باحثة: أموال قطر في الجامعات الأمريكية تثير الريبة والشكوك حول أهدافها

عربي ودولي

أمير قطر
أمير قطر


يتزايد القلق الأمريكي من الاختراقات الأجنبية للجامعات الغربية والأمريكية، حيث تعتبر الجامعات البيئة الأنسب للتجسس ونقل التكنولوجيا واختراق المجتمعات الغربية المعادية للشيوعية، حيث أصبح ينظر إلى تبرعات قطر وشراكاتها مع المؤسسات التعليمية والفكرية بريبة وشكوك حول أهدافها السياسية.

 

وتحدثت الباحثة والمحللة أمريكية فارشا كودوفايور، عن الأموال القطرية التي تصرف بشكل هدايا وتبرعات على الجامعات الأمريكية الكبرى، مطالبة أمير قطر بتنظيف الهدايا التي يقدمها للجامعات والمدارس.

 

وتشهد واشنطن هذه الأيام نقاشا واسع النطاق حول جماعات التأثير الأجنبي، خاصة مع قيام قطر بإنفاق عشرات الملايين من الدولارات على جماعات الضغط في واشنطن، بالإضافة إلى ما أثير حول عدم نزاهة الإنفاق القطري المقدم في شكل هدايا إلى الجامعات الأميركية الكبرى.

 

ونشرت فارشا كودوفايور، كبيرة محللي الأبحاث والمتخصصة في الشأن الخليجي بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات FDD، مقالا في موقع "فوكس نيوز"، تحث الإدارة الأمريكية على اتخاذ مواقف حازمة تجاه التمويل القطري.

 

وحذرت من أغراض مشبوهة وراء التبرعات لمدارس وجامعات أمريكية، ودعت الخبيرة إلى ضرورة التحقق من طبيعة الأبحاث العلمية التي تمولها قطر في الجامعات الأميركية، فضلا عن إجراء مراجعة دقيقة لكل ما أسهمت به مؤسسة قطر في مجال المناهج المدرسية الخاصة ببرامج تعليم اللغة العربية.

 

يذكر أن إجمالي التبرعات القطرية للجامعات الأمريكية تخطى 1.4 مليار دولار، وتعد الدوحة أكبر جهة مانحة أجنبية بشكل عام للجامعات الأميركية، وتم توجيه التمويل بشكل خاص لجامعات جورج تاون وتكساس إيه آند إم وفرجينيا كومنولث وكورنيل وميشيغان ونورث ويسترن وغيرها، فيما وتدير جامعات جورج تاون وفيرجينيا كومنولث وكورنيل وتكساس إيه آند إم فروعا لها في قطر.

 

وتشير كودوفايور إلى أن المشكلة، وفقًا لرسالة من وزارة التعليم الأمريكية التي أعلنت عن قرار بإجراء تحقيقات بشأن تمويل قطري لجامعات أمريكية، تكمن في أن تقارير الإفصاح المقدمة من جورج تاون وتكساس إيه آند إم "لا تشتمل بشكل كامل ودقيق" على الهدايا والتبرعات القطرية.

 

وينص القانون الاتحادي الأمريكي على الإفصاح والإبلاغ عن أي تبرعات أجنبية تبلغ قيمتها أكثر من 250000 دولار، فيما يمثل تحقيق وزارة التعليم جزءًا من مسعى أوسع لمراقبة الأموال الأجنبية في الجامعات الأميركية.

 

وبحسب المحللة، فإنه من المثير للمخاوف والريبة أن قطر بدلاً من المساعدة في توضيح الأمور، تحارب الشفافية، مما سينعكس بشكل سلبي على الحرية الأكاديمية وجدول أعمال الأبحاث التي تمولها قطر.

 

وينبغي أن تقوم الإدارة الأمريكية بإبلاغ الدوحة أن الوقت قد حان لتغيير ذلك، وأن تكون التبرعات لأغراض نزيهة.

 

وترسل قطر معظم تبرعاتها للجامعات الأمريكية، من خلال مؤسسة قطر المملوكة للأسرة الحاكمة القطرية، وفي أكتوبر الماضي، اتخذت مؤسسة قطر خطوة نادرة الحدوث إذ قامت برفع دعوى لمقاضاة المدعي العام لولاية تكساس لمنعه من إجبار جامعة تكساس إيه آند إم على الكشف عن عقدها مع قطر، بزعم أن شروط العقد هي "سر تجاري"، وبالتالي يمكن أن يؤدي الإفصاح عنه إلى التسبب في أضرار تجارية.

 

ولكن تعد التحقيقات التي تجريها وزارة التعليم الأمريكية بالغة الأهمية حيث إن جامعة تكساس إيه آند إم هي مؤسسة حكومية، وليست مؤسسة خاصة غير ملزمة بالكشف عن شروط تعاقداتها، لاسيما وأن جامعة فيرجينيا كومنولث أفصحت عن عقدها طواعية.

 

وتوضح كودوفايور أنه إذا لم تثر مشكلة السرية إنذارا بالخطر، فيجب على أقل تقدير أخذ عدة حقائق في الاعتبار منها أن مؤسسة قطر تشتهر باستضافة دعاة متطرفين بشدة في مسجدها الأنيق في المدينة التعليمية في قطر، والذي يبث فعالياته مباشرة عبر الأقمار الصناعية إلى الجامعات المذكورة في الولايات المتحدة.

 

وتتابع المحللة، يقوم هؤلاء الدعاة بالغي التطرف، وسط أجواء من الترحاب والتشجيع، بنشر خطاب الكراهية، الذي يعد بمثابة العمود الفقري للفكر الإيديولوجي لجماعات إرهابية مثل داعش.

 

واستضاف مسجد المؤسسة التعليمية في قطر داعية متطرف، دعا إلى مجازر تشارلي إبدو 2015 في باريس، وغيرهم ممن ينشرون الكراهية ويحثون على سفك الدماء والترويج لمفاهيم وآراء خاطئة.

 

وتقول كودوفايور إنه إذا قامت إحدى المنظمات بتمويل مثل هذا النوع من التطرف، فمن الضروري أن يعرف الشعب الأميركي مصلحة أي نوع من البرامج تقوم بتمويله في الجامعات الأمريكية.

 

وتابعت: "يجب أن يكون واضحًا أيضًا أن العطاء الخيري في قطر ليس إيثارًا، وإنما هو وسيلة تأمل الجهة المانحة من خلال تبرعاتها أن تشجع صناع القرار الأمريكيين على التغاضي عن الأعمال الشنيعة، التي تقوم بها قطر في الخارج، مثل العلاقات المشبوهة مع حركة حماس في غزة وتمويل الميليشيات المتطرفة في ليبيا ودفع فدية ضخمة للإرهابيين في العراق وسوريا".

 

وشددت أنه يجب على واشنطن أن توضح للدوحة أن أمريكا ترحب باستثمارات حقيقية في نظامها التعليمي، ولكن لا تقبل بالدفع من أجل التأثير لتحقيق مآرب مغرضة، داعية إدارة ترمب بأن تعلن صراحةً أنها لن تتسامح مع جهود مؤسسة قطر السيئة للالتفاف على قواعد الإفصاح الفيدرالية.

 

وتقول المحللة: "لم تنج المدارس الحكومية الأمريكية من تدخلات غير مرحب بها، فبحسب ما نشرته "وول ستريت جورنال" تبرعت مؤسسة قطر، من خلال فرعها التابع لمؤسسة قطر الدولية QFI، بأكثر من 30 مليون دولار للمدارس الحكومية في تكساس وأوريغون وأريزونا وأماكن أخرى لتعليم اللغة العربية".

 

في حين أن ما قد يبدو ظاهريا أنه تبرع كريم من قطر للمدارس بداية من مرحلة الروضة حتى الصف الثاني عشر من أجل المساهمة في تكاليف برامج تدريب المعلمين والأحداث الثقافية وتطوير المناهج الدراسية، إلا أنه بمجرد إلقاء نظرة فاحصة على الأمر يتبين أن الدعم المقدم من المؤسسة القطرية لا يتماشى مع القيم الأميركية.

 

وعلى سبيل المثال، يقدم الموقع الإلكتروني لمؤسسة قطر، الذي يعبر عن مورد المنهج الرئيسي للمؤسسة، خطة لدروس بعنوان "عبر عن ولائك لقطر"، في حين تتضمن مجموعة دروس أخرى أن الولايات المتحدة شنت حرب العراق "لتتغذى" على الاقتصاد العراقي.

 

وتقول كودوفايور، يمكن للنقد القطري أن يفيد الأميركيين، ولكن فقط إذا جاء تحت إشراف حقيقي. لذا يجب على الجامعات أن تعلن عن أي منح تقدمها مؤسسة قطر، وتوضح علاقة المؤسسة بالأسرة الحاكمة في قطر وتاريخها المضطرب الذي دعم، ومازال يدعم الدعاة المتطرفين.

 

كما يجب على المناطق التعليمية المحلية ومجالس المدارس أن تراجع بعناية فائقة المواد التعليمية أو المناهج التعليمية، التي توزعها مؤسسة قطر، للتأكد من أن المناهج والدروس إيجابية وتتماشى مع قيم المجتمع الأمريكي.

 

وتختم كودوفايور مقالها بالقول، إن قطر تشغل مساحة أصغر من كونيتيكت، ولكن لديها احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي، كما يستحوذ أميرها على سلطات مطلقة، ولكن تمتلك الولايات المتحدة القدرة على إملاء شروطها على قطر، ولا ينبغي أن يتردد الرئيس ترامب في القيام بذلك.