"مدى سلطة ولي الأمر في فرض الضرائب".. رسالة دكتوراه بجامعة الإسكندرية (صور)

محافظات

جانب من مناقشة الرسالة
جانب من مناقشة الرسالة


منحت كلية الحقوق جامعة الإسكندرية، الباحث خلف مهدي كبكاب، درجة الدكتوراة بتقدير امتياز في المناقشة العلنية عن رسالته بعنوان "مدي سلطة ولي الأمر في فرض الضرائب من منظور الفقه الإسلامي دراسة مقارنة بالفقه المالي".

وارتأت اللجنة جدارة البحث والباحث بمنحه درجة الدكتوراة بدرجة امتياز، حيث تناولت الرسالة موضوع مدى سلطة ولى الأمر في فرض الضرائب، ومدى جواز الاستغناء للزكاة عن الضريبة أو العكس، وتوصلت إلى أن الأصل وجود حقوق في المال غير الزكاة يعد سندا شرعيا يعطى لولى الأمر الحق في فرض الضرائب بجوار الزكاة وذلك في حالة الأزمات أما في حالة الرغد والرخاء فلا يوجد حقوق في المال غير الزكاة وبالتالي لا يحوز فرض الضرائب.

وأشرف على المناقشة كل من الأستاذة الدكتورة سوزي عدلي ناشد أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد والمالية العامة بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية، والأستاذ الدكتور رمزي محمد علي دراز أستاذ الشريعة الإسلامية المساعد بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية ورئيس قسم الشريعة الإسلامية بأكاديمية شرطة دبي بدولة الإمارات.

وتشكلت لجنة المناقشة والحكم علي الرسالة من جامعة الإسكندرية برئاسة الأستاذ الدكتور رمضان علي الشرنباصي أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق، وبعضوية الأستاذ الدكتور هشام محمد عمارة أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد، وتمت المناقشة بقاعة المرحوم الأستاذ الدكتور جلال العدوي بمبني العميد بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية.

وتناولت الرسالة في الباب الأول مدى سلطة ولي الأمر في فرض الضرائب ومدى جواز إحلال الضرائب المعاصرة محل فريضة الزكاة، وذلك من خلال التعريف بولي الأمر وسلطته في الإسلام والسند الشرعي لتدخله لفرض الضرائب والشروط والضوابط التي يجب أن يلتزم بها عند فرض هذه الضرائب، ومدى جواز الاستغناء بالزكاة عن الضريبة أو العكسِ.

وخصص الباب الثاني لدراسة موقف الفقه الإسلامي من أنواعِ وقواعد وأهداف الضرائب المعاصرة، وكيفية فرضها، وذلك من خلال عقد مقارنة بين الفقه الإسلامي والنظام الضريبي المعاصر فيما يتعلق بأنواع وقواعد وأهداف الضرائب، وكذا طرق فرض الضرائب، ثم بيان الأسباب التي أدت إلى الاستغناء عن فرض الضرائب في صدر الإسلام، والحكم الشرعي فيما يفرض من ضرائب في وقتنا المعاصر.

واختتم البحث على ما توصل إليه الباحث من نتائج واستخلاصات وما يراه من توصيات ومقترحات، ومن أهم النتائج التي توصل إليها الباحث: "أنَّ وجودَ حقوقٍ في المالِ غيرِ الزكاةِ يُعَدُّ سندًا شرعيًّا -في الفقهِ الإسلاميِّ يُعطِي لوليِّ الأمرِ الحقَّ في فرضِ الضرائبِ بجوارِ الزكاةِ، والأصلُ في تلكَ المسألةِ أنهُ لا حقَّ في المالِ سوى الزكاةِ في حالةِ الرَّغَدِ والرخاءِ، والِاستثناءُ أنهُ يجبُ في المالِ حقٌّ سوى الزكاةِ في حالةِ الأزماتِ، وأنَّ الفقهاءَ قدْ أفتَوْا بجوازِ الجمعِ بينَ الزكاةِ والضريبةِ وأنَّ إحداهما لا تُغنِي عنِ الأخرى، وذلكَ للاختلافاتِ الجوهريةِ بينَهما، ومنْ أهمِّها اختلافُ المصارفِ، فللزكاةِ مصارفُ خاصةٌ مذكورةٌ في القرآنِ، وهذهِ المصارفُ لا تشتملُ على كلِّ مرافقِ الدولةِ، أما الضريبةُ، فتُصْرَفُ لتغطيةِ النفقاتِ العامةِ للدولةِ منْ تعليمٍ وصحةٍ وأمنٍ ودفاعٍ، فالضرائبُ لا تُغنِي عنِ الزكاةِ ولا تقومُ مقامَها، وأنهُ لا يجوزُ خصمُ الضريبةِ المدفوعةِ منْ مقدارِ الزكاةِ المُسْتَحَقَّةِ، وإنما يجوزُ –طبقًا لرأيِ كثيرٍ منَ الفقهاءِ، خصمُ ما دُفِعَ منْ ضرائبَ منْ وعاءِ الزكاةِ "أيْ منَ الأموالِ الخاضعةِ للزكاةِ" باعتبارِها دَيْنًا شُغِلَ بهِ المالُ، وهناكَ فارقٌ كبيرٌ بينَ وعاءِ الزكاةِ ومقدارِ الزكاةِ المُسْتَحَقَّةِ، بالإضافة إلي أنه إذا كانَ يصحُّ للحكومةِ المصريةِ في وضعِها الحاليِّ فرضُ ضرائبَ ماليةٍ على رعاياها فإنهُ لا يجوزُ أنْ تفرضَها بصورةٍ غيرِ مباشرةٍ لأنها ظلمٌ فادحٌ على محدودي الدخلِ الذينَ يتحملونَ عبئَها الأكبرَ، بما يؤكدُ أنَّ الضرائبَ يتحملُها في النهايةِ ذوو الدخلِ المحدودِ؛ فَهُمْ يدفعونَ الضريبةَ المباشرةَ عندَ اقتطاعِها منَ الدخلِ، ويدفعونَ الضرائبَ غيرَ المباشرةِ عندَ إنفاقِ دخلِهِمْ.

ومن أهم التوصيات والمقترحات التي يراها الباحث: "يجبُ على الدولةِ أنْ تهتمَّ بتحصيلِ الزكاةِ، بحيثُ تصبحُ الأخيرةُ هيَ الأصلَ والضرائبُ هيَ الِاستثناءَ، فتجعلُ للزكاةِ ميزانيةً مستقلةً عنْ مواردِ الدولةِ الأخرى منْ ضرائبَ وغيرِها، وتنشئُ لها إدارةً أو مصلحةً مستقلةً عنْ إدارةِ أو مصلحةِ الضرائبِ؛ لأنهُ لوْ طُبِّقَتِ الزكاةُ بحقٍّ فسوفَ تحقِّقُ حصيلةً كبيرةً جدًّا، مما يُغنينا عنْ كثيرٍ منَ الضرائبِ المعاصرةِ، وضرورةُ تدخُّلِ المشرِّعِ الضريبيِّ لإجراءِ تعديلاتٍ جوهريةٍ على الضرائبِ غيرِ المباشرةِ، وذلكَ بتخفيضِ سعرِها وإعفاءِ السلعِ التي يستهلكُها قطاعٌ كبيرٌ منَ الطبقاتِ الفقيرةِ؛ لأنَّ فرضَ الضرائبِ بصورةٍ غيرِ مباشرةٍ مهما كانتْ نسبتُها يُعَدُّ ظلمًا واضحًا، وإرهاقًا للفقراءِ، وخروجًا عنْ قواعدِ الضريبةِ نفسِها، وخاصةً قاعدتَيِ اليقينِ والملاءمةِ، ومناشدة المشرِّعَ الضريبيَّ المصريَّ بضرورةِ زيادةِ التركيزِ على الضرائبِ المباشرةِ لتحقيقِ الإيراداتِ؛ لأنهُ بحكمِ عملي في مصلحةِ الضرائبِ المصريةِ (ضرائبِ الدخلِ)، لمْ أجدْ تغطيةً أوْ حصرًا كليًّا للمجتمعِ الضريبيِّ، وأنَّ هذهِ الحصيلةَ الضريبيةَ السنويةَ تتحققُ فقطْ منْ نسبةٍ قليلةٍ جدًّا منَ الأنشطةِ المحصورةِ والتي تُحاسَبُ ضريبيًّا، فيجبُ استغلالُ الأنشطةِ غيرِ المحصورةِ لتحقيقِ غالبيةِ الإيراداتِ منَ الضرائبِ المباشرةِ، ومِنْ ثَمَّ يمكنُنا الِاستغناءُ عنِ الكثيرِ منَ الضرائبِ غيرِ المباشرةِ الظالمةِ للفقراءِ.