"تركيا تستعد للهجوم".. آخر تطورات الأزمة الكردية بعد انسحاب أمريكا

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


بدأت الولايات المتحدة قبل أيام، سحب قواتها من المناطق السورية الواقعة على الشريط الحدودي مع تركيا، الأمر الذي اعتبره البعض تخليًا من جانب اشنطن عن أهم حليف لها، والمتمثل في قوات سوريا الديمقراطية، حيث دعمته ضمن تحالف دولي للقضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية"، الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات عن الأسباب التي دفعت أمريكا للتخلي عن حليفها الكردي، وتركته وجهًا لوجه أمام القوة العسكرية التركية.

 

حلفاء مخادعون

 

مع مطلع القرن العشرين بدأ الأكراد بالتفكير في إقامة دولة مستقلة تُعرف باسم "كردستان"، لكن بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى وسقوطها وخسارة معظم أراضيها، وضع الحلفاء الغربيون المنتصرون تصورًا لدولة كردية في معاهدة سيفر عام 1920، لكن واجه الأكراد خيبة الأمل بعد توقيع معاهدة لوزان عام 1923، والتي رسمت الحدود الحالية للجمهورية التركية، الأمر الذي أنهى وجود الأكراد لأكثر من 90 عامًا.

 

استخدام الأكراد كوكلاء في الحروب، بهدف الحصول على دولة مستقلة، لم يكن جديداً في السنوات الأخيرة، فقد باءت جميع محاولات تأسيس الدولة بالفشل، إثر الخداع المستمر من قبل الدول الحليفة، حيث كان الأكراد يحققون نجاحات قصيرة لكنها سرعان ما تختفي، فقد كانت القوى الكبرى، التي يعتقدون أنه يمكنهم الاعتماد عليها، تتخلى عنهم دائمًا.

 

فقد أقيمت "مملكة كردستان" بمدينة السليمانية في كردستان وريفها بقيادة الشيخ محمود الحفيد البرزنجي، ودامت سنتين، حتى تحركت القوات العراقية بدعم جوي وبري من الاستعمار البريطاني وسيطرت على السليمانية وأنهت سيطرة البرزنجي.

 

كما أسست "كردستان الحمراء" في المثلث الأرمني الروسي الأذربيجاني، حيث شكل الأكراد قوة يمكن الاعتماد عليها، لكن هذه الدول الثلاث استخدمت الورقة الكردية لتحقيق مصالحها، ودفع الأذريون الأكراد إلى إعلان جمهورية كردستان الحمراء، التي امتدت من 1923 إلى 1929 في "ناغورنو كاراباخ"، وهي منطقة هامة تقع بين أرمينيا وأذربيجان.

 

تستمر سلسلة الخداع الكردي، في"جمهورية آرارات" التي خاض الأكراد لأجلها سلسلة من المواجهات مع تركيا؛ بدأت بثورة في مناطق جبال آرارات باسم "ثورة آغري" عام 1930، بقيادة إحسان نوري باشا، الذي أعلن مناطق آرارات دولة كردية مستقلة، ليبدأ مع الدولة التركية حرباً شاملة انتهت بسقوط هذه الجمهورية.

 

أمريكا الحليف القوي يتخلى

 

برز دور الأكراد كجزء من المشهد ووكلاء للولايات المتحدة الأمريكية بادية من عام 2015، في حربها ضد تنظيم الدولة "داعش" في سوريا والعراق، وقد نالوا دعمًا كبيرًا شمل السلاح والعتاد والتدريب والمال من قبل الإدارة الأمريكية ومؤسساتها، ولم يكن وضع الأكراد العراقيين معقدًا، إذ إنهم ضمن الغطاء الأمريكي منذ عام 1991، لكن الحال في سوريا مختلف جذريًا، فقد دعمتهم الولايات المتحدة بقوة، وتحديداً قوات "وحدات حماية الشعب" التي تشكّل عصب قوات سوريا الديمقراطية.

 

أتى هذا الدعم في الوقت الذي تعتبر فيه تركيا؛ شريكة واشنطن في حلف الناتو، الوحدات الكردية بأنها لوائح الإرهاب، لاتصالها بحزب العمال الكردستاني التركي الذي تحاربه أنقرة بقوة منذ سنوات، وخاضت معه معارك طاحنة، وترغب بإيقاف مشروعهم في مناطق شمال سوريا، ورغم أن حزب العمال مصنف على لوائح الإرهاب دوليًا، فإن الأمر لا ينطبق على المليشيات الكردية السورية التي نالت دعمًا وفيرًا زمن الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، وخلال فترة الرئيس دونالد ترامب.

 

لكن يوم الاثنين 7 أكتوبر 2019، فجر الرئيس الأمريكي مفاجأة جديدة للوحدات الكردية؛ بإعلانه الانسحاب الأمريكي من مناطق شرقي الفرات شمالي سوريا، والتي تسيطر عليها القوات الكردية، قائلاً: "آن الأوان لخروج أمريكا من تلك الحروب اللا نهائية السخيفة، وسيتعين الآن على تركيا وأوروبا وسوريا وإيران والعراق وروسيا والأكراد تسوية الوضع"،ثم استكمل حديثه قائلاً: "الأكراد حاربوا إلى جانبنا لكننا دفعنا لهم مبالغ ضخمة من المال والمعدات للقيام بذلك".

 

تركيا تستعد للهجوم

 

فيما أعلنت وزارة الدفاع التركية، اليوم الثلاثاء، استكمال الاستعدادات لشن عملية عسكرية في شمال سوريا، وقالت على تويتر في ساعة مبكرة من صباح اليوم "لن تقبل القوات المسلحة التركية أبدًا بتأسيس ممر للإرهاب، وأضافت أنه من المهم لها إقامة منطقة آمنة وممر سلام للمساهمة في استقرار المنطقة وحتى يعيش السوريون حياة آمنة

 

وقال حامي أقصوي المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية الليلة الماضية إن بلاده لها حق أصيل في اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية أمنها القومي في مواجهة تهديدات الإرهاب القادمة من سوريا، وقال في بيان مكتوب "إن تركيا مصممة على تطهير شرقي الفرات من الإرهابيين وحماية أمنها وبقائها في الوقت الذي تقيم فيه منطقة آمنة بهدف تحقيق السلام والاستقرار".

 

في الوقت ذاته، يقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده تعتزم إعادة توطين مليوني لاجئ في شمال سوريا، وذكرت وسائل إعلام تركية أن مسودة خطة إعادة التوطين تشمل مشروعا إنشائيا بتكلفة 151 مليار ليرة ما يعادل 2 مليار دولار، فيما تستضيف تركيا 3.6 مليون لاجئ سوري.