سامي جعفر يكتب: "الإخوان" تبدأ جنى أرباح وفاة مرسى

مقالات الرأي

سامي جعفر
سامي جعفر


وضعت جماعة الإخوان، الخطوط العريضة لتحركها فى الفترة المقبلة، بعد وفاة محمد مرسى، حيث أعطت لنفسها مرونة أكبر فى إبرام تحالفات جديدة مع المجموعات المعارضة داخل مصر، ومنحت نفسها أيضاً إطاراً للحركة فى الخارج، تفوح منه رائحة تركية أصيلة.

قبل النظر فى الاستراتيجية الجديدة للجماعة، يجب الانتباه إلى أن إصدارها بعد وفاة مرسى بأيام يعنى أنها كانت جاهزة للطرح منذ فترة خصوصاً أن الفصيل الذى أصدرها تخلى عن المطالبة بعودة مرسى لأنها تمنع الجامعة من التحالف مع بعض المجموعات المعارضة فى مصر والتى عارضت مرسى ورفضت استمراره فى الحكم.

وتعتزم الجماعة وفق البيان الذى أصدرته فى الذكرى الـ6 لثورة 30 يونيو تنظيم حملة دولية استثمراً لوفاة مرسى بالإدعاء بأنها جاءت نتيجة إهمال طبى، للمطالبة بتحقيق دولى فى هذا الشأن مع وضع قائمة بمتهمين بقتله بهدف ابتزاز مصر، وهى فكرة طرحها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ما يؤكد أن الخطة الجديدة للجماعة تأتى فى إطار المصالح التركية.

الجماعة أكدت أنها لن تتواصل مع النظام لأنها ترى أن الوسيلة الوحيدة للتعامل معه هو إزاحته عن السلطة، لكن صياغة هذا التوجه تكشف أنها كانت تتواصل بالفعل فى الفترة الماضية، وتكشف أيضاً - مع ملاحظة أن مصدر البيان هو فصيل محمود حسين، الأمين العام للجماعة-، يحاول مغازلة اللجان النوعية التى تستخدم العمليات الإرهابية وسيلة إسقاط النظام، بهدف توحيد الجماعة مجدداً بعد معاناتها من الانقسام طيلة السنوات الماضية.

وترى الجماعة أن إنهاء "الحكم العسكرى" بتعبيرها يأتى بما أسمته استعادة الإرادةِ الشعبيةِ من جديد، والقصاص العادل للشهداء منذ يناير ٢٠١١، وعودة العسكرِ للثكناتِ بشكلٍ كامل وحظر اشتغالهم بالسياسة وتفكيك منظومتهم الاقتصاديةِ ودمجها بالاقتصاد الوطني، واستقلال وتطهير الإعلامِ والقضاء، والشفافية فى المعلوماتِ، وإعادة الأموال والأراضي والشركات المغتصبة، وقيام المؤسسةِ الأمنيةِ بدورها الوطني.

الغريب أن الجماعة مصابة بفصام فكرى وسياسى حاد فى رؤيتها المطروحة إذ أنها تجمع فى قفص واحد كل من سقطوا منذ يناير 2011، و"كل واحد يقتص لشهيده"، ويتواصل الغموض بإشارة الجماعة للشفافية فى المعلومات كوسيلة لإنهاء "الحكم العسكرى".

وبنفس الأسلوب فى الغموض والتعامل القوى السياسية على "قد عقلها" وضعت الجماعة استراتيجية "النضال ضد الحكم العسكرى"، معتبرة أنه أساليب التغيير لها 3 أشكال، النضال الدستوري، أو الثوري، أو العسكري، وترى أن طبيعة الحكم و"تكوين المجتمع المصري ونخبته السياسية والاتجاه الشعبي العام لا يتناسبُ معه إلا الخيار الثوري الشامل والتغيير الكلي لمنظومة الحكم في مصر، ومواجهة آلتها العسكرية بالمنهجية الثورية بامتلاك أدوات المقاومة المدنية المشروعة".

وبناء على هذه الرؤية ترى الجماعة أنه يجب التركيز على هدفين رئيسيين، أولهما  العمل على تحرير ما اسمتهم سجناء الرأي في مصر بـ"شكل منهجي وعاجل"، من خلال عمل مشترك لطرح الملف على كافة برلمانات العالم، والمحافل الدولية، ومحاصرة الدولة في ملف حقوق الإنسان.

أما الهدف الثانى فتوحيد "المعسكر الثوري" مهما اختلفت أيدولوجيات مكوناته ومنهم جزء من الجماعة ولكن من خلال توحيد المنطلقات والأهداف لتفعيل الكيانات والتحالفات الثورية القائمة أو إنشاء أوعية جديدة.

وذكرت الجماعة أنه قام بمراجعات داخلية متعددة، معترفاً بالوقوع فى أخطاء في مرحلتى الثورة والحكم، واكتشاف أخطاء للحلفاء والمنافسين من مكونات الثورة، أدت لفشل الجماعة.

وذكرت الجماعة أيضاً أنّها تفرق حالياً بين العمل السياسي العام وبين المنافسة الحزبية الضيقة على السلطة، وأن مساحة العمل السياسي العام على القضايا الوطنية والحقوق العامة للشعب المصري، والقيم الوطنية العامة وقضايا الأمة الكلية، هي مساحة أرحب للجماعة من العمل الحزبي الضيق والمنافسة على السلطة، ولذا ستعمل في مرحلة ما بعد إسقاط النظام كتيار وطني عام ذو خلفية إسلامية، يدعم كل الفصائل الوطنية التي تتقاطع مع رؤيتها في نهضة الوطن في تجاربها الحزبية، وستسمح لأعضائها بالعمل من خلال الانتشار مع الأحزاب والحركات تقبل باستراتيجية الجماعة، مؤكدة أنها ستعمل على التواصل خلال الفترة المقبلة مع كافة المعارضين للنظام الحالى لتكوين أرضية فكرية مشتركة.