بعد خسارة انتخابات إسطنبول.. كيف حاصرت الأزمات "أردوغان"؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


شكلت خسارة انتخابات إسطنبول للمرة الثانية، التي أجريت في 3 يونيو المنصرم، تراجع شعبية الرئيس رجب طيب أردوغان، وأثبت خسارته على أرض الواقع ببلديات المدن الكبرى، بما وضع المشهد التركي برمته أمام خيارات جديدة بالنسبة لتناوب السلطة.

وخسر حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم معركة السيطرة على بلدية اسطنبول، بعد إعادة إجراء انتخابات البلدية، ويمثل هذا ضربة قاسية للرئيس أردوغان، ومع فرز معظم صناديق الاقتراع، تبين تفوق مرشح حزب المعارضة الرئيسي، أكرم إمام أوغلو، بـ775000 صوت، بزيادة كبيرة عما حققه في المرة الماضية، التي فاز فيها بـ13000 صوت أكثر من مرشح حزب العدالة والتنمية.

وتنهي هذه النتيجة- التي تمثل انتكاسة كبيرة، للرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية الحاكم، إذ راهن أردوغان على فوزه ببلدية اسطنبول ووصف التحدى من قبل، بأن الفوز بهذه البلدية التي يقطنها 16 مليون شخص هو فوز بتركيا، فجاءت نتائج الانتخابات مخالفة تماما لتوقعاته وحلمه نحو امبراطورية عثمانية، فقد كان الفارق في الانتخابات الأولى التي فاز فيها مرشح حزب الشعب المعارض إمام أوغلوا على مرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم لا يتعدى 0.25 في المئة، بنتيجة 48.80 في المئة لصالح مرشح المعارضة مقابل 48.55 لصالح مرشح الحزب الحاكم.

ومع فرض استمرار خسارة أردوغان،  شعبيته بالوتيرة نفسها إلى موعد الانتخابات الرئاسية التركية عام 2023، توقع بعض المراقبون في الشأن التركي، أن المشهد التركي مرشح لتحول كبير فيما يتعلق بالسلطة، ولا تُستبعد فيه إزاحة الرئيس التركي وحزبه، عن سدة السلطة في تركيا. كما أن هناك مؤشرًا آخر يعزز ذلك كاالمشهد الاقتصادي التركي الذي يبدو قاتماً، وتأثيراته ستكون أكثر إيلاماً على البلاد في القترة المقبلة، مع دخوله مرحلة الركود بعد سلسلة من التداعيات التي تتعلق بالتضخم واستمرار انخفاض قيمة الليرة وما تبع ذلك من متغيرات وتطورات، حيث يزداد يوماً بعد يوم الوضع المأزوم، خاصة مع اتساع عجز الميزان التجاري، وارتفاع تكلفة واردات الطاقة بعد قرار الولايات المتحدة بإلغاء الإعفاءات الممنوحة لتركيا بمواصلة شراء النفط الإيراني إضافة إلى تدهور قيمة العملة المحلية، وصعود معدلات التضخم. كما تضررت البنوك التركية بشدة من ارتفاع حجم الديون المتعثرة والمشكوك في تحصيلها، وطلبت العديد من الشركات المدنية إعادة جدولة ديونها، وتلقت البنوك حتى أول مايو الجاري ديون قيمتها 28 مليار دولار في أعقاب تراجع سعر صرف الليرة.

انسحاب المستثمرين من تركيا
وفي ظل استمرار الانخفاض الكبير الذي تتعرض له الليرة التركية، والتي أدت إلى خسائر الأسواق الناشئة، ووصول العملة إلى أدنى مستوى في 7 أشهر، سحب عددًا كبير من السعوديين وبعض دول الخليج قرروا سحب استثماراتهم العقارية في تركيا خلال الفترة الماضية-وفق ما قالت صحيفة "سبق" السعودية-، والتي أضافت أن سحب الاستثمارات العقارية من مدينة إسطنبول جاء ردا على تصرفات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الطائشة، وسياسته الخاطئة تجاه المملكة. وشهدت مصلحة الشهر العقاري إقبالا كبيرا من السعوديين والخليجيين ومحامين ينوبون عنهم على بيع ممتلكاتهم العقارية فى المدينة، وأشارت الصحيفة إلى أن الأسواق العقارية التركية تشهد تراجعا كبيرا، يقدر بنسبة 46% عن العام الماضي.

مكاسب الاقتصاد بدأت في التحول إلى خسائر كاملة
وعلى إثر ذلك قال محمد نجم، الباحث الاقتصادي، إن كل المكاسب التي جناها الاقتصاد التركي في بداية تجربة حكم "العدالة والتنمية" بدأت في الانهيار والتحول إلى خسائر كاملة، مضيفة أن قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعزل محافظ البنك المركزي التركي قبل انتهاء ولايته الدستورية، يلقي بظلال سلبية على ثقة المؤسسات الدولية والمستثمرين في الاقتصاد التركي، ويشير إلى عدم استقلالية السياسة النقدية في أنقرة.

وأشار الباحث الاقتصادي، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "هنا العاصمة" المذاع عبر قناة "سي بي سي"، إلى توقعات بتحقيق الليرة التركية خسائر كبيرة اعتبارًا من الغد في ضوء ارتفاع نسب التضخم وانكماش النمو الاقتصادي والإنتاج الصناعي والتعديني وعدم جاذبية معدل الفائدة للاستثمار.

تزايد الغضب الشعبي ضد أردوغان
ضربة جديدة تلقاها الرئيس التركي، من أحد أصدقائه ورجاله في السابق، أحمد داوود أوغلو رئيس الوزراء التركي السابق، الذي وجه انتقادات لاذعة لحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس التركي، حيث قالت صحيفة "زمان"، التركية المعارضة، إن رئيس الوزراء التركي السابق، وجه انتقادات عنيفة إلى حزب العدالة والتنمية، مؤكدًا أنه لا يمكن لأحد أن يقصيهم عن روح الجماهير، وذلك فى الوقت الذى يدور فيه الحديث عن تشكيله لحزب سياسي جديد، متطرقا إلى تغيير الخطاب المتمحور حول ضرورة بقاء حزب العدالة والتنمية في السلطة للتصدى لخطر الإرهاب.

وأوضحت الصحيفة التركية المعارضة، أن داود أوغلو أرجع سبب خسارة حزب العدالة والتنمية لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى إلى من تسببوا فى تذبذبات خطيرة فى الأخلاق والحياة السياسية والخطاب، كما وجه انتقادات ونصائح لحزب العدالة والتنمية، حيث ذكر أن الأحزاب والحركات السياسية لا يمكن تقسيمها من خلال انقسامات في القيادة العليا، بل يمكن ذلك عبر انقسام واستياء قواعدها الجماهيرية، مؤكدا تزايد الغضب الشعبي التركي من سياسات أردوغان.

صعب تعافي حزب العدالة والتنمية 
من جانبها أكدت مواقع تركية معارضة، أن دراسة أجرتها إحدى الجامعات التركية الخاصة، أن 80 % من الشعب التركي أصبح لا يثق على الإطلاق في الإعلام التركي. وقالت صفحة "شؤون تركية" التابعة للمعارضة التركية، إن دراسة مهمة نشرتها جامعة قادر هاس في 2019 أصبح 80% من الأتراك لا يثقون في الإعلام التركي، و90 % من الاتراك بيأخدوا أخبار بلدهم من سوشيال ميديا.

وأضافت أن الإعلام الأردوغاني فاجر، ووصل بهم الحال يقصوا مقاطع من العاب فيديو وينشروها علي أنها بطولات للجيش التركي!. فيما اعترف داعية تركى موالى للرئيس التركى رجب طيب أردوغان، أن حزب العدالة والتنمية الذى يتزعمه الرئيس التركي لن يستطيع خلال الفترة المقبلة أن يتعافى من الخسائر التى تلقاها فى تركيا.

ونقلت صحيفة "زمان"، التابعة للمعارضة التركية، أن الشيخ أحمد محمود أونلو، الداعية الإسلامي الموالي لأردوغان أكد أنه من الصعب على حزب العدالة والتنمية الحاكم التعافي بعدما تعرض لخسارة فادحة في انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى.