د.حماد عبدالله يكتب: مصر أم الدنيا !! {2}

مقالات الرأي

د.حماد عبدالله
د.حماد عبدالله



لم يكن هذا الإسم المعروف عن مصر بأنها "أم الدنيا" , من شدة الحماس والإنتماء للوطن, وعلو نبرة الوطنية لنداء مصر بهذا الوصف (أم الدنيا) !!
ولكن التاريخ القديم يقول, بل وتثبت الأوراق والمراجع التاريخية بأن مصر كان يطلق عليها "أم الدنيا", من كل متعامل مع ذلك الوطن في الزمن القديم والحديث أيضاً.
ونعود للإستراتيجية المصرية في قارتها الأفريقية, حيث تكشف تلك الرسالة التى بعث بها سلطان ( البرنو) في غرب أفريقيا إلى ملك مصر (الظاهر برقوق) عام 794هجرية الموافق 1391ميلادية, يقول فيها حينما قصد "مصر" في طريقه للحج على رأس قافلة تعدت الخمسة عشر ألف حاج أبن عم السلطان 
( التكرودي – المالي) وهي من " المتوكل على الله تعالى ، الملك الأجل "سيف الإسلام"،  وربيع الأنام ، الملك المقدَّمْ ، القائم بأمر الرحمن ، "المستنصر بالله"، المنصور في كل حين وأوان، ودهر وزمان ، الملك العادل الزاهد (أبي "عمرو  عثمان" الملك إبن إدريس الحاج ) "أمير المؤمنين" المرحوم كرم الله ضربه- إلى ملك مصر الجليل ، أرض الله المباركة "أم الدنيا" .
والقارئ يلاحظ من ديباجة هذه الرسالة أن الراسل قد نسب إلى نفسه ألقاباً كثيرة فخيمة ، في حين أنه لم ينسب للسلطان "المملوكي الظاهر برقوق" شيئاً مما أضافه لنفسه سوى أنه (ملك مصر الجليل) وأنه ملك على "أم البلاد" والواقع للرسالة حسبما جاء فيما بعد، هو تعمد وإمعان تجار الرقيق في غزو بلاده وإختطاف (العباد) رجال ونساء وأطفال والإتجار في بيعهم في (مصر والشام) ويقول في الرسالة: " فإن  حكم مصر قد جعله الله في أيديكم ( من البحر إلى أسوان!!) فإن الغزاه قد إتخذوا من مصر متجراً ،فنرجو إرسال الرسل إلى جميع أرضكم وأمرائكم ووزرائكم و قضاتكم , وحكامكم, وعلمائكم وصواحب أسواقكم ، ينظرون ويبحثون ويكشفون فإذا وجدوهم فلينزعوهم من أيديهم!! هذه الرسالة المحمولة إلى ملك مصر فيها من "الحنق والتوسل" معاً, ويبرر "القلقشندي" ذلك الأسلوب في الرسالة بأنه : ( جهل من الكاتب بمقاصد صناعة الإنشاء) إذ لا يهتدون إلى حقائقها" ويضعُفْ تبرير "القلقشندي" ما جاء في أخر الرسالة :
حيث تقول " يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فأحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ، (إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب) "صدق الله العظيم" والسلام على من إتبع الهدى .
فالأيه إنذار عنيف ،كما أن الرسالة والسلام بتلك العبارة من ملك (أفريقي) مسلم إلى السلطان "المملوكي" فيها إهانه مقصودة, إذ أن هذه التحيه لا توجه إلا لغير المسلمين – ومن هذه المظاهر في العلاقات المصرية الأفريقية في هذا العصر القديم ما يدل على أن مصر عرِفْتَ (سوق الرقيق) قبل أن تعرفها دول أمريكا الشمالية و الوسطى في القرن السابع عشر والتاسع عشر وساهمت "مصر" في القضاء على تلك التجارة قضاء تام !!
وللحديث بقية...