إيران تجند أفغانا للحرب في سوريا

عربي ودولي

خامنئي
خامنئي


مدفوعاً بالفقر، انضم المراهق مهدي لصفوف الأفغان الذين غادروا بلادهم على أمل الوصول إلى أوروبا والعثور على عمل، لكن انتهى به الحال لوضع مختلف تماماً، على ساحات القتال بالحرب الأهلية السورية داخل مليشيا أنشأتها إيران، وفقا للعين الإخبارية.

كان مهدي واحداً من بين عشرات آلاف الأفغان الذين جندتهم ودربتهم إيران للقتال في سوريا، وهناك ألقي داخل إحدى المعارك الأكثر دموية، محاطاً بجثامين رفاقه ورصاص الإرهابيين الذي كان قريباً منهم لدرجة جعلته يسمع صيحاتهم قبل القيام بكل تفجير.

وأنشأت إيران شبكة من المليشيات تضمنت عناصر من أفغانستان وباكستان والعراق ولبنان، والآن يثار التساؤل، ماذا ستفعل طهران بتلك القوات المدربة والمسلحة بعد انتهاء الحرب السورية؟

وينحدر مهدي وورفاقه في تلك المليشيات من مجتمعات طائفية فقيرة في أفغانستان، وهم الآن يعودون إلى وطنهم لكنهم يقابلون بالشكوك؛ حيث يعتقد المسؤولون الأمنيون الأفغان أن طهران لا تزال تنظمهم، لكن هذه المرة بصفتهم جيشاً سرياً لنشر النفوذ الإيراني وسط الصراعات الأفغانية التي لا تنتهي.

كان مهدي مرعوباً، لكنه تحدث مع وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية بشرط عدم تحديد هويته كاملة خوفاً من التعرض للانتقام، فيما أبقى وجهه مخبأ أسفل وشاح.

وأرسلت إيران مئات من عناصر الحرس الثوري الإيراني لسوريا، وأحضرت عدداً من المليشيات الحليفة لها، لكن أكثرها شهرة كانت "حزب الله" اللبناني، فيما كانت الأكبر حجمًا قوة مكونة من الأفغان – معروفة باسم (لواء فاطميون) – الذي يقدر خبراء عدد أفراده بما يصل لـ15 ألف مقاتل.

حوالي 10 آلاف جندي من اللواء عادوا إلى أفغانستان، بحسب مسؤول بارز في وزارة الداخلية الأفغانية، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته.

وتعتقد الحكومة الأفغانية وكثير من الخبراء أن إيران قد تحشد تلك العناصر السابقة مرة أخرى، خاصة إن كانت كثير من الفصائل المسلحة للبلاد تنقلب ضد بعضها البعض بعد انسحاب الولايات المتحدة وقوات الناتو؛ حيث يمكن لإيران استغلال الفوضى لنشر لوائها، بحجة أن الأقلية الطائفية تحتاج إلى مدافع عنها.

وقال بيل روجيو، محرر بموقع "لونج وار جورنال"، المتخصص في تغطية الحرب الأمريكية على الإرهاب "أتوقع أن يعيد الإيرانيون تشكيل مليشياتهم داخل أفغانستان في مرحلة ما. طهران لا تتخلى عن أصول استثمرت فيها وقتاً وثروات وخبرات".

مهدي مثله مثل كثيرين ممن انضموا للواء فاطميون كان مدفوعاً بالفقر، وليس الأيدلوجية أو الولاء لإيران. كان عمره 17 عاماً عندما غادر بلاده عام 2017؛ حيث لم يكن قادراً على تحمل نفقات الكتب الدراسية.

وذهب إلى إيران وعمل في طهران لعدة أشهر، وكان يوفر المال من أجل رحلته إلى أوروبا، لكن أغلقت الحدود الأوروبية، وعلق في العاصمة الإيرانية.

اقترح أحد أصدقائه التجنيد للحرب في سوريا والعمل لصالح إيران؛ حيث يمكنهم الحصول على ما يساوي 900 دولار شهرياً.

خضع مهدي وغيره من الأفغان لتدريب لمدة 27 يوماً قاده الحرس الثوري في قاعدة بمحافظة يزد الإيرانية، وبعدها أرسل إلى دمشق مع حوالي 1600 مجندين جدد آخرين.

مهدي يقول: "كثيرًا ما كنت أرى 7 أو 8 جثامين في الصباح"، مشيراً إلى أنه في معركة واحدة أرسل 800 أفغاني إلى الجبهة وجميعهم أصيبوا أو لقوا مصرعهم ما عدا 200.

وعاد مهدي إلى أفغانستان منذ عام، لكنه لا يزال فقيراً غير قادر على العثور على وظيفة، وتحدث بمرارة عن عدم وجود كثير من الخيارات.

وأوضح أن لواء فاطميون ما زال في سوريا، وبعض المجندين بقوا بعد انتهاء خدمتهم من أجل العمل، مضيفاً "لا أعلم ما يحمله مستقبلي.. ربما سأصبح لصاً أو ربما سأعود إلى سوريا".