زواج القاصرات يستبدل القسيمة بإيصالات أمانة.. ظاهرة منتشرة في بني سويف

محافظات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


زواج القاصرات يستبدل «القسيمة» بإيصالات أمانة ظاهرة منتشرة فى بني سويف.. الخوف من «العنوسة» والرغبة في «الستر» سبب إصرار الأهالى للتحايل على القانون.. عضو الفتوي: «نكاح فاسد ودعارة مقنعة»

منذ أن بدأت الدولة حربها على زواج الأطفال القاصرات، قبل بلوغهن السن القانونية التي حددتها بـ18 عاما، وسنت عددًأ من القوانين والتشريعات، شددت من خلالها العقوبات علي المأذون الذي يعقد القران قبل هذه السن في محاولة للقضاء علي ظاهرة الزواج المبكر، التى أنتشرت ببعض المحافظات، خاصة قرى محافظة بني سويف.


الخوف من العنوسة
وأمام إلحاح الأهالي وإصرارهم على تزويج بناتهن، فى سن مبكرة بدافع "التستر" أو الخوف من "العنوسة" الذى دائمًا ما يكون سببًا فى هذه الزيجات التى عادة ما تنتهى بفشلها، أو بمشكلة إجتماعية أو قانونية على أقل تقدير، حيث يقدم العريس إيصال أمانة موقع علي بياض من نسختين، واحدة يحتفظ بها والد العروس والثانية يحتفظ بها المأذون الذي يزوج العروسين بلا وثيقة زواج رسمي، أي أن إيصال الأمانة يكون بديلًا لـ"قسيمة الزواج" ويتم بموجبه الزواج الكامل حتي تبلغ الفتاة السن الرسمية للزواج فيعودان للمأذون مرة أخري ليعقد قرانهما رسميا ويسترد العريس الإيصالين ويمزقهما.

جريمة مكتملة الأركان

يقول محمود منجي، محامي، إن هذه الطريقة المنتشرة فى قري محافظة بني سويف، بإستبدال القسيمة بإيصالات أمانة، هى بمثابة جريمة مكتملة الأركان، فى عُرف القانون ووزرًا فى شريعة الإسلام، ولكى تكتمل هذه الجريمه التى يرتكبها أولًا المأذون ثم والد العروس أو ولى أمرها ومن بعدهما يأتى العريس أو طالب الزواج، لتكتمل المافيا لتى يجمع حلقاتها من يوفق الرأسين فى الحلال ليقوم بدور الـ"سمسار" فهو بمثابة حلقات الوصل بين عناصر الجريمه.

جدة في عز شبابها

وقالت سامية جابر رسلان، ربة منزل، 47 سنة: تزوجت وأنا في الثانية عشرة من عمري وأنجبت عشرة أبناء تبقي منهم ثمانية علي قيد الحياة، ولم أصادف مشكلة من زواجي المبكر بل علي العكس من ذلك فقد أصبحت جدة وكبر أحفادي وأنا في عز شبابي، لذلك زوجت بناتي في سن الرابعة عشرة ولم تكن تحدث مشاكل "زواج البنات سترة ولو تعدت الفتاة سن السادسة عشرة ولم تتزوج فإن القرية تاكل وشنا".

زوجي أختفي

وتابعت: بعد أن شددت الحكومة علي سن الزواج تزوجت ابنتي الأخيرة بإيصال أمانة وأنجبت طفل، وعندما حان وقت العقد الرسمي تهرب زوجها وأرسلها للإقامة معنا واختفي، وقد نصحنا المحامي بعدم استخدام الإيصال الآن حتي لا ينكر هو الزيجة ومازلنا في مرحلة التفاوض مع أهله ولا أعلم كيف سيكون مستقبل ابنتي وطفلتها حتي الآن.

تركني معلقة

وقالت "نهي م.م" 18 سنة، حاصلة على دبلوم فني: تزوجت منذ عامين بإيصال أمانة مثل معظم فتيات القرية من أحد أقاربي الذي أحببته، وأنجبنا طفلتي "جنا" وكانت الحياة عادية إلي أن اقترب موعد عقد القران الرسمي الذي كنت أنتظره بشدة حتى أتمكن من إستخراج شهادة ميلاد لابنتي التي لم أسجلها حتي الآن!! لكنني فوجئت به يدعي أنه لم يعد يحبني واشترط طلاقي بعد عقد القران الرسمي وهو ما رفضه والدي فتركني معلقة، وأقمنا ضده دعوي بإيصال الأمانة، وإلى الآن ننتظر.

سمسار المأذون

وقال ايمن ابوالدهب، أخصائي إجتماعي، إن ظاهرة زواج القاصرات التى تنتشر فى قري مراكز محافظة بني سويف، سببها الأفكار والعادات المترسخة فى أذهان المجتمع الريفي والتى لا تتأثر بالمستوى الإجتماعي أو المادى أو التعليمي، فالغالبية العظمى يتعامل مع البنت كانها "مصيبة" ستجلب له المشاكل والعار فى أى وقت، فيسعي للخلاص من هذه الـ"مصيبة" مبكرًا، فمنذ بلوغها الثانية عشر يبدأ التفكير فى زواجها، ومع العريس الأول تجد الأب أو ولى الأمر يقدم له أبنته وكأنها "عبئًا" يسعي للخلاص منه، فيعجل فى إنهاء الزيجه وهو يردد كلمات "خير البر عاجله" فيلجأ لمافيا زواج الصغيرات ويتكبد مع العريس مبلغًا لا يقل عن 5 الأف جنيهًا، ليتم الزواج مأذونًا مجهول الهوية لا يعرفه إلا "السمسار" يقوم بتحرير وثيقة وهمية لا تسجل فى المحكمة إلا ببلوغ العروسين السن القانونية المحدده بـ18 عامًا.

قومي المرأة

فيما أكدت نارمين محمود عبد العظيم، مقرر فرع المجلس القومي للمرأة ببني سويف، أن فرع المجلس تلقى تقريرًا من جهة قضائية كشف عن احصائية لزواج القاصرات في بنى سويف، والذى تم التصادق عليه قانونيا في الفترة من أول يناير حتى أكتوبر من العام الماضى على مدار تسعة أشهر، في مراكز المحافظة، وأن عدد الأسر التي شاركت في توثيق زواج القاصرات أو الزواج المبكر بلغت ألفي حالة، حصلت على عقد تصادق على مستوى المحافظة من محكمة الأسرة.

الرقابة على المأذونين

وأكدت أن حالات زواج القاصرات التى تتردد على المجلس عديدة، ولكن يأتى أغلبها بعد أن يتم الزواج وتصل المشاكل بين الزوجين إلى رغبتهما فى الإنفصال، وهو ما يتوقف لحين توثيق عقد الزواج أولًا، وأضافت: أن المشكلة تكمن فى الإجراءات الإدارية لتسجيل الزواج أو إنعدام الدور الرقابي على المأذونين الشرعيين، ممًا يخالفو الشرع والقانون ويسجلون مثل هذه الزيجات التى لا تحفظ للزوجة أى حقوق فى حالة غدر الزوج أو وفاته.

الأب والأم يفرطان في أبنتهما

وطالبت بضرورة تشديد عقوبة المأذون المتهم بإرتكاب هذه الجريمة وأن يطول القانون الأب والأم اللذين يفرطان في كرامة وعرض بناتهما، بما يردعهما عن إتيان هذا العمل المشين، وأن يشدد القانون علي إيقاع العقوبة علي كل الأطراف المتورطين في هذا السلوك الذي يرفضه الدين، لأن البنت في هذه الآونة تحتاج إلي قدر من العلم والثقافة والنضج لتحمل مسئولية الأمومة والحياة الزوجية، أما الرغبة في التخلص من البنات بالزواج المبكر فتخرج ولي الأمر من المسئولية التي كلفه الله بها.

جريمة ونكاح فاسد

وقال الشيخ سيد محمود زايد، مدير مجمع الديري ببني سويف وعضو لجنة الفتوى، أن مثل هذا النوع من الزواج هو جريمة بيع طفلة ومهاترات ونكاح فاسد ودعارة مقنعة، وكذلك بالنسبة للشهود، لقوله تعالي "وأشهدوا ذوي عدل منكم" فالجريمة يتورط فيها الأب والزوج والشهود والمأذون.