".


 

الطلاق لم يكن من الزوجة فقط 


 

منى عبدالله، حصلت على حكم بالطلاق من زوجها منذ ثمانية أعوام، ومنذ ذلك الوقت تعيش وسط أهلها ونجلها ذو الحادية عشر عامًا، والذي لم يحاول لمرة واحدة طلب رؤيته طوال هذه المدة، مؤكدة: "من لم يظهر أقل اهتمام بابنه لا يستحق أن يُطلق عليه لقب أب".


 

وأضافت "منى"، أنها دفعت ابنها للذهاب إلى والده لمرة واحدة حتى يتقرب منه ويشعر أن له سند بالحياة، وكان رد فعله بأنه عامله معاملة فاترة وقام بإرجاعه لها في اليوم التالي، مؤكدة أنه ليس لديه أي رغبة في أن يرى ابنه، وهو ما استفزها منه وجعلها تفكر كثيرًا في إقامة دعوى قضائية ضده تجبره على رؤيته.


 

وأرجعت السبب وراء تلك المعاملة القاسية إلى زواج الأب من أخرى وإنجابه منها، ما جعله ليس في حاجة إلى ابنه منها، فهناك من يعوضه، وحول تلك المعاملة القاسية تابعت: "ابني أرسل لوالده رسالة صوتية يخبره بأنه تعرض لحادث سير.. لم يكن رده بالسؤال عن حالته وماذا قال له الطبيب، لكن رده خد بالك وأنت بتعدي الطريق، دون أن يحرك ساكنًا أو يتصل به بعدها للاطمئنان عليه".


 

واستكملت: "8 سنين مش بيبعت للولد قلم رصاص.. مش بياخد غير نفقة بنك ناصر 250 جنيه"، مشيرة إلى أن الأب مقتدر ويستطيع أن ينفق عليه أكثر من ذلك خاصة وأنه يعمل بدولة الكويت.


 

أما عن شعور ابنها تجاه والده، فأوضحت: "الحنيه لا بتتباع ولا بتتشرى ولا بتتشحت الولد نفسه رافض وجوده فى حياته ومش قابل حتى سيرته تيجي قدامه حتى مبيكتبش اسمه على كتبه وكشاكيله مسمي نفسه باسم والدي أنا لأنه بيعتبره مات"، مشددة: "الراجل اللي بيطلق مراته بيطلق ولاده معاها بيعتبرهم جم نزوة مش أكتر لا حملوا ولا تعبوا ولا ولدوا ولا ربوا".


 

محمد ابن شيماء.. لقب لطفل تركه والده قبل بلوغه عام


 

شيماء رجب، طلقها زوجها بعد عام ونصف من زواجهما، تلك الفترة التي كانت من أصعب فترات حياتها لما مرت به من إهانة نفسية وجسدية، حتى اتخذت قرارًا بالطلاق لتتنازل عن جميع مستحقاتها وتعود مرة أخرى للعيش مع والدتها. 


 

في الفترة التي تم تطليقها فيها كان عمر ابنها عام واحد، وحتى الآن لم يحاول والده مرة واحدة رؤيته ما جعلها أقدمت على خطوة رفع دعوى قضائية ضد طليقها لتجبره على رؤية ابنه، خاصة وأن سنه ثمانية سنوات ومازال صغيرًا، وقد يكون ذلك سببًا في أن يحن قلب والده تجاهه هو ما يؤثر على الحالة النفسية للطفل وإحساسه بالأمان.


 

وكشفت أن أحد المحامين أقنعها بذلك ولكن بعد فترة من الانتظار قال لها إن القانون يرفض مثل تلك القضايا لعدم الاعتراف بها، متابعة: "كل همي ابني يعرف أبوه اللي ميعرفش شكله.. أصحابه في الشارع والعيلة بيعايروه وبيندهوه باسم محمد ابن شيماء"، مشيرة إلى أن ذلك أثر عليه نفسيًا وخلق لديه عقدة.

 

القانون في صالح الأب المستهتر


 

علي صبري- محامي، يقول إن كثير من موكليه يطلبون منه رفع مثل تلك القضايا ضد أزواجهن السابقين، لكنه يرفضها لعدم وجود قانون يجبر الأب على رؤية أبنائه، موضحًا أن قضايا الرؤية غالبًا ما يرفعها الأب أو الطرف الغير حاضن.


 

وأضاف صبري لـ"الفجر"، أن القانون في صالح الأب المستهتر، مستدلًا أنه في حالة أن قام برفع قضية لرؤية ابنه لا يذهب ولم يعاقبه في حين أنه يعاقب الأم التي تمتنع عن إحضار الطفل للرؤية، مشيرًا إلى أن تلك القوانين جعلت مقولة "شوفي المحكمة هتديلك ايه"، أصبحت مثل العلكة في أفواه الأزواج والآباء الجاحدين.


 

ونوه إلى أن مثل تلك القضايا يمكن الفصل فيها من خلال التراضي بين الطرفين، خاصة وأن القانون لايمكن أن يفصل في جميع الحالات ولكنه يحل أغلبها، قائلًا: إن المسائل المتعلقة بصلة الأرحام لا يمكن أن تحكمها نصوص قانونية ويتم تركها لاتفاق البشر فيما بينهم".


 

واختتم قائلًا إن الكثير من الآباء نسوا في نزاعهم مع الأمهات قوله تعالى: "لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ ۚ"، وأقحموا أطفالهم في هذه النزاعات وكرهوهم مع طليقتهن، مشددًا على أنه في النهاية الجميع خاسر وعلينا أن نوقف هذا الجحود.