مابين شغفه للتدريس ومشروع "الألف كتاب" رحلة المؤرخ "حسين مؤنس" في ذكرى ميلاده

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


في يوم 28 أغسطس عام 1911 شهدت مدينة السويس مولد الأديب والمؤرخ " حسين مؤنس"، الذي نشأ وترعرع في أسرة تمجد العلم وتعرف قدره، فبعد إتمام شهادة الثانوية العامة التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة، معقل أعلام النهضة الأدبية والفكرية حينذاك، واستطاع خلال فترة دراسته بقسم التاريخ أن يتفوق على أقرانه ويعلو صدارة الترتيب، تخرج سنة 1934 لكن لم يعين في الكلية، وعمل مترجمًا للفرنسية.

 

اشترك في هذه الفترة مع جماعة من زملائه في تأليف لجنة أطلقوا عليها " لجنة الجامعيين لنشر العلم"، وعزمت اللجنة على نشر بعض ذخائر الفكر الإنساني، فترجمت كتاب "تراث الإسلام" الذي وضعه مجموعة من المستشرقين، وكان نصيب حسين مؤنس ترجمة الفصل الخاص بإسبانيا والبرتغال.

 

أول كتاباته

 

بفضل انضمامه لهذه الجماعة نشر مؤنس أول كتاباته "الشرق الإسلامي في العصر الحديث" عرض فيه لتاريخ العالم الإسلامي من القرن السابع عشر الميلادي إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى، كما حصل على درجة الماجستير عام 1937 عن رسالة بعنوان "فتح العرب للمغرب"، ثم على الدكتوراه في الآداب عن رسالته "فتح العرب للمغرب" من جامعة زيورخ بسويسرا، عام 1943.   

 

العمل بالتدريس

 

لم يتخلى مؤنس عن شغفه في العمل بمجال التدريس، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عاد إلى وطنه، وعُيّن مدرسًا بكلية الآداب قسم التاريخ عام 1945، وظل يرتقي في وظائفه العلمية إلى أن عمل أستاذًا للتاريخ الإسلامي في 1955.

 

في العام 1956 تم تشكيل المجلس الأعلى للثقافة الذي ضم نخبة من البارزين في إثراء الحركة الفكرية والأدبية في مصر، من بينهم طه حسين ويحي حقي، وتولى الأديب والمؤرخ حسن مؤنس رئاسة لجنة اللهجات الدارجة.

 

مشروع الألف كتاب

 

حين انتدبته وزارة التربية والتعليم لتولي إدارة الثقافة بها، شرع مؤنس في إنشاء مشروع " الألف كتاب" ليزود الطلاب بما ينفعهم ويجعلهم يواكبون الحضارة، وكانت الكتب التي تنشر بعضها مترجم عن لغات أجنبية، وبعضها الآخر مؤلف وتباع بأسعار زهيدة.

 

كتب في مقدمة كتابه رحلة الأندلس: " منذ ذلك الحين – يعنى زيارته الأولى لإسبانيا سنة 1940 – لم يخرج الأندلس من خاطرى أبداً : إذا كنت فيه فأنا بين آثاره ومغانيه ، وإذا كنت بعيداً عنه فأنا مع تاريخه أتأسله وأستوحيه "، ورفض تسمية الأندلس بالفردوس المفقود كما كان يطلق عليه الكثيرون وقتها.

 

لم تقتصر شهرة الأديب والمؤرخ حسين مؤنس على حدود وطنه فسحب، بل ذاع صيته في الخارج أيضًا، ففي عام 1954 تولى إدارة المعهد المصري للدراسات الإسلامية، في العاصمة مدريد، كما كلفته مصلحة الاستعلامات 1937 بزيارة إلى أمريكا اللاتينية بهدف تعزيز الروابط الثقافية بينها وبين مصر.

 

أثرى مؤنس المكتبة المصرية والحركة الثقافية في مصر حيث له كتب متنوعة في الحضارة الإسلامية وفلسفة التاريخ مثل " التاريخ والمؤرخون" وكتاب " الحضارة" والذي تصدر أول أعمال سلسلة المعرفة، بالإضافة إلى كتابه الجامع "فجر الأندلس"، ومجلداته "تاريخ المغرب وحضارته من قبل الفتح العربي إلى بداية الاحتلال الفرنسي، و" أطلس تاريخ الإسلام" الذي يشرح فيه الفتوحات الإسلامية بالخرائط.

 

جائزة الدولة التشجيعية

 

لم تنكر الدولة جهوده ولا فضله إذ منحته عدة جوائز مثل جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1965، وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى، عام 1966، جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1986.

 

وفاته

 

  ظل الأديب والمؤرخ حسين مؤنس وفير النشاط لا يكل ولا يمل من عمله وكتاباته، حتى غلبه كبر السن وضعفت حركته وفارق عالمنا يوم السابع عشر من مارس عام 1996.