التعامل معهم يتطلب مهارات خارقة.. "الفجر" داخل أحد مراكز التخاطب لأطفال "داون والتوحد" بالبحيرة (فيديو وصور)

محافظات

بوابة الفجر


مع مطلع يوم جديد تعلو فيه أصوات السيارات والمارة بمدينة إيتاي البارود بمحافظة البحيرة والجميع يستعد للنزول لأشغالهم، اتجهت كاميرا بوابة "الفجر" إلي أحد العمارات بشارع رمسيس الذي يعج بالضجيج، لتجد على اليمين بالناصية الأولى، هدوءا يخيم على عمارة سكنية وسط عمارات شاهقة يتجمع الأهالي أمامها.

وبداخل شقة متوسطة المساحات خافت ضوئها تجد مجموعة من الأهالي ومعهم أطفالهم يبدو أنهم في العقد الأول من العمر، يتجاذبون أطراف الحديث، ويلعبون بـ"المكعبات" في عفوية شديدة، ملامحهم تدل على إصابتهم بمتلازمة "داون"، يصدرون أصواتًا لا يفهمها سواهم، وبجانبهم عدد من الأطفال المصابين بالتوحد وفرط الحركة.

هكذا تبدو الحياة في إحدى مراكز التخاطب وتعديل السلوك بمدينة إيتاي البارود، فتيات وأولاد شاءت الظروف أن يولدوا بإعاقة ما تجعهلم يبذلون كثيرًا من الجهد، من أجل خوض غمار هذه الحياة التي عادة ما تعج بالتفاصيل المتشابكة، فكيف لهؤلاء الأطفال أن يتأقلموا مع مرضهم!.

يقول الدكتور محمد فهمي الزنقلي، أستاذ الأمراض العصبية والسلوكية للأطفال بكلية الطب جامعة الأزهر، أن "التوحد" هو اضطراب سلوكي يصيب الأطفال ويسبب مشاكل رئيسية للأسرة أهمها فقدان التواصل مع الطفل والأسرة أو الأشخاص المحيطين به، ولكي يتم تشخيص حالة التوحد فيكون في أول سنتين من العمر ويكون بتوفر أربع أعراض هم: التأخر اللغوي، التواصل بدون لغة مثل الابتسامة أو المشاورة، الحركات النمطية أو التكرارية، خلل في الحواس مثل اللمس والسمع.

وأضاف "الزنقلي" أنه يتم تشخيص تلك الحالات بعد خضوع الطفل لاختبارات قياسية للوصول لدرجة التوحد عند الطفل، وحتى الآن لا يوجد علاج للتوحد، ولكن نهدف في علاج التوحد بعلاج الأعراض المصاحبة، فعلي سبيل المثال إذا كان الطفل عنده فرط في الحركة فيتم إعطاؤه أدوية مهدئة للتحكم في حركته، وأن الهدف الرئيسي في علاج التوحد هو تأهيل الأطفال بما يناسب تواجدهم في المجتمع ليكونوا أشخاصا عاديين متفاعلين مع أسرهم ومن حولهم.

واختتم "الزقلي" حديثه قائلا: التأهيل يشمل أكثر من هدف، مثل التأهيل الحركي، فلو أن الطفل به إعاقة حركية فيتم خضوعه إلي برنامج علاج طبيعي متخصص، أما لو تأخر لغوي أو ذهني، فهذا يتطلب برنامج مكثف أهمها جلسات لتنمية المهارات الإدراكية والتخاطب وتكامل حسي للخل الموجود، كما أن نتيجة الاستجابة لبرامج التأهيل تكون للأطفال الذين يتم اكتشاف التوحد لديهم في عمل سنة ونصف أو سنتين.

وأكمل الدكتور إبراهيم راضى، أخصائي العلاج الطبيعي والتحليل الحركي، أن التأهيل الحركي للأطفال يعتمد أكثر علي التشخيص الطبي لدكاترة المخ والأعصاب، وينقسم أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة إلي نوعين "شد عضلي، ارتخاء عضلي" ويوجد نوع ثالث نادرا "الحركات اللاإرادية" ويكون التأهيل لهم "نفسي، معرفي، تنمية المهارات، التدخل لمبكر" بجانب العلاج الطبيعي.

وأضاف "راضي" أن الهدف الذي يسعي إليه أي طبيب هو تقريب الطفل إلي أقرب نقطة للطبيعي، فكلما جاءت مبكرا فكلما كان أفضل، فإذا أصبح الطفل جيد في الحركة مبكرا فالموضوع سيكون أفضل، وأن أكثر الأمراض الموجودة الآن لدي الأطفال هي الشلل الدماغي وأصبحت عدد المراكز المتخصصة لاستقبال تلك الحالات أقل نظرا لارتفاع الأعداد وللأسف المجتمع ليس لديه ثقافة التعامل مع الطفل المصاب بمرض الشلل الدماغي.

متلازمة داون


متلازمة داون هي اضطراب خلقي يحدث نتيجة وجود كروموسوم زائد في خلايا الجسم، وهو يتسبب في مستويات متفاوتة من الإعاقة العقلية والإختلالات الجسدية، ويوصى بمتابعة المصاب بها باستمرار حيث يكون أكثر عرضة للإصابة بعدّة أمراض، وتوفير جوّ أسري ومهني مناسب له، وفيما يأتي سنعرفكم على أنواع المتلازمة وأسبابها وأعراضها.

أنواع متلازمة داون


لمتلازمة داون ثلاثة أنواع، هي: التثلث الحادي والعشرين ويتكرر فيه الكروموسوم 21 ثلاث مرّات بدلًا من مرّتين في كلّ خلية، بحيث يُصبح عدد الكروموسومات 47 بدلًا من 56 كروموسمًا، وهذا يشكّل 95% من حالات متلازمة داون، نوع الانتقال الكروموسومي وهنا ينفصل الكروموسوم رقم 21 ويلتصق بكروموسوم آخر، ويشكّل هذا النوع 4% من حالات متلازمة داون، النوع الفسيفسائي ويشكّل 1% من حالات متلازمة داون، وفيه يوجد نوعان من الخلايا في جسم المصاب، بعضها يحتوي على العدد الطبيعيّ من الكروموسومات وهي 46 وبعضها يحتوي على 47 كروموسومًا.

سبب متلازمة داون


يتكوّن جسم الإنسان من خلايا، وكل خلية تمتلك في مركزها نواة لتخزين الجينات، وهذه الجينات تحمل الرموز المسؤولة عن الخصائص الموروثة وتتجمّع على هيئة قضيب تُعرف باسم كروموسومات أو صبغيات، وعادةً ما يرث الطفل المعلومات الوراثية من الأب والأم على السواء في ما مجموعه 46 كروموسومًا 23 من الأم، ومثلها من الأب، تحدث متلازمة داون بعد أن تُباشر الخلايا في الانقسام بعد حدوث عملية إخصاب البويضة في الرحم مباشرة، فالخلايا الطبيعية تحتوي على 46 كروموسومًا، ويحدث خلل في انقسام الكروموسوم رقم 21 عند بعض الأجنّة، مما يتسبّب في حدوث متلازمة داون بأحد الأنواع المذكورة في المقدّمة.

مظاهر متلازمة داون


المظاهر الجسدية ميلان عرضي في شقّ العين مع وجود جلد زائد في زاوية العين الداخلية، بقع ذات لون أبيض في القزحية "بقع برشفليد"، صغر منطقة الذقن بطريقة غير طبيعيّة، تسّطح في جسر الأنف، طيّة واحدة في راحة الكفّ، بروز الأسنان نتيجة تضخّم الأسنان وصغر تجويف الفم، صغر حجم الرأس، قصر في طول العنق، ارتخاء المفاصل، ضعف حاسّة السمع، قسر القامة، كبر المسافة بين الأصابع الكبير للقدم والأصبع الذي يليه، عيوب خلقية في عضلة القلب، اختلال في الغدّة الدرقية، الإصابة ببعض المشاكل الصحّية، مثل: الزهايمر، واللوكيميا، وسرطان الخصية، وعدم استقرار التوازن الكيميائيّ نتيجة عدم توازن الهرمونات، والإنزيمات والمعادن، ضعف المناعة، المظاهر العقلية بطء الاستجابة، تأخّر النطق، التخلّف العقليّ، وهو على درجات تختلف تبعًا لحالة المريض، وتتمثّل درجاته في: التام، والشديد، والمتوسّط، والمعتدل.